العدسة – معتز أشرف

بين دولة الاحتلال الصهيوني وحلفاء التطبيع في مصر والخليج العربي خطوط اتصال، وقرارات تبدو للمراقبين وكأنها متوزاية في التنفيذ، فقرار كمنع الأذان الذي صاغته الحكومة الصهيونية بدهاء وخسة، تجد أمثاله بعناوين وأسباب متقاربة في دول الحلف الصهيوني في مصر والسعودية والبحرين والإمارات، ليتحول التطبيع المرفوض شعبيا إلى استهداف الدين الإسلامي، تحت لافتات جديدة تتبنى الفعل وتنوع الأسباب، وهو ما يلقي بظلال من الريبة في اتجاهات حكومات الحلف الصهيوني في الفترة المقبلة، خاصة وأن المطلوب هو إنشاء حكومات علمانية في ظرف 10 سنوات وتمرير “صفقة القرن” تحت أي ظرف، أي تسليم الأرض بعد تسليم الدين، وفقا لما يراه البعض.

الأراضي المحتلة !

منحت التعديلات الأخيرة على قانون منع الأذان الشرطة الصهيونية، صلاحيات اقتحام المساجد، ومصادرة مكبرات الصوت، وينص مشروع القانون المشبوه على حظر رفع الأذان كليًّا، ومنع استعمال مكبرات الصوت بالمساجد، وبرره النائب المتطر ف روبرت إيلطوف، بأنه “قانون مهم ومعنوي لكل من اليهود والعرب الذين يرغبون في النوم بهدوء، إنهم يعانون بشكل دائم ويومي من الضجيج الناجم عن مكبرات الصوت في دور العبادة، التي تقلق راحتهم عدة مرات في اليوم، بما في ذلك في ساعات الفجر!، وهو ما اعتبرته القائمة المشتركة للنواب العرب في الكنيست الإسرائيلي، في بيان لها بأنه ضد حق أساسي من حقوق الإنسان، بينما يرى كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل، أن صمت السلطة على القرار (الإسرائيلي) بمنع الأذان في مدينة القدس؛ شجع حكومة الاحتلال على الاستفراد بالمسجد الأقصى، فيما أبدى رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، تأييده للمشروع، حيث وصف صوت الأذان بـ “الضوضاء”، قائلاً: “لا يوجد أي نص ديني يبيح إزعاج الناس بمكبرات الصوت، ولا يوجد أمر من هذا القبيل بالدول العربية أو الأوروبية”، حسب زعمه، بينما حمل الأب مانويل مسلم، رئيس دائرة العالم المسيحي في منظمة التحرير الفلسطينية، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، مسؤولية إهمال ملف القدس، مؤكدا أن رفع الأذان من الكنائس شرف للمسيحيين.

وفي السعودية كذلك

وبنفس مبررات النائب المتطرف روبرت إيلطوف في الكيان الصهيوني -وفي إطار التطوير الديني الذي يتبناه ولي العهد الذي يوصف بـ”الطائش” من خصومه “محمد بن سلمان”- انطلق الكاتب السعودي محمد السحيمي ينتقد  الأذان بوجه الخصوص، فقال إن تكرر الأذان عبر مكبرات الصوت – التي وصفها بـ”سلطة الميكروفون” – من مساجد مختلفة تتنافس فيما بينها، قد يزعج النائمين ويقلق الأطفال، كما سخر الكاتب من كثرة عدد المساجد في البلاد، قائلا إنه أصبح لكل مواطن مسجد، وهذا يسبب الإزعاج، وهو ما عرض خطة “بن سلمان” لعلمنة السعودية للحرق مبكرا، ودفعه لتوقيف الكاتب بعدما تعجل قطف الثمار!

ويبدو أن كثيرا من المحظورات في السعودية – كما يقول محرر الشؤون العربية في بي بي سي، سباستيان أشر – آخذ في التهاوي في الفترة الأخيرة، مع سعي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى انفتاح البلاد، ولكن انتقاد الأذان – كما يقول – كان خطوة ذهبت بعيدا.

المنع المصري !

ولم يكن النظام المصري الحليف للكيان الصهيوني بعيدا عن نفس النسق بل زاد؛ ففي عام 2015، صدر قرار حكومي بمنع استخدام مكبرات الصوت بالمساجد في غير الأذان وشعائر الجمعة، وسط استنكار شعبي، وبرره الشيخ محمد عزالدين، وكيل وزارة الأوقاف لشؤون الدعوة بمصر، بأنه يستهدف عدم إزعاج المواطنين، وهي نفس مبررات تل أبيب بالمناسبة، فيما تجددت الأزمة مؤخرا في ظل دعوات الرئيس المصري المنتهية ولايته عبدالفتاح السيسي، إلى تجديد الخطاب الديني، حيث انتقدت فنانة استعراضية، تدعى  شيرين رضا، الأذان، واصفة إياه بـ “الجعير” المفزع والمسبب للقلق، وبأنه يؤثر علي السياحة، وقالت بنفس لغة النائب الصهيوني المتطرف: ” إن أصوات المآذن تتسبب في إيقاظ الأطفال بشكل مفزع، وهو ما يتنافى -حسب رأيها- مع “السلام الذي يحث عليه الدين”، مضيفة أنه يؤثر سلبا على السياحة في البلاد، وكفيل بإفزاع وطرد السياح من مصر!!، وهو ما تسبب في غضب شعبي واسع، امتد إلى استنكار الإعلامي المقرب من السيسي عمرو أديب  لحديثها بعد إحراجها للنظام الحاكم قائلا: “عاملين دوشة على الأذان وأكبر جامع بيأذن والأقصى هيتهد”.

