العدسة – باسم الشجاعي
يبدو أنَّ كبير المفاوضين، والقيادي في حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، “صائب عريقات”، امتثل لنصيحة أحد الشباب الذي طالبه بزراعة “لسان جديد” بدلًا من مواصلة خداع الفلسطينيين طوال السنوات الماضية، ولكن من الواضح أنَّ الأمر فيه مآرب أخرى.
فقد قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية “صائب عريقات”، في مقابلة أجرتها معه القناة الثانية العبرية، وترجمها موقع “صفا” الإخباري-: “سأقول أمورًا قد تغضب الرئيس الفلسطيني “محمود عباس”.. أنا أعتقد أنَّ الرئيس الحقيقي للشعب الفلسطيني هو وزير الجيش الإسرائيلي “أفيغدور ليبرمان”، أما رئيس الوزراء الفلسطيني فهو المنسِّق “بولي مردخاي”.
وعلى سبيل المثال في هذا الصدد ذكر كبير المفاوضين الفلسطينيين أنَّ الرئيس الفلسطيني “محمود عباس”، (أبو مازن) “لا يمكنه التحرك من رام الله دون إذن من مردخاي وليبرمان”.
وفيما يتعلّق بـ”حل الدولتين”، قال “عريقات”: إن “الشارع الفلسطيني بدأ يكفر بهذه الفكرة؛ لأنه يراها غير واقعية في ضوء تنامي الاستيطان”.
وفي حديث قد يعكس عدم قناعة الرجل بجدوى مسيرة السلام مع “إسرائيل”، رغم أنَّه أحد أركانها، تحدث “عريقات” عن أنَّ أحد الشبان طالبه قبيل إجرائه عملية زراعة رئة قبل أشهر في الولايات المتحدة بعمل “زراعة لسان جديد بدلًا من مواصلة خداع الفلسطينيين طوال هذه السنوات”، مشيرًا إلى أنّه “بات مقتنعًا بهذه الفكرة”.
هل يستعد “عريقات” لخلافة “عباس”؟
تصريحات “عريقات” التي تهاجم “عباس”، ليست الأولى من نوعها، ولكنها تأتِي في توقيت “حساس” بالنسبة للأخير؛ حيث إنَّ المنطقة وخاصة فلسطين، تشهد حالة من الغليان، منذ أكثر من شهرين، بسبب المظاهرات الاحتجاجية على قرار الولايات المتحدة، في 6 ديسمبر 2017، باعتبار القدس (بشقيها الشرقي والغربي) عاصمة لـ”إسرائيل”، والتي تعتبر أولى خطوات صفقة القرن التي يرعاها الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”؛ حيث ستطرح في أبريل المقبل (بحسب تقديرات سياسية وإعلامية).
وفيما يخص هذه الصفقة، فقد كشف عنها أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس دائرة شؤون المفاوضات، “صائب عريقات”، في تقرير سياسي- يتألف من 92 صفحة- قدّمه إلى اجتماع المجلس المركزي الذي عقد يناير الماضي، تفاصيلها، وذلك بحسب ما نشره موقع جريدة “الحياة” اللندنية.
ويبدو أنَّ الهجوم الذي يصحب تصريحات “عريقات”- الذي يمسك ملف المفاوضات مع إسرائيل منذ ما يزيد على عقدين- دائمًا، فيها مآرب أخرى.
فيرى البعض أنَّ “عريقات” يسعى لتقديم نفسه بديلًا عن “عباس” وخاصة بعد التقارير المتواترة التي تتحدث من حين لآخر عن الإطاحة برئيس السلطة الفلسطينية، فضلًا عن احتمالية إجراء انتخابات رئاسية الفترة المقبلة بعد إتمام المصالحة بين فتح وحماس التي ترعاها المخابرات العامة المصرية حاليًا.
ففي نوفمبر الماضي، تحدثت تقارير إعلامية عن أنَّ ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، خيّر الرئيس الفلسطيني بين قبول “خطة السلام التي وضعها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي، أو الإطاحة به من منصب رئاسة السلطة الفلسطينية؛ جاء ذلك خلال زيارة “عباس”، للرياض بشكل مفاجئ في ذات الشهر، عقب مشاركته في أعمال “منتدى شباب العالم”، المقام في مدينة شرم الشيخ المصرية.
خطاب إنقاذ
مع الهجمة التي شنها “عريقات”، على “عباس”، يبدو أن أمامه فرصة للردّ؛ حيث من المقرّر أن يلقي الرئيس الفلسطيني “أبومازن”، كلمة استثنائية، اليوم “الثلاثاء” 20 فبراير، في مجلس الأمن الدولي، لحثّ العالم على مواجهة قرار أمريكا الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، ووضع إطار أوسع لمفاوضات السلام مع تل أبيب دون تفرد واشنطن بدور الوساطة، ومن المتوقع أن يردّ ضمنيًا على تصريحات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وبحسب المتحدث باسم الرئاسة “نبيل أبو ردينة”، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الفلسطينية أنّ “القدس ستكون في جوهر الخطاب الذي وصفه بالهام، وبأنّه سيحدد مرحلة جديدة للصراع ورؤيا شاملة للسلام مع “إسرائيل”.
ومن المتوقع أن يشهد مجلس الأمن مواجهة يشوبها التوتر بين الجانب الفلسطيني والسفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، بعد أسابيع فقط من شنها هجومًا لاذعًا على عباس الذي اتهمته بعدم امتلاك الجرأة الكافية لصنع السلام.
ويأتِي خطاب “عباس” أمام المجلس في وقت تحضر فيه إدارة “ترامب” خطة سلام جديدة رغم أنّ فرص التوصل إلى اتفاق تبدو ضئيلة.
ماذا عن “حماس” والمصالحة؟
من المؤكّد أنّ تصريحات “عريقات”، بشأن “عباس”، سيكون لها مردود إيجابي، لدى حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، أكبر الحركات السياسية على الساحة الفلسطينية، ولكنّها ستتحفظ على إعلان ذلك، خاصة وأنّ المتابع للوضع هناك يعلم أن تاريخ العلاقات بين الحركة والرئيس الفلسطيني ليس على ما يرام.
فقد سبق أن غازل أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية “صائب عريقات”، “حماس” في نهاية العام الماضي، على غير العادة؛ حيث أكَّد أن حركة “حماس” ليست “إرهابية”، وتمارس حق الشعب المشروع في الدفاع عن نفسه ضد جرائم الحرب التي ترتكبها سلطة الاحتلال، من خلال احتلال مستمر منذ خمسة عقود”.
كما رفض قرار وزارة المالية الأمريكية إدراج رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، “إسماعيل هنية” على قائمة الإرهاب.
ليس هذا وحسب، فقد أكّد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، “أسامة حمدان”، بالتزامن مع تصريحات “عريقات”، أنَّ الحركة قدمت كلَّ ما من شأنه أن يحقق المصالحة، وهذا بشهادة الجانب المصري، لكن مع الأسف أنَّ حسابات محمود عباس مازالت تعطل المصالحة”.
“حمدان”، أعرب أيضًا في تصريحات لموقع “قدس برس”، “الاثنين” 19 فبراير، عن أسفه لموقف السلطة الفلسطينية؛ حيث أشار إلى أنه كان أدنى مما هو متوقع في مثل هذه الحالات، لا سيما بعد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال.
اضف تعليقا