العدسة – معتز أشرف

“كثير من الزيارات وغياب للنتائج واستمرار للتكاليف المالية الباهظة على حساب الميزانية المفتوحة لقِصر الرئاسة الذي كان في عهد خصمه لا يجد ما يقدِّمه لضيوفه”.. هكذا يرى مراقبون زيارات الرئيس المصري المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي والتي استمرَّت بكثافة خلال أيام قلائل وطوال فترة حكمه، ومنها زيارته الأخيرة المفاجئة لسلطنة عمان والإمارات رغم انطلاق الانتخابات الرئاسية التي لا يجد له فيها منافسًا بعد إطاحته بكل المنافسين تقريبًا بآليات مختلفة، وهو ما اعتبره مراقبون هروبًا من الواقع الأليم للدولة المصرية بشو إعلامي في خارج لا يعرف إلا مصالحه.

إحصائيات متناقضة!

في ديسمبر 2017 أعلن الدكتور سيد فليفل، رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، أنَّ الرئيس المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسى منذ توليه الحكم قام بـ 27 زيارة خارجية منها 8 إلى إفريقيا، لافتًا إلى أنَّ عدد الزيارات أكبر مما قام به الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، إلى أفريقيا الذى كان يجبر الرئيس الليبى السابق معمر القذافى على نقل القمة الإفريقية إلى طرابلس حتى لا يسافر إلى الدول الإفريقية جنوب الصحراء.

وفي المقابل أعلنت وكالة “أنباء الشرق الأوسط” الرسمية، في أغسطس 2017 نقلًا عن هيئة الاستعلامات المصرية، أنَّ التحليل الكمِّي لزيارات السيسي الخارجية منذ وصوله لسُدَّة الحكم في الثامن من يونيو عام 2014 كشف عن قيام السيسي  بـ 69 زيارة خارجية، كما عقد 543 اجتماعًا عقدها السيسي مع زوَّار مصر من قادة ومسؤولي دول العالم والمنظمات الدولية.

 

وبحسب إحصائيات شبه رسمية قام السيسي خلال العام الأول من الفترة من 8 يونيو 2014 إلى 7 يونيو 2015، قام الرئيس بعمل 29 زيارة خارجية استطاع خلالها تعزيز العلاقات الثنائية مع العديد من القوى الدولية الشقيقة والصديقة، فيما قام الرئيس السيسي بـ10 زيارات للدول العربية، من بينها «5 زيارات للسعودية»، و9 زيارات لدول أوروبية، و6 زيارات لدول إفريقية و3 لمنظمات دولية عالمية، وزيارة لدولة الصين بقارة آسيا، كما عقد السيسي 238 لقاء مع زعماء ووزراء وبرلمانيين ومسؤولين من أنحاء العالم، خلال زيارتهم لمصر، كما بلغ إجمالي اللقاءات التي عقدها الرئيس مع مسؤولين من الدول الأخرى والمنظمات الدولية، والشركات الكبرى والوفود البرلمانية والعالمية نحو 500 لقاء في عام واحد، وفي العام الثاني من رئاسة مصر، بلغ عدد زيارات الرئيس التي قام بها 17 زيارة خارجية، تنوَّعت ما بين زيارات رسمية ومشاركات في أحداث وقمم عالمية ودولية، وفي العام الثالث بلغت نحو 12 زيارة.

الأرقام بحسب تقرير صادر عن قصر الرئاسة، تقول تقديرات مختلفة، حيث أكدت أنَّه في الفترة من 8 يونيو 2014 حتى 7 يونيو 2015، أجرى الرئيس 29 زيارة خارجية، عزّز خلالها العلاقات الثنائية مع العديد من القوى الدولية الشقيقة والصديقة، بينها 10 زيارات للدول العربية، 5 منها للسعودية، و9 زيارات لدول أوروبية، و6 زيارات لدول إفريقية و3 لمنظمات دولية عالمية، وزيارة إلى الصين، كما عقد 238 لقاءً مع زعماء ووزراء وبرلمانيين ومسؤولين في أنحاء مختلفة من العالم، خلال زيارتهم لمصر، إضافة إلى 500 لقاء مع مسؤولي دول ومنظمات عالمية وشركات كبرى، ووفود برلمانية وعالمية.

