العدسة – إبراهيم سمعان
العديد من المرتزقة الروس الذين يعملون بموجب عقد مع دمشق، هم من بين مئات المقاتلين المؤيدين لرئيس النظام السوري بشار الأسد، والذين كانوا هدفا لغارة بالقنابل في منطقة دير الزور مؤخرا، أسفرت عن مقتل العشرات منهم، فمن هم هؤلاء المرتزقة الروس؟ وكم عددهم؟ وما هي مهمتهم؟ ومن يديرهم؟ وكم سقط منهم في الفترة الأخيرة؟
الصحف الفرنسية ومن بينها “لوموند” و”لوفيجارو”، حاولت الإجابة عن هذه الأسئلة، مسلطة الضوء على هؤلاء المرتزقة، بعد أن خرجت موسكو أخيرا عن صمتها واعترفت بأن “خمسة من مواطنيها على الأقل” قتلوا في “اشتباكات مسلحة” في سوريا، رغم تأكيد العديد من وسائل الإعلام أن العدد أكثر من ذلك بكثير.
وقالت “لوموند”: في حين ارتفع عدد الروس الذين قتلوا بسبب الضربات الأمريكية إلى ما لا يقل عن 100 منذ 7 فبراير، لازال الكرملين يميل إلى الحد من وفاة هؤلاء المرتزقة، الذين تجندهم شركات خاصة تعمل على الأراضي السورية.
وأوضحت إيزابيل ماندرو،مراسلة الصحيفة بالعاصمة موسكو، أن هؤلاء المرتزقة الذين قتلوا ليلة 8 فبراير الجاري في غارات شنتها مقاتلات أمريكية على منطقة دير الزور، أثاروا جدلا واسعا في موسكو، حيث اعتبرت هذه المواجهات الأكثر خطورة بين الولايات المتحدة وروسيا، منذ انتهاء الحرب الباردة بينهما.
الهجوم وقع في حوالي الساعة 11 مساء، عندما تجمع عدة وحدات مؤيدة للأسد، في قرية خشام (على بعد حوالي ثمانية كيلومترات من نهر الفرات) يدعمهم الدبابات والمدفعية، لمهاجمة مصنع “كونيكو”، عندما شن التحالف بقيادة الولايات المتحدة غارات وقصفهم.
هذه الضربات “الدفاعية”، أكدتها وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”على الفور، وذكرت أن عدد القتلى نحو “مائة” إضافة إلى 300 – 400 جريح، غير أنه قال إنه لا يستطيع تأكيد ما إذا كان الروس ضمن الوحدات المستهدفة.
وفقا “لماندرو”، فإن هؤلاء المرتزقة كانوا بين مقاتلين موالين للنظام، أثناء زحفهم باتجاه منشآت نفطية يسيطر عليها الميليشيات الكردية الحليفة لواشنطن، ولم تؤكد السلطات الروسية مقتل عدد من مواطنيها، إلا بعد مرور أيام على المواجهات.
من جهتها، ذكرت “لوفيجارو” أيضا أنه في نهاية الأسبوع الماضي، دمرت طائرة أمريكية بدون طيار دبابة روسية في هجوم ضد القوات السورية الموالية للحكومة، ونقلت عن “المرصد السوري لحقوق الإنسان” مقتل ما لا يقل عن خمسة عشر روسيا قبل بضعة أيام، في انفجار لم تعرف أسبابه بمستودع أسلحة تابع لشركة روسية خاصة في محافظة دير الزور.
وفي الوقت الذي لم تعترف فيه وزارة الخارجية الروسية إلا بمقتل خمسة أشخاص من مواطنيها فقط، كشفت “لوموند” عن تسجيل صوتي لرجل قدم نفسه على أنه أحد المرتزقة الروس الذين شاركوا بالمعركة، قال فيه: “كنا 700 رجل نزحف استعدادا للهجوم، حين بدأت غارات ذكرتنا بما جرى في جروزني عام 1994″، في إشارة إلى عاصمة الشيشان، خلال الحرب الروسية الأولى.
وقد أعلن “جريجورييا فليسني”، المرشح الرئاسي للحزب الليبرالي “يابلوكو”، أن رفض “السلطات الروسية الاعتراف بقتلاها، يذكرنا بالوضع في الشيشان ودونباس”.
هذا وقد نشرت مواقع التواصل الاجتماعي أسماء وصور مرتزقة روس سقطوا في سوريا، لكن لم يعرف عددهم الحقيقي حتى الآن، وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإن هؤلاء المرتزقة المتواجدين بين القوات السورية الموالية للنظام، والتي أغار عليها الطيران الأمريكي، هم أعضاء سابقون في شركة “بي دابليو سي فاجنر” الأمنية، وانضموا فيما بعد إلى “يوروبوليس”، وهي شركة جديدة متعاقدة مع نظام الأسد لاستعادة ومراقبة المنشآت النفطية.
ويشار إلى أن “بي دابليو سي فاجنر”، هي شركة مملوكة لـ “يفجينيبريجوزين”، وهو رجل أعمال مقرب من السلطة، وأيضا يملك وكالة أبحاث للإنترنت، والمعروف بمساندتها للكرملين بمجموعة من الحسابات الوهمية على الشبكات الاجتماعية والمنتديات، ووفقا لصحيفة “كومرسانت”، تم نشر 600 روسي في سوريا من قبل هذه الشركة.
وقد أعلن وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف”، يوم الأربعاء الماضي، أن وضع المجموعات شبه العسكرية سيناقش قريبا في مجلس الدوما، حتى يكون المرتزقة “محميين قانونيا”.
اضف تعليقا