جاءت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وعدوانه الوحشي على المدنيين، لكشف الأنظمة العربية المطبعة مع الاحتلال، ودورهم الخبيث في خيانة دينهم وقوميتهم، بدعمهم الاحتلال سرًا، على حساب الآلاف من أهالي غزة، الذين فقدوا ذويهم ودمرت منازلهم جراء العدوان الغاشم.
كما جاءت الحرب لكشف الأنظمة لشعوبها، التي تحكمهم بالحديد والنار، وكيف لتلك الأنظمة أن تكون وكيلًا للاحتلال تمثل مصالحها، وليس مصالح الشعوب العربية، التي تتوق لنصرة الشعب الفلسطيني.
ظهرت المواقف العربية رسميًا تدين الاحتلال بشكل باهت دون عمل حقيقي لوقفه، بينما كانت سرًا تطالب بالقضاء على المقاومة، بينما كانت الإمارات والبحرين أكثر فجورًا بمواقفها الواضحة منذ أول يوم بإدانة المقاومة خدمة لأبناء عمومتهم من بني صهيون.
الإمارات:
منذ أن قادة الإمارات عدد من الدول العربية للتوقيع على اتفاقية إبراهام التطبيعية مع الاحتلال في سبتمبر عام 2020، كان نظام بن زايد الأكثر انفتاحًا وتسامحًا مع الصهاينة، حتى جاءت عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية في غزة على المستوطنات الإسرائيلية في السابع من أكتوبر من العام الماضي، لتفضح نظام بن زايد وعمالته للاحتلال.
كانت الإمارات أول دولة عربية تعلن بشكل صريح إدانتها لعملية طوفان الاقصى، وذلك من خلال كلمة وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي الإماراتية ريم الهاشمي في مجلس الأمن، التي وصفت هجوم حركة “حماس” على مستوطنات الاحتلال في 7 أكتوبر/تشرين الثاني بـ”البربرية”.
وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، كشفت وسائل إعلام عبرية، أن الإمارات ودولة الاحتلال وقعتا اتفاقا لتشغيل جسر بري، بين ميناءي دبي وحيفا، مرورا بالأراضي السعودية والأردنية، بهدف تجاوز تهديدات الحوثيين بإغلاق الممرات الملاحية، في دعم صريح للاحتلال.
السعودية:
جاءت طوفان الأقصى كالصاعقة على النظام السعودي الذي كان يستعد لإعلان تطبيعه مع إسرائيل، فالبرغم من موقفه الرسمي المدين للاحتلال، إلا أنه كان يطلب سرًا من الاحتلال القضاء على المقاومة في غزة.
كشف الصحفي الأمريكي الصهيوني باراك رافيد، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع مسئولي حكومته، أن أكثر من مسئول أمريكي، أبلغوه خلال الأسابيع الأخيرة، بأن السعوديين يقولون لهم من وراء الأبواب ما لا يقولونه في العلن.
وقال رافيد: “لقد أبلغني أن أكثر من مسئول أمريكي في الأسابيع الأخيرة، بأن السعوديين يقولون لهم من وراء الأبواب إنهم يريدون إسرائيل أن تُنهي على حماس”.
وأضاف: “أما المؤتمرات الصحفية التي يعقدها السعوديون بواشنطن وجولاتهم حوّل العالم فليست إلا ألاعيب للاستهلاك المحلي”.
كما رفضت المملكة إلغاء أنشطتها الترفيهية في الوقت التي كان يذبح فيه أهل غزة بدم بارد، كما أطلقت لجانها الإلكترونية على كل من رفض المشاركة في أنشطتها بسبب الحرب على غزة، وهو مافعلته مع الفنان المصري محمد سلام.
مصر:
منذ انقلاب السيسي على الحكم عام 2013، زادت علاقته بالاحتلال بشكل وثيق، والذي ساعدهم بشكل كبير بالقضاء على الأنفاق وإغراقها بمياه البحر وبناء سور حديد معدني في باطن الأرض، في خطوة زادت من الحصار المفروض على غزة.
وفي الحرب الأخيرة، منعت مصر دخول المساعدات الغذائية لأهل غزة من خلال معبر رفح، المنفذ الوحيد للقطاع على العالم.
في منتصف الشهر الماضي، فجر محامي الدفاع عن دولة الاحتلال الإسرائيلي قنبلة سياسية أمام محكمة العدل الدولية، حين حمل السلطات المصرية، المسؤولية عن نقص دخول المساعدات إلى قطاع غزة.
وقال أحد أعضاء فريق الدفاع عن الاحتلال الإسرائيلي خلال مرافعته، إن مصر هي المسؤولة عن معبر رفح، وبإمكانها إدخال المساعدات، وهي من تتحمل تفاقم الأوضاع في غزة.
وزعم المحامي خلال مرافعته أمام المحكمة أن “إسرائيل لم تمنع دخول المساعدات”، وإن مصر كان بإمكانها إدخال المساعدات إلى غزة من اليوم الأول للحرب.
كما كشفت تقارير إعلامية عربية وغربية، عن تلقي المسئولين المصريين رشًا من أهل غزة، تصل لـ 10 آلاف دولار للفرد، مقابل إدراج أسمائهم في كشوف المغادرين عبر معبر رفح للجانب المصري.
الأردن:
في الوقت الذي يحاول فيها الملك الأردني تصدير نفسه كداعم للشعب الفلسطيني، وحامي الحمى للمسجد الأقصى، كشفت الأحداث الأخيرة عن عمالته وخيانته ودعمه للاحتلال.
حيث أثارت صورٌ نشرتها مصادر عبرية لخضروات أردنية المنشأ في الأسواق الإسرائيلية، موجة من الاستهجان في الشارع الأردني، حيث ظهرت على بعض الأصناف كالخيار والكوسا ملصقات تشير لشركات أردنية محلية، موجودة في العاصمة عمّان ومنطقة الأغوار الحدودية.
ولم يكتفي النظام الأردني بتصدير المنتجات للاحتلال، بل قام باعتقال عشرات المتظاهرين المتضامنين مع غزة.
كل هذا هو غيض من فيض، حيث كان العدوان على غزة بمثابة الكاشف لتلك الأنظمة الديكتاتورية، التي تحكم شعوبها بالحديد والنهار، كانت كاشفة لعمالتهم وجبنهم وإن كان الثمن مقابل ذل غالٍ، وهو دماء أهالي غزة الذكية.
اضف تعليقا