تكلفة باهظة

وهكذا، لا أحد تقريبًا يستقر علي إحصائية واحدة، في خطوة تكشف غياب المعلومات والشفافية عن المتابعين، ولكن السؤال يطرح نفسه، كم تكلفت هذه الزيارات، في ظل أعداد كبيرة تشارك السيسي في زياراته الخارجية، لكن بحانب ميزانية الدولة السرية، فإنَّ العديد من الجهات تبنَّت في وقت سابق رعايتها لتمويل هذه الزيارات المكوكية للوفود المصاحبة للسيسي، كان في مقدمتها رجل الأعمال محمد أبو العينين، رئيس مجلس إدارة قنوات صدى البلد وشركة سيراميكا كليوباترا، ورجل الأعمال محمد الأمين، رئيس غرفة صناعة الإعلام، ومحمد فريد خميس، صاحب شركة النساجون الشرقيون، وهو ما تمَّ التأكيد عليه خلال مشاركة السيسي في اجتماعات الأمم المتحدة 2014، حين اصطحب معه كوكبةً من الفنانين والمثقفين والشخصيات العامة، فيما أوضحت النائبة داليا يوسف، وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أنَّ الوفد البرلماني المرافق للرئيس إلى نيويورك، للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحمل جزءًا كبيرًا من نفقات السفر، وتكفلت غرفة صناعة الإعلام بتنظيم الرحلة مع الوكالة السياحية، وتوفير تذاكر السفر فقط إلى النواب المشاركين في الزيارة.

ويري مراقبون أنَّه في الوقت الذي يواجه فيه الشعب أزمات معيشية خانقة، تواصلت زيارات السيسي الخارجية، بدعوى جلب المليارات، إلا أنَّ تلك الزيارات لم تحقِّق فوائد تذكر، بل إنها أضاعت على مصر الكثير من المليارات وسلبتها جزيرتي “تيران وصنافير”، وتسببت في بناء سد النهضة، فضلًا عن تكلفتها، وكشف الكاتب جمال سلطان، رئيس تحرير جريدة “المصريون”، في تغريدة له، أن “السيسي” أكثر حاكم في العالم سافر خارج بلاده، مضيفًا أنه خلال السنوات الثلاثة الماضية، منذ تولِّيه رئاسة البلاد في 8 يونيو 2014، توجه إلى 69 زيارة، بمعدل سفريتين كل شهر، فيما دفعت تلك الإحصائية الناشط المقرب سابقًا من السيسي، د.حازم عبدالعظيم، للتساؤل ساخرًا، عن تكلفة “سفريات السيسي” قائلاً: “ده واضح جدًا إن السيسي بيحب فسحة الطائرة الرئاسية، السؤال: كم هو إجمالي تكلفة هذه السفريات عشان “انتو فقرا قوي” في سخرية من عبارة مشابهة للسيسي، وعبر تغريدة أخرى، تساءل “عبدالعظيم”، عن حقيقة ما يثار حاليًا من أن القوات المسلحة تقوم بتجهيز 3 فيللات لعبدالفتاح السيسي في مراسٍ، وأضاف: “الموضوع منتشر ونرجو أن تنفي الرئاسة هذا الكلام لو غير صحيح”.

الغضب بالمرصاد

كثيرًا ما كانت زيارة السيسي للخارج ما تواجه بالغضب والحصار؛ حيث ينظم خصومه الذين يصفونه بـ”الانقلابي القاتل” العديد من المظاهرات التي تطالب بمحاكمته دوليًّا، وترفض زياراته ومنها ما كان في لندن في أواخر 2015، والتي شهدت اهتمامًا بارزًا دفع الإعلاميين المحسوبين على السيسي إلى وصفها بأنها زيارة فخٌ نُصِب لإهانة قائدهم، ومن المظاهرات البارزة ما نظمه وقتها المئات من أعضاء جمعية مسلمي بريطانيا وتحالف ما يسمى بـ”أوقفوا الحرب” أمام مقر الحكومة البريطانية للتنديد بزيارته، فيما شهد أبريل 2017 تظاهُر عشرات الناشطين والحقوقيين وسط العاصمة الأمريكية واشنطن من أجل الاحتجاج على زيارة  السيسي إلى الولايات المتحدة، ورفع المحتجون شعارات تطالب الإدارة الأمريكية بإعادة دارسة موقفها حيال “انتهاكات النظام المصري لحقوق الإنسان”.

