العدسة – منصور عطية
مفارقة جديدة فضحت الإمارات التي تقود حصار قطر منذ أكثر من 8 أشهر، وكشفت البون الشاسع بين ممارسات أبوظبي في مجال حقوق الإنسان، وبين ممارسات غريمتها الدوحة، استكمالا لسلسلة من السقطات التي شابت دول الحصار في هذا الملف على وجه التحديد.
وواصلت الدوحة تحقيق انتصارات قوية بشهادة دولية، بينما وبنفس الشهادة تسقط أبوظبي في مستنقع الانتهاكات والفظائع.
سقطة وانتصار
تقرير أممي، قال إن القوات التي تسلحها دول التحالف في اليمن، وخاصة الإمارات، تشكل تهديدًا لأمنه واستقراره، ومتورطة في انتهاكات، مضيفًا أن قوات الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والشبوانية، التي تتبع الإمارات العربية المتحدة تقوض الحكومة، ومتورطة في انتهاكات للقانون الدولي الإنساني.
ووفق التقرير، فإن الاستمرار في إنكار دور الإمارات في الانتهاكات باليمن يوفر الحماية للمنتهكين.
يأتي التقرير الأممي في ضوء أزمة اندلعت مؤخرًا في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن بين قوات الشرعية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، والقوات الموالية للإمارات، بعد سيطرة الأخيرة على مناطق عدة.
واتهم رئيس الحكومة اليمنية “أحمد بن دغر”، تلك القوات بتنفيذ انقلاب على الشرعية، من قبل قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات.
في المقابل، حققت الدوحة انتصارًا كبيرًا يضاف إلى سجل من الانتصارات في مضمار حقوق الإنسان، حيث أكدت الدكتورة “بياته رودولف”، رئيسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، دعم التحالف للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر لمواصلة أداء مهامها القانونية.
وأضافت في رسالة خطية إلى الدكتور علي بن صميخ المري، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، أن التحالف يشجع اللجنة على ممارسة ولايتها، وحثّها على مواصلة اتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجة الآثار المترتبة على الأزمة الخليجية في مجال حقوق الإنسان.
والتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، يضم 110 مؤسسة وطنية حقوقية عبر العالم، 78 منها تتمتع بالدرجة “أ” في الأمم المتحدة، ما يدل على امتثالها الكامل لمبادئ باريس للعام 1993.
وثمنت “رودولف” جهود اللجنة الوطنية لرصد انتهاكات دول الحصار منذ بداية الأزمة، مؤكدة دعم التحالف وثقته في مصداقية اللجنة، داعية إياها إلى الاستمرار في جهودها.
محاولات بائسة
وعلى الرغم من كم الانتقادات الدولية الكاشفة لسجل الإمارات الحقوقي، إلا أنها لم تهدأ في محاولاتها الرامية إلى التغلغل والتأثير في أوساط الكيانات الدولية، عبر منظمات غير حكومية، تهدف في المقام الأول والأخير إلى الترويج لسياسات أبوظبي وتشويه صورة دولة قطر، خاصة بعد الأزمة الخليجية.
أحدث تلك المحاولات، ما كشفه المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، في يناير الماضي، حيث قال إن أروقة البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية في بروكسل وستراسبورج، تشهد مؤخرًا تواجدًا نشطًا لأفراد يتحركون باسم منظمات غير حكومية، تعمل بشكل حثيث على استمالة مساعدين لأعضاء في البرلمان الأوروبي، وبعض العاملين في المفوضية الأوروبية، لحثهم على الانخراط بشكل أكبر في تصدير مواقف لصالح الإمارات والسعودية، ومناهضة لدولة قطر.
تقرير المجهر، أوضح أن هذا الحراك الذي عبر عنه بشكل كبير الأسابيع الماضية – خلال السعي لإزالة اسم الإمارات من قائمة الاتحاد الأوروبي السوداء لدول الملاذات الضريبية – قد نجح حتى اللحظة في استمالة بعض المساعدين لعدد من أعضاء البرلمان الأوروبي من دول أوروبا الشرقية، بحسب تقارير إعلامية.
