العدسة – جلال إدريس

“البذخ والإسراف” هو سمة أساسية لأغلب الحكام العرب، غير أن عددا من حكام الدول الخليجية، يعرف عنهم دون غيرهم المبالغة في الإسراف والبذخ على أنفسهم وعلى ذويهم، في حين أنهم يقطرون على شعوبهم، ويلزمونهم بخطط تقشفية بالغة الصعوبة بدعوى الإصلاح الاقتصادي.

وبالنظر إلى أصول كثير من الحكام العرب يتبين أنهم أو أجدادهم حين جاءوا للسلطة، لم يكونوا يملكون شيئا، وكانوا مثلهم مثل الكثير من المواطنين في مستوى اقتصادي عادي، لكن عند الوصول إلى كرسي الملك تنقلب الأمور رأسا على عقب، وتظهر حالة من الشراهة لدى الكثير منهم في شراء كل ما هو غالٍ ونفيس.

“عبدالفتاح السيسي، ومحمد بن سلمان، ومحمد بن راشد، وأمراء بالبحرين وآخرين بعمان، ومسؤولون بالأردن”، جميعهم مسؤولون وصفوا بالبذخ الشديد، رغم مطالبتهم بالترشيد المستمر بالنسبة لشعوبهم، إلا أن كثيرا منهم لديه ولع وجنون بالبذخ وحب الإسراف.

“بن سلمان” أكثرهم بذخا

الأمير السعودي محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة، يعد أحد أكثر الأمراء بذخا بين الحكام العرب، خلال الفترة الحالية، حيث إن الرجل لديه نهم بشراء الأشياء النفيسة والغالية، ولو على حساب ثروات بلاده.

المثير في الأمر أن “بن سلمان” الولوع بشراء الأشياء الغالية والنفيسة، يضيق على شعب المملكة بصورة غير مسبوقة، حيث فرض -وللمرة الأولى- على مواطني المملكة ما يعرف بضريبة القيمة المضافة، كما قام برفع الدعم جزئيا عن أسعار الوقود والمحروقات، ويتبنى أيضا خطة تقشفية بالغة الصعوبة.

صحيفة “نيويورك تايمز” ركزت قبل عدة أسابيع على التناقض بين تقشف الأمير السعودي محمد بن سلمان على شعب السعودية، وبين إسرافه على نفسه وبذخه في شراء أشياء بأرقام خرافية.

بذخ “بن سلمان” وصل إلى حد شراء 3 أشياء فقط بمجموع مليار و300 مليون، وكانوا عبارة عن (يخت، ولوحة، ومنزل).

الصحيفة، أوضحت أن المشتري هو ذاته الذي يتبنى سياسة تقشف صارمة في بلاده، ونقلوا عن العضو السابق في المخابرات المركزية الأمريكية بروس ريدل، قوله: إن “الأمير محمد بن سلمان حاول أن يبني لنفسه صورة الإصلاحي المحارب للفساد، لكن تلك الوقائع تضرب تلك الصورة”.

قصر بـ 300 مليون دولار

قصر لويس الرابع عشر الذي اشتراه “بن سلمان” في فرنسا يحتوي على 15 ألف ورقة من الذهب، وأيضا على 10 غرف نوم، وقاعتين للرقص، وغرفة للتأمل، وأحواض سباحة داخلية وخارجية، وملعب إسكواش، وصالة رياضية، ومسرح وسينما وملهى ليلي خاص، وقبو للخمور، وتمثال لويس الرابع عشر المصنوع من رخام الكرارا التركي.

التصميم الذي يرجع طرازه للقرن الـ17، يخفي وراءه تكنولوجيا تعود للقرن الحالي، إذ يمكن التحكم في النوافير ونظام الصوت والأضواء وأجهزة تكييف الهواء الصامتة عن بُعد باستخدام هاتف الآيفون، حتى كيم كارداشيان ارتبط اسمها بالقصر، حين كانت تخطط لإجراء حفل زفافها في كانيي ويست هناك.

يخت بـ 550 مليون

بذخ “بن سلمان” أيضا أوصله لشراء يخت قيمته حوالي 550 مليون دولار، العام الماضي، خلال إجازة “بن سلمان” في جنوب فرنسا، لم تستغرق سوى ساعات أخلى بعدها البائع اليخت في نفس اليوم.

اليخت صُنع في عام 2011، ويصل طول اليخت إلى 440 قدمًا، ويضم حمامات سباحة، و12 غرفة فاخرة، ومنصتين لهبوط الطائرات الهليكوبتر.

لوحة بـ 450 مليونًا

“نيويورك تايمز” الأمريكية، كشفت أيضا عن هوية “المشتري الغامض”، الذي اشترى أغلى لوحة في التاريخ، بثمن حطم السجلات في مزاد للوحات الفنية في نيويورك والعالم، مؤكدة أنه أمير سعودي وصديق مقرب لولي العهد محمد بن سلمان.

وأضافت نفس الصحيفة أنها تمتلك وثائق تؤكد أن مشتري لوحة ليوناردو دايفنشي “سالفاتور موندي” (مخلِّص العالم أو المسيح)، هو الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان آل سعود، الذي لا يعرف عنه الكثير، وينحدر من فرع بعيد من العائلة السعودية الحاكمة، وليس له تاريخ في جمع اللوحات الفنية، ولا حتى مصدر ثراء عظيم.

