العدسة – إبراهيم سمعان

أكد موقع “ديدسبين” الرياضي، أن اهتمام السعودية المفاجئ بالرياضة، يوفر لولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان وأولئك الذين في السلطة، وسيلة مريحة لصرف انتباه المواطن العادي عن إساءة استخدام السلطة.

أشار الموقع، في مقال لكريم زيدان، إلى أن هذا الاهتمام يندرج ضمن حملة رؤية 2030، التي تسعى إلى تصوير البلاد على أنها تقوم بتحديث سريع، لافتا إلى أن تلك الرؤية تم الكشف عنها بعد 3 شهور فقط من قيام العائلة المالكة السعودية بإعدام 47 منشقا بتهم الإرهاب.

وأوضح أن الاستثمار في مجال الرياضة يأتي في حين تقوم المملكة بحملة وحشية في اليمن.

ومضى المقال بقوله: “حتى قرار السماح للنساء بحضور الأحداث الرياضية في الملاعب، والذي تم الاحتفاء به من قبل وسائل الإعلام الغربية، استهدف تقديم صورة سطحية لإسلام تقدمي”.

واعتبر “زيدان” أن قبول النساء في الأحداث الرياضية بمثابة دراسة حالة مضيئة للكيفية التي يحاول بها “بن سلمان” تقديم وجه تقدمي لا يعكس بالضبط ما يجري في بلاده.

وأضاف: “هذه السياسات المختارة تبدو ليبرالية وذات توجه إصلاحي، لكنها أيضًا إجراءات سطحية عاجزة عن التصدي للاضطهاد المنهجي الذي لا زال يواجه المرأة في المملكة”.

وأردف: “ما نخرج به من التغطية المتوهجة للسماح للنساء السعوديات بدخول ملاعب كرة القدم هو وجود 3 ملاعب فقط مخصصة للنساء في المملكة”.

وتابع: “السماح للنساء بقيادة السيارات خطوة تقدمية، لكنها تعني القليل جدا طالما نظام الوصاية ـ الذي يضع النساء تحت رحمة أزواجهن أو أقاربهن الذكور الذين يقررون لهن ما إذا كان مسموحًا بالسفر أو الدراسة في الخارج، أو الحصول على الرعاية الصحية ـ لا زال قائما، وهو كذلك بالفعل”.

ومضى الكاتب يقول: “في عام 2016، حلت السعودية في المرتبة 141 بين 144 دولة في التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين، والسماح للنساء بحضور بعض مباريات كرة القدم وقيادة السيارات لن يحسن وضع البلاد كثيرا، خاصة عندما يبقى تساوي الحقوق وإنهاء نظام الوصاية حلمًا بعيد المنال”.

وأضاف: “تراقب الحكومة السعودية النساء باستخدام نظم إلكترونية تتتبع تحركاتهن عبر الحدود، ما يسمح بإبلاغ الأزواج، إذا غادرت زوجاتهم البلاد، حتى في 2017، وهو العام المفترض لتغيير كبير في المملكة، أعيدت النساء السعوديات الهاربات إلى البلاد قسرًا، من قبل أقاربهن ووضعهن رهن الاعتقال”.

وتابع: “هذه الحقائق لا جدال فيها، ومع ذلك فالمؤسسات الإعلامية الرئيسية، مثل بي بي سي، تواصل تصدير عناوين مثل: (السعودية: كيف تصنع النساء تاريخ كرة القدم)”.

ومضى بقوله: “من الضروري أن نفهم أن الحريات الانتقائية التي منحها الأمير محمد بن سلمان للنساء السعوديات، تعود بالنفع أولا، وقبل كل شيء، على أجندة ولي العهد، أي شيء آخر مكافأة إضافية”.

وأضاف: “قدم “بن سلمان” نفسه كإصلاحي في بلد طالما أكد على تصدير التعاليم المتطرفة، لقد أعلن عن رؤية لإعادة السعودية كبلد للإسلام المعتدل الذي يتسامح مع كل الأديان والعالم، هذا نوع من الخطاب ترغب النخب في سماعه، لكن مرة أخرى لم يقابله عمل مناسب”.

ومضى يقول: “بمجرد صعوده إلى منصب ولي العهد في يونيو 2017، عزز الأمير سلطته باستخدام سلسلة من السياسات لم يسبق لها مثيل في الدولة الخليجية، بدأ هذا باعتقال 11 أميرًا من آل سعود بتهم فساد، وهو تحذير بأن الأمراء السعوديين ليسوا فوق القانون”.

وأضاف: “أتبع الأمير ذلك باعتقالات مثيرة للجدل، بفعل الصراع المتأجج مع النظام الإيراني وتوسيع الحرب في اليمن، التي لا تزال الأمم المتحدة تعتبرها أزمة إنسانية، وموقفه العدواني في السياسات الداخلية والخارجية، فضلا عن موقفه من النزعة المحافظة، يشير إلى أنه متشدد أكثر من كونه إصلاحيًّا”.

ومضى يقول: “مع أخذ ذلك في الاعتبار، فمن السهل أن نرى تأييد “بن سلمان” للتغييرات في قطاع الترفيه، بما في ذلك الضخ الاقتصادي في رياضات متنوعة، وزيادة مشاركة الرياضيات الإناث، باعتباره محاولة لتعزيز صورته في الخارج”.

وتابع: “تدرك الحكومة السعودية الفوائد المحلية والمكانة الدولية التي يمكن أن تجنيها من ثقافة رياضية قوية، وعلى استعداد للذهاب إلى مدى غير مسبوق لنيل هذه الفوائد، القرار بالاستثمار في المنشآت الرياضية يظهر وعي البلاد بفوائد التغيير الاجتماعي الخاضع للسيطرة، وقرار استضافة الأحداث الدولية يبرز اهتمام “بن سلمان” باستخدام الرياضة لتعزيز سمعة البلاد على المستوى الدولي”.

ونوه إلى أن الاستفادة من الرياضة تقليد راسخ في النظم الاستبدادية، موضحا أن ثمة نمطًا واضحًا يحاول بموجبه الحكام القمعيون استغلال الرياضة والرياضيين كقطعٍ على لوحة شطرنج سياسية.

وأوضح أن الرياضة توفر فرصًا للعلاقات العامة، وتحقيق مكاسب سياسية، وأهداف السلطة بشكل ناعم.

وقال “لا يوجد ما يجعل نظاما غير ديمقراطي يبدو تقدميا ومستساغا تماما، مثل ملعب ممتلئ عن آخره بمشجعين يهتفون للرياضيين من كل أنحاء العالم”.

وأشار الكاتب إلى أن روسيا اتبعت هذا النهج من قبل، مضيفًا: “إذا كانت خطط “بن سلمان” لتعزيز الرياضة ستؤتي أكلها، فربما تعد المملكة نفسها قريبًا من بين الدول التي توفر مكانتها الدولية غطاء لدوافعها الاستبدادية التي تشتد الحاجة إليها”.