العدسة – إبراهيم سمعان

بعد أكثر من خمسة أشهر على الاستفتاء الذي دعا إليه رئيس إقليم كردستان، مسعود برزاني، لإجراء استفتاء على الاستقلال عن العراق، ما زال الإقليم يشهد دوامة من الصراعات والمناكفات الداخلية أفقدته معظم المكاسب التي حققها خلال السنوات الأخيرة.

تحت عنوان “مسعود برزاني يعتقد نفسه روح الأمة الكردية”، سلطت مجلة “لاكسبريس” الفرنسية، الضوء على الوضع في كردستان بعد أن توفى حلم الاستقلال.

وأوضحت المجلة أن استفتاء أوهام الاستقلال، الذي جرى سبتمبر الماضي، أفقد الإقليم مكاسب الحكم الذاتي التي حصل عليها منذ غزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والإطاحة بنظام صدام حسين.

وأشارت إلى أنه بعد انهيار الجيش العراقي أمام تنظيم “داعش”، سمح البشمركة – أولئك الذين يتحدون الموت- لحكومة إقليم كردستان، بضم جزء كبير من “الأراضي المتنازع عليها”مع النظام الفيدرالي في بغداد، الواقعة على الحافة الجنوبية، بدءا من كركوك والمناطق المحيطة بها، هذا القطاع الغني بالنفط.

وبينت أن صمود الأكراد في الجزء الأمامي من المعركة أمام “داعش”، عزز في الأساس موقف مسعود بارزاني، السيد المطلق للحزب الديمقراطي الكردستاني، ورئيس حكومة كردستان، وأيضا ابن الأسطورة مصطفى برزاني، الذي أصم أذنه عن التحذيرات الآتية من كل مكان، وأصر على إجراء استفتاء على الاستقلال، الذي عقد في 25 سبتمبر، والنهاية، انتصار وفشل.

كان انتصارًا، نظرا لضخامة المشاركة، تكتب لاكسبريس، حيث بلغت “نعم” ما يقرب من 93٪ من الأصوات، لكنه كان فشلا ذريعًا؛ لأن هذا الاستفتاء اتخذته بغداد ذريعة لشن هجوم على المناطق المتنازع عليها، واستعادة السيطرة على المجال الجوي والمراكز الحدودية الكردية.

ولفتت إلى أنه مع انخفاض دخل حكومة إقليم كردستان، تضخم الغضب الاجتماعي الكامن الذي عكسته أعمال شغب مميتة وقعت في الجزء الجنوبي من الكيان الكردي، معقل الاتحاد الوطني الكردستاني الطبقة المناهضة للحزب الديمقراطي الكردستاني.

المجلة التقت ضحايا هذه التظاهرات العنيفة، التي انطلقت في 18 ديسمبر الماضي في السليمانية، واستهدفت للمرة الأولى مقرات الأحزاب الرئيسية الخمس، ومن بينها الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، الحاكمين.

أحد هؤلاء الضحايا قال لـ “لاكسبريس”: أفول كردستان قد يطول، كان لنا وطن حقيقي مع وزرائه وبرلمانه لقد أضعنا كل شيء”.

ومن جهته رأى “آراس فتاح”، الكاتب الكُردي، أن أحد الأسباب حول الوضع الحالي هو الصراع بين الأحزاب، فعلى سبيل المثال، يتهم البارزانيون فصيلا من الاتحاد الوطني الكردستاني بالخيانة، وأنه تسبب في فقدان كركوك، المعقل النفطي الذي استعاده الجيش العراقي منتصف أكتوبر 2017، بمساعدة الميليشيات الشيعية.

ويعتقد الخبراء أن مفتاح الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الإقليم بيد السلطات في بغداد، وأنها مرهونة بحل القضايا الخلافية بين الجانبين، وإلا فإن تداعياتها ستستمر وتتعاظم.

ومؤخرا، أعرب رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، عن أمله بحل المشاكل العالقة بين الإقليم وبغداد، قبل إجراء الانتخابات النيابية في البلاد، مشيرا إلى أنه عقد اجتماعا مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وأن اجتماعات أخرى ستعقد بين الجانبين لحين الوصول لحلولٍ للمشاكل العالقة في إطار الدستور العراقي.

وأكد “بارزاني” قائلا: إن “الباب أصبح مفتوحًا للحوار بين إربيل وبغداد، ولا أعتقد أن هناك خلافات بيننا تستوجب أن تستمر طويلا”.