العدسة – إبراهيم سمعان

ركزت صحيفة “تليجراف” البريطانية، الضوء على الكارثة الإنسانية التي يواجهها سكان الغوطة الشرقية، جراء القصف المتواصل من قبل النظام السوري، للسيطرة على المنطقة التي تعد آخر معاقل المعارضة، ومحاصرٌ فيها أكثر 400 ألف شخص.

وإلى نص التقرير ..

تجمع العشرات من السوريين أمام مدافن مؤقتة في مدينة دوما، بحي الغوطة الشرقية؛ لأداء صلاة الجنازة على 7 ضحايا، قتلوا خلال قصف جوي للطائرات التابعة للنظام السوري، استهدف منطقة الغوطة في الصباح.

 

 

 

 

وكالعادة قام المشيعون بفصل الجثث لدفنها، وكانت لثلاثة أطفال، وثلاثة فتيان، ورجل مسن، وعندما بدأ الحاضرون في دفن الجثث، إذا بطائرة نفاثة تحلق فوقهم وتطلق صاروخا على المحتشدين لتشييع الجنازة.

من هول المفاجأة قفز أهل المتوفَّين وأصدقاؤهم إلى القبر المفتوح لتجنب القصف المميت، وبعد أن أزيح غبار القصف، وجدوا أن 11 شخصًا من المتواجدين لتشييع الجثامين قد قتلوا، ليصبح عدد المتوفَّين 18 قتيلا.

وقال أبو عبدالرحمن، وهو أب الثلاثة الذين قتلوا خلال الغارة الجوية: “ليس لدينا وقت للدفن بالطريقة المناسبة عن طريق حفر القبر وتكريم الميت، فقط نؤدي صلاة جنازة سريعة ثم نعود”.

لا أحد يعرف كم عدد الناس الذين دفنوا في تلك المقابر الجماعية، أو الذين قضوا تحت أنقاض منازلهم، بآخر هجمات بشار الأسد على الغوطة، التي تعد أخر معاقل المعارضة القريبة من دمشق.

ووفقا للسكان المحليين، فإن الطيارين السوريين وأطقم المدفعية، لا يزالون يعملون بشكل متواصل بعد أربعة أيام من الهجمات التي لا هوادة فيها، مشيرين إلى أن الطيارين عادة ما يبدءون عمليات القصف في حوالي الساعة السادسة صباحا، ويعلقون القصف في منتصف الليل، لمنح 400 ألف شخص مدني محاصر في الغوطة الشرقية بعض ساعات من الاستراحة من الهجمات.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن ما لا يقل عن 310 شخصًا قتلوا منذ الأحد، وأصيب أكثر من 1550 آخرين، بينهم عشرات القتلى من الأطفال.

 

 

 

 

وتحدث أحد السكان المحليين لـ”ديلي تلجراف” عبر “واتساب”، وكان يبدو عليه الإرهاق الشديد والقلق، بينما يختبئ في الطابق السفلي هو وأسرته.

وقال الرجل: “أعتقد أن الصورة واضحة الآن، انظروا إلى الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي توثق الأشلاء، إنها تلك الصور تعبر عما أريد أن أقوله”.

وقال أبو عبد الرحمن: “خرجت اليوم لمسافة 200 متر بعيدا عن البدروم الذي نختبئ به أنا والعائلة، وكان هناك قصف لقوات النظام، ورأيت جثة بدون رأس، الأوضاع هنا أشبه بيوم القيامة”.

جدول المحتوى

تجاهل

القليل من العالم هم من يعير مجزرة الغوطة اهتمامًا، بل قليلون جدا، وذلك بالنظر للعديد من المراقبين، الذي يطالعون الأوضاع في سوريا منذ 7 سنوات، ويبدوا الحصار للغوطة وكأنه تتمة وتكرار لمعركة حلب، التي انتهت في 2016.

ودعت رئيسة الوزراء البريطانية “تيريزا ماي”، الأربعاء، روسيا والنظام السوري إلى ضمان وقف أعمال العنف، وتوفير المساعدات لمن يحتاج لتلك المساعدة.

وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين: “يجب على المجتمع الدولي إنهاء حملة الإبادة الوحشية في الغوطة الشرقية”، مشيرًا إلى أن “أي اتفاق سياسي بشأن الغوطة الشرقية يجب ألا يتضمن النزوح القسري للمدنيين”.

كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار، ومن المتوقع أن يجتمع مجلس الأمن هذا الأسبوع؛ لبحث الأوضاع والتصويت على قرار محتمل، لكن الجهود السابقة لتأمين هدنة في الغوطة الشرقية قد تعثرت في مواجهة اعتراضات روسيا وتهديداتها باستخدام الفيتو.

وقال “جيش الإسلام” وهو أحد الجماعات الإسلامية الرئيسية في الغوطة الشرقية، إنه يحاول التفاوض على وقف إطلاق نار محلي في محادثات مع وروسيا، لكنه لم ينجح حتى الآن.

جنازات يومية

وقد أصبحت الجنازات في الغوطة الشرقية أقصر وقتا، وأصبح الموت جزءا من الحياة اليومية، وكانت المقبرة الرئيسية لسكان المنطقة في شمال مدينة دُوما، عند سفح سلسلة جبلية تسيطر عليها قوات النظام، وبحلول منتصف 2012، كانت المقبرة تُضرب بانتظام بالمدفعية؛ ولذا بدأ السكان في دفن موتاهم جنوبا في حقل مفتوح.

معظم عمليات الدفن تجري ليلا الآن، في محاولة للتستر، وتجنب الطائرات والمروحيات من فوقهم، ويتكدس الموتى في طبقات، وغالبا ما يتم تغطية المدافن بالقماش المشمع، وخشب الأبلكاش؛ للحيلولة دون الاختباء من الطائرات، فيما تقام صلاة الجنازة على عجل، ويطالب الخطباء الناس بالنزول إلى الملاجئ.

وقال هيثم: كان الناس يخرجون في مواكب طويلة لتشييع الجنازات في الأيام الأولى للحرب، ولكننا لا نفعل ذلك الآن، ونأخذهم مباشرة إلى المقبرة الحالية دون جنازات لأنه لا أحد يريد أن يتم استهدافه بينما يمشي وراء شخص ميت.