وفي شهر يوليو الماضي عيّن الملك سلمان الأمير بدر في منصب حاكم هيئة تشكلت حديثا برئاسة الأمير محمد بن سلمان، لتطوير منطقة العلا، التي تحتوي على مواقع أثرية يأمل ولي العهد في أن يحولها إلى مركز لجذب السياح.

“بن راشد” والحمار الإنجليزي

في عام 2014، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن قيام محمد بن راشد، حاكم دبي، بشراء “جحشة” إنجليزية صغيرة، بمبلغ 23 مليون دولار؛ مما أدى إلى سخرية بعض النشطاء .

المغردون اعتبروا أن الخبر إن صح، فإن ذلك يعني أن “بن راشد” قد فقد أهليته للحكم، إذ لا يعقل مطلقا أن يقوم حاكم بدفع  كل تلك الأموال في حمار .

وفي هذا الإطار انتشرت صورة لـ”الحمار” الإنجليزي الذي اشتراه “بن راشد” مقرونه بتغريدة للناشط الخليجي “عبدالله الفيفي” والذي قال: “نبارك لأنفسنا وللأمة الإسلامية بالحصول على هذه “الجحشة” الإنجليزية بـ3 مليون دولار، ونقول للحاقدين: موتوا بغيظكم! 

وجبات مطلية بالذهب لمسؤول إماراتي

مظاهر البذخ لم تتوقف عند الحكام أنفسهم، لكنها امتدت إلى الأمراء والمسؤولين، حيث نشر موقع “ستيب فيد” الناطق بالإنجليزية في فبراير الماضي، صورا لولي عهد دبي حمدان بن محمد بن راشد، وهو يتناول ساندوتشًا من البرجر المقدم في ورق مطلي بالذهب!.

الصور أثارت وقتها جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي, حيث أبدى النشطاء استغرابهم من حالة  البذخ والإسراف والتفاخر التي يمارسها حكام الإمارات.. داعين إلى وضع حد لممارساتهم.

ولفت الموقع وقتها إلى أن تكاليف ساندوتش واحد من البرجر المقدم، لولي عهد “دبي” المطلى بالذهب، يعادل ثمن تذكرة رحلة طيران من دبي إلى الدوحة!.

وكان فيديو تداوله ناشطون أيضا، أظهر طوابير كبيرة من الرجال وهم يحملون هدايا الشيخ ذياب آل نهيان لخطيبته في عيد الحب, الأمر الذي فجر كذلك غضب الشارع الإماراتي والعربي من تلك الممارسات.

بذخ السيسي وادعاؤه الفقر

رغم محاولاته المستمرة لإظهار نفسه زاهدًا غير مُسرف، وأنه أحد أبناء الشعب المصري «الفقير»، وأنه ظل عشر سنوات ثلاجته ليس بها سوى الماء، فإن “عبدالفتاح السيسي” يعد واحدا من أكثر الحكام العرب بذخًا وإسرافًا.

بذخ السيسي وإسرافه ظهر جليا منذ اللحظة الأولى التي وصل فيها إلى سدة الحكم، حيث أنفقت رئاسة الجمهورية المصرية نحو 92 مليون جنيه، تجهيزًا لقصر القبة ومحيطه، وللمحكمة الدستورية ومحيطها، لاستقبال السيسي وضيوفه في حفل التنصيب.

بعد ذلك كانت تكلفة حفل افتتاح التفريعة الجديدة لقناة السويس في أغسطس 2015، والتي وصلت إلى 30 مليون دولار أمريكي، أي ما يُساوي وقتها حوالي 250 مليون جُنيه مصري، وما يُساوي الآن نصف مليار جُنيه، هذا في الوقت الذي تمر فيه البلاد بأزمة في النقد الأجنبي، لكن الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، نفى تحمّل الدولة لتكاليف الافتتاح، مُدعيًا أن رعاة للحفل هم من أنفقوا عليه.

وفي مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي أقيم في مارس2015، تكلّفت تجهيزات المدينة فقط لاستقبال الضيوف نحو 100 مليون جنيه، وفقًا لرئيس مدينة شرم الشيخ، دون أن تُعلن باقي المصروفات على إقامة المؤتمر الذي خرج النظام المصري بعده يُسوّق لقرب قدوم استثمارات بمليارات الدولارات، ولكن حتى يومنا هذا لم تظهر أي بشائر للاستثمارات.

الطائرات والمواكب

أيضا، فإن  المواكب الرئاسية للسيسي تعد إحدى مظاهر البذخ غير المبرر من قبل النظام المصري، وكان من أبرزها الموكب الرئاسي في افتتاح البرلمان المصري في فبراير 2016، ذلك الموكب الذي شاركت نحو 23 دراجة نارية، و20 سيارة، ما أدى إلى غلق الطريق ومنع السير في ميدان التحرير بوسط العاصمة القاهرة لساعات.

مظهر آخر من مظاهر البذخ والإسراف، يتمثل في الطائرات الرئاسية الجديدة التي كشفت عنها صحيفة «لا تريبين» الفرنسية، إذ قالت الصحيفة إن الرئاسة المصرية اشترت أربع طائرات خاصة من طراز «فالكون7 إكس» من شركة داسو الفرنسية، بنحو300 مليون يورو (نحو 338 مليون دولار).