قال محللون إن الزيارة الوشيكة لمستشار الأمن القومي في البيت الأبيض للسعودية الأسبوع الجاري تحمل في طياته اللمسات الأخيرة لصفقة التطبيع السعودية الإسرائيلية المرتقبة، خاصة وأن بايدن بحاجة لهذه الاتفاقية ليضمن دعم اللوبي الصهيوني خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ويسافر مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان إلى المملكة العربية السعودية للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يوم الخميس للحديث حول عدة قضايا في المنطقة، وحسب مصادر خاصة فإن أجندة الاجتماعات تشتمل على الحديث حول صفقة ضخمة ستغير الحسابات في المنطقة، مشيرين إلى أن الصفقة المقصودة تشمل التطبيع السعودي مع إسرائيل.

ومع استمرار الحرب في غزة وقبل سبعة أشهر فقط من موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يعترف مسؤولو البيت الأبيض بأن هناك فرصة ضئيلة للتوصل إلى اتفاقية التطبيع التي يسمونها “اتفاقية السلام التاريخية”، لكن رحلة سوليفان تُظهر أن بايدن لا يزال مصمماً على متابعتها.

من ناحية أخرى وخلف الكواليس، يواصل البيت الأبيض العمل على صياغة معاهدة دفاعية أمريكية سعودية وتفاهمات تتعلق بالدعم الأمريكي لبرنامج نووي مدني سعودي، وفقًا لأربعة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين.

ويأمل المسؤولون الأمريكيون في التوصل إلى اتفاق ثنائي مع السعوديين ومن ثم عرضه على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يتضمن جانبه من الاتفاق الالتزام بمسار يؤدي إلى حل الدولتين، وفي حال وافق نتنياهو فإنه يضمن توقيع صفقة تطبيع مع السعودية، وفي حال رفض سيكون أمام خطر خسارة الدعم الأمريكي، إذ يحاول بايدن الحفاظ على التحالف السعودي، وفي نفس الوقت يحاول أن يهدأ الرأي العام الأمريكي الذي بدأ يخسره بسبب الدعم اللامتناهي لإسرائيل.

وفي حين التزمت السفارة السعودية في واشنطن بالصمت هي والبيت الأبيض الذين رفضا التعليق، قال مسؤول إسرائيلي كبير في تصريح خاص لموقع Axios حول هذه الصفقة، “لقد كان هناك الكثير من التقدم في المحادثات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية حول مسودة معاهدة الدفاع الخاصة بهم… إنهم يريدون أن يكون الجانب الخاص بهم من الصفقة جاهزًا ثم يضعونه على طاولتنا ويقولون: وقعوا عليها”.

الجدير بالذكر أنه خلال الأسبوع الماضي، أوضح بايدن أنه لا يزال يعتقد أن صفقة التطبيع السعودية الإسرائيلية قابلة للتحقيق، على الرغم من خروج المحادثات عن مسارها بسبب هجمات 7 أكتوبر والعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة.

وقال بايدن في حفل لجمع التبرعات في نيويورك مع الرئيسين السابقين أوباما وكلينتون الأسبوع الماضي: “لن أخوض في التفاصيل الآن… لكن انظروا، لقد كنت أعمل مع السعوديين.. إنهم مستعدون للاعتراف الكامل بإسرائيل””، وأضاف “لكن… يجب أن تكون هناك خطة في غزة لما بعد الحرب، ويجب أن يكون هناك مسار لحل الدولتين… ليس بالضرورة أن يحدث هذا اليوم، لكن هناك تقدما… أعتقد أننا نستطيع القيام بذلك”.

في سياق متصل، سيسافر ثلاثة مسؤولين إلى المملكة العربية السعودية قبل سوليفان لعقد اجتماعات يوم الأربعاء: قيصر البيت الأبيض في الشرق الأوسط بريت ماكغورك، وكبير مستشاري الطاقة عاموس هوشستين، ومستشار وزارة الخارجية ديريك شوليت.

من ناحية أخرى، يعتقد الكثيرون في البيت الأبيض أن الصفقة السعودية الضخمة ما هي إلا حلم بعيد المنال، مشيرين إلى الحرب في غزة، واعتماد نتنياهو على شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف، والسياسة الداخلية الأمريكية.

كما أوضح السعوديون أنه من أجل المضي قدمًا في التطبيع مع إسرائيل، يجب أن تنتهي الحرب في غزة ويجب على الحكومة الإسرائيلية الالتزام بمسار لا رجعة فيه لتحقيق حل الدولتين.

ولا يبدو أن نتنياهو يتجه نحو إنهاء الحرب، إنه لا يعارض حل الدولتين فحسب، بل يرفض مجرد فكرة السماح للسلطة الفلسطينية بأن يكون لها دور في حكم غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب.

في سياق متصل، يقول محللون إنه حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، فسيتعين على مجلس الشيوخ التصديق على معاهدة الدفاع مع المملكة العربية السعودية وربما التفاهمات النووية.

وسيكون هذا أقرب إلى المستحيل في ظل المناخ السياسي الحالي في واشنطن، ومن غير الواضح ما إذا كان عدد كافٍ من الديمقراطيين سيدعمون الصفقة التي سيُنظر إليها على أنها فوز لكل من محمد بن سلمان ونتنياهو.

على الجانب الآخر، قال السيناتور ليندسي جراهام (الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا) للبيت الأبيض إنه يستطيع إقناع معظم الجمهوريين في مجلس الشيوخ بالتصويت لصالحه. لكن الرئيس السابق ترامب قد يتدخل لمنع الجمهوريين من منح بايدن الفوز قبل الانتخابات.

  

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا