وجه زعيم حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، رسالة خاصة من سجنه، حيث قُرئت أمام ندوة عُقدت في لندن، تناولت فكره السياسي حول الديمقراطية والإسلام.
وعُقدت الندوة بدعوة من مؤسسة قرطبة لحور الحضارات ومركز ميدل إيست مونيتور (ميمو)، تحت عنوان: “إعادة النظر في الدولة الإسلامية والحكم ومشاركة السلطة وسط نظام عالمي متغير، على ضوء الفكر السياسي لراشد الغنوشي”.
وتحدث في الندوة أندرو مارش، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماساشوستس الأمريكية، المتخصص في الفلسفة السياسية والفكر الإسلامي، وأحمد قلول، الوزير التونسي السابق وأحد مستشاري الغنوشي.
وجاء في رسالة الغنوشي التي تلاها قلول مترجمة إلى الإنكليزية: “أنا في السجن اليوم لأني دعوت إلى قيم الديمقراطية الوطنية، وهي جزء من الديمقراطية الكونية للإنسان، ولأن الصراع في تونس هو صراع بين الديمقراطية واللاديمقراطية.
وأضاف: “إن أعداء الديمقراطية يعتمدون الحداثة كقاعدة لإقصاء الخصوم الإسلاميين، ونحن في تونس وجدنا تقريبا بسبب أننا انطلقنا من قيم الإسلام، ولا نجد مبررا لإقصاء من يخالفنا أو من يؤمن بالإسلام برؤية أخرى، لأننا لا نرى أن هناك ناطقا رسميا باسم الإسلام”.
وقال الغنوشي: “أنا في السجن لأن قسما كبيرا من الحداثيين غير ديمقراطيين، هم يدعون إلى ديمقراطية تخصهم، ديمقراطية إقصائية. نحن في نضال من أجل تونس للجميع، ومن أجل ديمقراطية تسع الجميع داخل تونس وخارجها”.
وأكد أن “البلاد محكومة اليوم بثنائية الخير والشر، الحق والباطل، الوطنية والخيانة، هذا هو جوهر انقلاب 25 يوليو (تموز) 2021: احتكار الوطنية واحتكار الإسلام واحتكار الصلاح، لذلك النظام القائم هو في حرب لا هوادة فيها ضد الديمقراطية بكل معانيها، ولا يمكن لهذا المنظور أن يجمع التونسيين، لأن الله خلق الناس مختلفين.. هو نظام يرى الاختلاف نقمة، أما نحن فنراه رحمة”.
ولفت الغنوشي إلى أن “فلسطين فضحت ليس الديمقراطية فقط، وإنما الرؤية القومية للديمقراطية: nation state”.
وقال: “الديمقراطية، كآلية، من أفضل ما أنتج العقل البشري السياسي من آليات للتوافق والوصول إلى تسويات بين المختلفين، وسبيل إلى حسم الخلافات بعيدا عن العنف، ولكن عندما حُشرت وسُجنت في خندق القومية والعرق واللون، تعطلت آلياتها في أكثر من حالة، خاصة أمام الامتحانات الكبيرة مثل امتحان فلسطين”.
ورأى أن “الخلل إذًا ليس في فكرة الديمقراطية، ولكن في فكرة الدولة القومية خارج إطار الأخلاق، ولا إطار للأخلاق خارج إطار “الإنسان خليفة الله في الأرض”، لذلك نحن نطالب بالديمقراطية، ونضيفها لإسلام يخرج من ضيق الإنسان إلى سعة الإنسانية”، كما جاء في رسالة الغنوشي.
وكان مارش قد تناول تطور فكرة الغنوشي عن “الديمقراطية الإسلامية” وصولا إلى “الديمقراطية المسلمة”، خصوصا عبر كتاب “عن الديمقراطية المسلمة” (On Muslim Democracy) الذي شارك فيه شارك مارش في كتابه مع الغنوشي، نشرته جامعة أكسفورد.
وفي هذا السياق، أشار مارش إلى أن الغنوشي أعلن بعد الثورة التونسية خروج حركة النهضة “من الإسلام السياسي”، وتعريفه الحركة بأنها “مسلمون ديمقراطيون”.
كما تطرق مارش إلى كتاب “الحريات العامة في الدولة الإسلامية”، الذي تحدث فيه الغنوشي عن قضايا مثل الديمقراطية والشرعية السياسية والشريعة في الدولة الحديثة.
ومن بين القضايا الإشكالية مبدأ “السيادة لله”، حيث “طور الغنوشي نظرية أكثر عمقا” حول هذ المبدأ.
كما اهتم بآليات الديمقراطية وطريقة وضع الضمانات الأخلاقية لتطبيقها، في حين لا يأخذ كثيرون “الديمقراطية المسلمة” على محمل الجد.
من جهته، أشار قلول إلى أنهم لا يتعاملون مع الغنوشي في السجن كـ”ضحية”، بل “كشخص يؤمن بأفكار ومعتقدات وتمسك بها”. فقد سعى للتأكيد على أن “القيم” قابلة للتطبيق في الديمقراطية، لافتا إلى الغنوشي عمل على بناء جسور مع التراث.
كما تحدث في الندوة معاذ، نجل الغنوشي، الذي دعا المجتمع المسلم في بريطانيا إلى تذكر والده، وكشف ما يتعرض له، وممارسة الضغوط على الحكومة التونسية لإطلاق سراحه.
اقرأ أيضا:
رئيس جبهة الإخلاص التونسية: إطلاق سراح المعتقلين السياسيين شرط لقيام انتخابات رئاسية
اضف تعليقا