“إيلي كارمون” فى مقال بصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية: من الضروري تغيير القيادة الإسرائيلية استراتيجية في التعامل مع إيران، واستهداف طهران بشكل مباشر بدلا من ضرب لبنان وتدمير بنيتها التحتية، مستشهدا بالاستراتيجية التي اتبعها الرئيس العراقي السابق صدام حسين خلال الحرب التي استمرت 8 سنوات مع إيران، ونجحت في نهاية المطاف فى إجبارها على وقف الحرب.
وإلى نص المقال ..
ينبغي على إسرائيل أن تستهدف المدن الإيرانية، كطهران وغيرها من المدن الكبرى، لأنها الجهة التي يجب أن تدفع ثمن إطلاق حزب الله لصواريخ إيرانية الصنع على إسرائيل.
إن الإستراتيجية التي تروج لها القيادة السياسية والعسكرية إلإسرائيلية فى المواجهة مع إيران وحزب الله فى الشمال، والتهديد بإعادة لبنان إلى العصر الحجري عن طريق التدمير الهائل للبنية التحتية المدنية، والتسبب فى وقوع الكثير من الضحايا بين السكان اللبنانيين، يعد من وجهة نظري أمر خطير وغير فعال.
ومن الواضح، لأي مراقب ، أنه في حالة نشوب حرب فى الشمال، وتنفيذ حزب الله لتهديداته بإطلاق عشرات الالاف من الصواريخ طويلة ومتوسطة وقصيرة المدي على إسرائيل، بما فى ذلك توجيه الصواريخ الدقيقة على الأهداف الاستراتيجية؛ ستكون هناك خسائر بشرية كبيرة وأضرار فى البنية التحتية.
إن الترسانة الضخمة التي تتضمن ما بين 100 ألف إلى 120 ألف صاروخ “سكود”، والتى زودت بها إيران حزب الله على مر السنوات الماضية، لا تهدف إلى حماية لبنان بقدر ما تهدف لردع إسرائيل عن مهاجمة البنية التحتية النووية الإيرانية والسماح لحزب الله بالسيطرة على لبنان.
وبهذا المعني فإن قيادة حزب الله هي جزء من نظام طهران، من الناحية الايدلوجية والاستراتيجية، وأيضا جزء لا يتجزأ من النظام الإيراني فيما يتعلق بالأنشطة العسكرية المنظمة في الخارج، مثل مشاركتها فى الحرب الأهلية السورية، بجانب وتعريض حياة ومصالح الشعب اللبناني عامة والشيعة على وجه الخصوص للخطر.
لذلك فإن العملية العسكرية الإسرائيلية الضخمة التي تهدد بتدمير البنية التحتية فى لبنان وإلحاق الالاف من الضحايا المدنيين لن تستهوي قادة إيران وحزب الله الذين أعلنوا التزامهم بتدمير إسرائيل.
وسيكون “أية الله” مستعد للتضحية بكل مواطن لبناني، ولبنان ذاته كدولة مستقلة، من أجل مصالحها الاستراتيجية العليا، ولن يتردد زعيم حزب الله حسن نصر الله فى تنفيذ ما تمليه عليه إيران من أوامر.
كما أن تدمير لبنان من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي سوف يسبب الكراهية ضد إسرائيل لأجيال، ليس فقط بين الطائفة الشيعية، ولكن بين السنة والمسيحيين والدروز، الذين بدورهم يستطيعيون فى بعض السيناريوهات أن يغيروا توازن القوي فى مقابل سيطرة حزب الله على لبنان.
ولاشك أيضا أن المجتمع الدولي، لن يقبل بهذه السياسية الإسرائيلية، وسوف يضغط على تل أبيب لإنهاء الحملة العسكرية بسرعة، والتي ربما تكون حملة صعبة ومعقدة على أي حال، قبل أن ينجح الجيش الإسرائيلي في تحقيق انتصار حاسم وانجازات كبيرة على أرض الواقع خلال الحملة.
وبعد وقف إطلاق النار، سيؤدي الضغط العام والسياسي حال تنفيذ ما تعتزم القيادة السياسية بتدمير لبنان إلى إدانة إسرائيل على انتهاكات حقوق الإنسان الدولي وارتكاب مذابح إبادة جماعة، ومن ثم عزلها دوليا.
لذلك يجب على إسرائيل أن تردع إيران، إن لم تمنع تماما الحرب فى الشمال، على الاقل لمنع السيناريو الكابوس بإطلاق آلاف الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية.
ويتعين على إسرائيل أن تستهدف المدن الإيرانية طهران وغيرها من المدن الكبرى، التي يجب أن تدفع ثمن إطلاق حزب الله الصورايخ الإيرانية على اسرائيل، ويجب أن يصاحب التهديد العسكري حملة عامة واسعة النطاق تجاه الشعب الإيراني لإقناع بجنون سياسة قادتهم التي تهدد أمنهم.
وهناك مثال تاريخي يدعم هذا النهج الاستراتيجي، فأية الله الخوميني أول مرشد للجمهورية الايرانية، قرر إنهاء الحرب الدموية التي دامت ثمانية أعوام مع العراق فى 1988، فقط بعد فشل الهجمات، فى ظل الاقتصاد المتداعي، وحملة الـ520 صاروخ سكود التي أطلقت على طهران، مما أدي إلى سقوط العديد من الضحايا ودفع 30% من السكان للتخلي عن تواجدهم فى العاصمة.
وأعلن الخوميني فى ذلك الحين، قبول وقف إطلاق النار على العراق، وقال إن قبول وقف أطلق النار هذا أكثر مرارة من السم بالنسبة له.
الإيرانيون حساسون جدا فيما يتعلق بتكبدهم إصابات وخسائر حتى بين قواتهم المتمركزة فى سوريا وخاصة الحرس الثوري، وبالتالي يفضلون تجنيد وتمويل وإيفاد عشرات الالاف من المليشيات الشعية.
من المهم أيضا أن نلاحظ أن أعمال الاحتجاجات الشعبية التي وقعت فى يناير 2018 فى إيران وقعت على خلفية الوضع الاقتصادي الصعب فى البلاد، ودعوات المتظاهرين لوقف المساعدات الحربية إلى سوريا وحزب الله والحوثيين فى اليمن.
ومن بين السياسيين الإسرائيليين، أعرب وزير التربية نفتالي بينين موخرا تأييده للقتل المستمر ضد قوات الحرس الثوري الإيراني وإيراني، رأس الاخطبوط، من أجل الحد من احتمالات الحرب، وتقصير مدة الحملة إذا فرض علينا الأمر ، وانقاذا للأرواح.
إن الأحداث العسكرية المتوترة التي وقعت فى الأيام الماضية فى الشمال بعد إسقاط طائرة استطلاع متسللة، فى المجال الجوي الاسرائيلي، تعزز فقط الحاجة إلى تغيير استراتيجية اسرائيل ضد التهديد الإيراني.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإسرائيلية عملت بشكل جيد خلال العامين الماضيني فى تحديد خطوطها الحمراء ضد تسلل إيران إلى سوريا ولبنان، وقد أوضحت نيتها وعزمها للقوي العظمي على المواجهة مع إيران، وعلى رأس هذه القوي روسيا.
اضف تعليقا