يبدو أن الشرق الأوسط على بعد خطوة من حرب عسكرية كبيرة في سوريا تجر إليها أطرافًا كثيرة، وكأن بلاد الشام ينقصها تدمير وخراب! وقد كان الاشتباك الأخير بين إسرائيل وإيران جرس إنذار على أن هذه الحرب على مرمى حجر.

بدأ الاشتباك عندما توغلت طائرة إيرانية بدون طيار من وسط سوريا إلى المجال الجوي الإسرائيلي وتم إسقاطها، وردت إسرائيل بهجوم جوي ضد قاعدة تياس الجوية في وسط سوريا، وهي منشأة تسيطر على الطائرات بدون طيار، وتم إسقاط طائرة إسرائيلية “إف- 16” خلال الهجوم، كان انتقام إسرائيل سريعا وشديدا؛ حيث أطلقت موجتين من الضربات، وضربت القواعد الجوية السورية، ووحدات الدفاع الجوي، ومنشآت القيادة والسيطرة، وأهدافًا إيرانية.

اعتبر المراقبون والصحافة الغربية أن هذا التصعيد بمثابة تجاوز لكل الخطوط الحمراء بين الجمهورية الإسلامية والدولة العبرية اللتين اعتادتا على الاشتباك عبر وكلاء، دون محاولة الصدام المباشر، وأشار هؤلاء المراقبون إلى أن إسرائيل تعكف حاليا على تجهيز سيناريوهات الحرب ضد الجمهورية الإسلامية.

تقول صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، إن الحادث ينبئ بخطورة ما هو قادم، لأنه يدل على موطئ قدم إيران المتنامي في المسرح السوري، وهو تطور تعارضه الدولة العبرية، وتعهدت بمنعه بأي ثمن، بينما تشعر طهران بجرأة كافية لاستخدم قوتها ضد إسرائيل.

وأشارت إلى أن الحادث يمثل تحولا إستراتيجيا بحسب يفتاه شابير، الرئيس السابق لمشروع التوازن العسكري في معهد إسرائيل للدراسات الأمنية الوطنية، الذي اعتبر أن إيران تورطت بشكل صريح ضد إسرائيل، بينما كان ذلك يحدث في السابق من خلال وكلائها.

واعتبرت الصحيفة الإسرائيلية أنه في حين أن الحادث من غير المحتمل أن يتسبب في تغيير إستراتيجي في حسابات تل أبيب، إلا أنه من المحتمل أن يقوم الجيش الإسرائيلي بنقل المعركة إلى قلب إيران.

ونوهت الصحيفة باتفاق الخبراء إلى أن القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية خارج النقاش.

ونقلت عن داني ياتوم، رئيس الموساد السابق، قوله إنه ينبغي لإسرائيل النظر في كل الاحتمالات بما فيها استهداف إيران مباشرة، لكن كجزء من إستراتيجية كبيرة، كما لا ينبغي استبعاد احتمال أن تستخدم وكلاء، كالاعتماد على منظمة “مجاهدي خلق”.

كما لفتت إلى أن إسرائيل قد تقوم بعمليات كبيرة في سوريا ولبنان، ونقلت عن “ياتوم”، قوله: “يبدو أن الوضع سيتدهور تماما، ما لم يكن هناك جهد دولي متسق لدفع الإيرانيين إلى خارج سوريا ووضع مزيد من القيود على حزب الله”.

أما الكاتب الأمريكي ريتشارد سي بافا، الباحث في شؤون الدفاع بمؤسسة “راند” الأمريكية، فقد أكد أن إسرائيل تستعد لمواجهة مع إيران وحزب الله اللبناني، وأضاف في مقال بمجلة “نيوزويك” الأمريكية أن الاشتباكات العسكرية الأخيرة بين إسرائيل والقوات الإيرانية والسورية تزيد من احتمالات سوء التقدير وتصعيد العمل العسكري في المنطقة.

واعتبر “بافا” أن ما يؤرق إسرائيل احتمال وجود عسكري إيراني دائم في سوريا، ونقل أسلحة متقدمة إلى حزب الله اللبناني، وهو ما تراه إسرائيل خطا أحمر، لافتا إلى أن ما حدث الأيام الأخيرة تصعيد كبير في الصراع بين طهران وتل أبيب.

وتابع: “إذا اندلعت حرب بين إسرائيل من جهة وإيران وحزب الله من جهة أخرى، فمن المؤكد أنها ستكون أوسع نطاقا بكثير وأشد تدميرًا من حرب 2006، وحزب الله لديه قدرات صاروخية أكبر بكثير من ذي قبل، بل وأبعد مدى، ويمكنها ضرب العمق الإسرائيلي”.

وحذر من أن حربًا في مثل هذه الظروف ستكون خلافا لما حدث في 2006، ولن تقتصر على لبنان وإسرائيل؛ نظرًا لوجود إيران وحزب الله في سوريا، موضحًا أن الهجمات الإسرائيلية ستشتمل على أهداف في سوريا.

وأشار إلى أن وجود القوات الروسية والأمريكية بالقرب من هذا الصدام يخاطر بتوسيع هذا الصراع، قائلا: “قد تطلب إسرائيل رسميًّا مساعدة عسكرية أمريكية في حال طالتها صواريخ حزب الله، ما قد يتسبب في احتكاك القوات الأمريكية بالقوات الإيرانية والروسية”.