كما لجأ المعارضون للسيسي إلى تنظيم الندوات دائمًا في مواجهة الزيارات الحكومية للمسؤولين المتورطين، ومنها الندوة الدولية التي نظمها “المجلس الثوري المصري” المعارض عشية زيارة السيسي في 2015، حول أوضاع حقوق الإنسان والحريات العامة في مصر، بمشاركة خبراء قانونيين وباحثين في مجال الحريات العامة، وهو ما اعتبره محمد سودان، القيادي المعارض في تصريحات صحفية أنَّه يأتي في سياق الاحتجاج الذي تُنفّذه العديد من المنظمات الحقوقية والنشطاء السياسيون البريطانيون على دعوة السيسي إلى لندن”.

كما يلاحق فريق قانوني دولي يعمل لصالح حزب الحرية والعدالة في مصر، السيسي ومرافقيه في أي زيارة في الخارج، وهو ما تسبَّب في رفض مفتي مصر السابق الشيخ علي جمعة دعوة تلقاها من مؤسسات مصرية في بريطانيا، وذلك خوفًا من الاعتقال لدى وصوله لندن، كما أفلت الفريق محمود حجازي، رئيس أركان الجيش المصري السابق من الاعتقال أثناء تواجده في بريطانيا في منتصف سبتمبر الماضي، أثناء مشاركته في معرض للسلاح في العاصمة البريطانية لندن، بسبب ما قيل وقتها عن “حصانة خاصة” أُعْطِيت له من جهة دبلوماسية داخل الخارجية البريطانية حالت دون اعتقاله، وفي زيارة “السيسي” للندن، نقلت صحيفة ” ميدل إيست أي” عن شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية، أن “السيسي”، لم يرافقه في زيارته إلى لندن أي من الـ43 من الوزراء وكبار المسؤولين المتورطين في مذبحتي ميداني رابعة والنهضة بالقاهرة في شهر  أغسطس من عام 2013، مشيرة إلى أن السيسي يتمتع بالحصانة من المقاضاة والملاحقة القانونية لكونه رئيس الدولة، إلا أنَّ غيره من أعضاء الحكومة والإدارة لا يملكون حق الحصانة ما لم يكونوا قد تقدّموا بطلب للحصول على حصانة “مهمة خاصة” وحصلوا عليها من وزارة الخارجية.

سفر وهروب!

المعارض المصري والنائب السابق محمد العمدة علَّق عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” على السفريات المستمرة  للسيسي، قائلًا: “سفريات السيسي للخارج المستمرة ليست إلا هروبًا من الواقع المصري الداخلي المتدهور والذي يعجز عن التعامل معه”.

وعمليًا لا نتائج علي أرض الواقع من زيارات السيسي الكثيرة، بحسب ما يري مراقبون، بل إن منابر محسوبة علي السيسي نفسه تحدث في تقييمات لخبراء مقربين منها عن فشل الزيارات الخارجية، وتحت عنوان “زيارات الرئيس للخارج.. وعود حاضرة والنتيجة غياب”، أكّد تقرير لموقع مصراوي أن “ما يقوم به السيسي في الخارج من جولات عديدة وزيارات رسمية إلى حضور مؤتمرات دولية، يرافقه الاحتفاء والمبالغة، حيث تغدق وسائل الإعلام مشاهديها بالوعود والإنجازات المنتظر تحقيقها بنهاية الزيارة، حتي بات هذا حال كل مرة يشارك “السيسي” في أي فعالية بالخارج، غير أنَّ النتائج على أرض الواقع لا تنبئ بتغير كبير في النهاية “.

ويري المراقبون أنَّ السيسي عانى لفترة ليست بالقليلة من مقاطعة “رسمية” دولية مما اضطره ونظامه لاتباع إستراتيجية جديدة فى التعامل مع الأطراف الدولية المختلفه، وهي إستراتيجية إبداء الاستعداد لـ “الدفع” من الخزينة المصرية أو التفريط فى الحقوق الوطنية مقابل التقاط صورة مع زعيم هنا أو رئيس هناك، على أمل أن تدعم تلك الصورة شرعيته “المهترئة” أمام الرأي العام العالمي، ورغم كثرة زياراته لم يستطيع تحقيق أمنيته في حظر جماعة الإخوان المسلمين علي المستوى الدولي، ولم يجد دعمًا ماليًا إلا من السعودية والإمارات على وجه التحديد، بينما مصر تترقّب نتائج زياراته بعد ضجيجها ولا تجد طحينًا.