ويبرز من بين الأسماء شخص يدعى “رمضان أبوجزر”، وهو شخصية جدلية عُرفت خلال الأعوام الماضية بلعب دور كبير في تشكيل “الشبكة الدولية للحقوق والتنمية”، وهي شبكة وهمية اتهمت بتبييض الأموال، يرأسها فلسطيني آخر يدعى لؤي ديب.
ويعتبر “أبوجزر” أحد العناصر المحسوبة على حليف الإمارات القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان، وكان سعى خلال الأشهر الماضية، بعد اندلاع الأزمة الخليجية، إلى عقد ندوات والتنسيق لبعض الوفود المصرية والإماراتية لأجل اللقاء بمسؤولين أوروبيين، أو أعضاء في البرلمان الأوروبي.
والاسم الآخر، الذي يسعى للحضور بشكل متواتر إلى أروقة المؤسسات الأوروبية، هو علي النعيمي، الشخصية المحورية في فريق ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، الذي عينه عضوًا في اللجنة التنفيذية التابعة للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي في يونيو 2017، ويدير جامعة الإمارات.
وأسس النعيمي مع اندلاع الأزمة الخليجية “المركز الدولي للتمييز لمكافحة التطرف العنيف “هداية”، وهو مركز دشن بهدف العمل على ربط قطر بالإرهاب، والسعي لدى المحافل الدولية لتقديم تقارير وإفادات، تدفع باتجاه وصم قطر بدولة راعية للإرهاب.
في هذا السياق يبقى اسم الفلسطيني “لؤي ديب”، مساعد “دحلان”، هو الأكثر ارتباطا بالأزمات والفضائح، والذي كان آخرها ما كشفته تقارير إعلامية في نوفمبر الماضي، من إنفاقه 10 ملايين كرونة نرويجية في لعب القمار، سحبها من حساب مكتب الشبكة الدولية للحقوق والتنمية التي يرأسها.
سياسة الكيانات البديلة
هذه السقطات والفضائح لم تمنع الإمارات من محاولة تعويض خسارتها بتأسيس كيانات جديدة وهمية، تواصل بها المعركة بعيدًا عن تلك الوجوه القديمة التي طالتها الفضائح.
آخر تلك المحاولات، كان في نوفمبر الماضي، على يد “عبدالرحمن نوفل”، رئيس ما تسمى بـ”المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا وأوروبا”، والذي أعلن بالتعاون مع الرابطة الخليجية للحقوق والحريات وشخصيات حقوقية عربية، عن تأسيس “الشبكة العربية (الموازية) للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان”.
اللافت، أن الشبكة الموازية لم تتطرق إلى أوضاع حقوق الإنسان المتدهورة في أنحاء الوطن العربي، إنما جعلت شغلها الشاغل، وهمها الأول والأخير، مهاجمة قطر والإساءة إلى سجلها الحقوقي، الذي حقق طفرات متقدمة على مدار شهور الأزمة الخليجية، منذ اندلاعها في يونيو الماضي، وألحق بنظرائه في دول الحصار هزائم مفجعة.
لم تكن تلك الشبكة الموازية أول تجليات الجهود، بل سبقها الإعلان المثير لمؤسسة “ماعت” للسلام والتنمية وحقوق الإنسان المصرية.
المؤسسة دعت، أوائل أكتوبر الماضي، لتأسيس ما أسمته “التحالف الدولى للسلام والتنمية” لمواجهة العنف والإرهاب، على نحو رُجح أن يكون هذا التحالف بجانب الشبكة الموازية للمنظمات الوطنية، بديلًا للمنظمات صاحبة الفشل والفضيحة، في أعقاب اختتام اجتماعات المجلس، والتي استمرت من 11 إلى 30 سبتمبر الماضي.
تلك الفضيحة كشفها تحقيق أجرته “الهيئة المستقلة لمراقبة الأمم المتحدة” داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث أدان وجود “تعبئة وضغط سياسيين تمارسهما الإمارات، عن طريق إغراق المجلس بمعلومات مضللة، والضغط على المقررين الخاصين التابعين لمجلس حقوق الإنسان، في انتهاك صارخ للقوانين المالية والتجارية السويسرية والأوروبية”.
اضف تعليقا