الصلاة بالبحرين

وفي البحرين واصل النظام البحريني منع إقامة أكبر صلاة جمعة في البلاد للشيعة ، ومنع إمام الجمعة من الوصول لجامع الإمام الصادق في الدراز غرب المنامة، حيث تشدد القوات الأمنية من حصارها للبلدة، عبر نشر سيارات رباعية الدفع ومدرعات، كما منعت المواطنين من الدخول والوصول لجامع الإمام الصادق وإقامة الصلاة فيه، كما لا يختلف مشهد محيط منزل الشيخ عيسى أحمد قاسم عن مداخل الدراز، إذ تنشر القوات الأمنية عناصرها حول المنزل فارضة إقامة جبرية، ومانعة للأهالي من الوصول لمنزله، وهو ما يندد به رموز الشيعة في البحرين وخارجها، مؤكدين على أنه ضد شعائر الإسلام.

مطالبات في الإمارات !

تصاعدت في الفترة الأخيرة مطالبات بعض المغردين في الإمارات عبر “تويتر”، بـ إيقاف مكبرات صوت المساجد في دولة الإمارات, وهو ما دعا المديرَ التنفيذي للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، محمد عبيد المزروعي، إلى التأكيد على أن مكبرات الصوت في مساجد الإمارات تستخدم وقت رفع الأذان فقط، وهو قرار اتخذ منذ عام 2009، استنادًا إلى فتوى شرعية لحث الناس على الاتجاه للمساجد فور الاستماع للأذان، واعتبر أن هذه الخطوة تأتي ضمن الإجراءات الحضارية والعصرية التي تطبقها الهيئة في مساجد الإمارات، لأسباب متعددة؛ منها نفس السبب الصهيوني، وهو الابتعاد عن كل ما يسبب الإزعاج”، فيما نقلت مواقع إلكترونية إماراتية، تعليقات لإماراتيين يسخرون فيها من قرار تطبيق الأذان الموحد وإلغاء الإقامة عبر مكبرات الصوت.

علمانية “الإسلامفوبيا” !

يأتي هذا في سياق تصريحات سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، الأربعاء 26 يوليو الماضي، في مقابلة على قناة “بي بي إس” الأمريكية، حيث قال: إن “ما تريده الإمارات والسعودية والأردن ومصر والبحرين للشرق الأوسط بعد عشر سنوات، هو حكومات علمانية مستقرة ومزدهرة وقوية”، حسب تعبيره، وهو ما أكده دينيس روس، مستشار معهد واشنطن للدراسات الإستراتيجية، والذي شغل منصب كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، خلال رئاسة رونالد ريجان، وجورج إتش دبليو بوش، وبيل كلينتون، وباراك أوباما، حيث أكد أن ما يقوم به ولي العهد السعودي “ثورة ” -بزعمه- يجب على الولايات المتحدة مساندتها، قائلا: “جهوده في تحويل المجتمع السعودي ترقى إلى “ثورة” تبدأ من الأعلى، وفي رأيي أن ولي العهد أكثر شبهاً بمصطفى كمال أتاتورك – الزعيم الذي أحدث ثورة في تركيا من خلال تجريد السلطة من القاعدة الدينية وجعل بلاده علمانية”!!.

وفي المقابل، استنكر مدير عام مجلس العلاقات الأمريكية الإسلاميةكير“، نهاد عوض، تصريحات السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، ودعاه إلى أن يفسح المجال للشعبين السعودي والإماراتي في أن يقولوا رأيهم في ذلك، وأن تترك الشعوب لتحدد لنفسها ماذا تريد أن تختار، فتلك الديمقراطية، فيما كشف عن أن الإمارات تشارك في تمويل حوالي 33 مؤسسة معادية للإسلام، وتنشر الكراهية ضده، وتروج لحملات “الإسلاموفوبيا”، مضيفًا أن هذه المؤسسات التي تشارك أبو ظبي في دعمها تضغط في الوقت الحالي لإصدار قوانين تجرم كافة المظاهر الإسلامية في أمريكا.

وأوضح أنه في مجلس العلاقات الأمريكية لديهم وحدة بحثية، استطاعت أن ترصد حركة أموال الإمارات لتلك المؤسسات المعادية للإسلام، والتي تنفق سنويا على الأقل 60 مليون دولار في هذا الغرض، مشيرا إلى أن هذا هو المبلغ المعلن بحسب بيانات الضرائب التي تدفعها للدولة، التي يمكن الاطلاع عليها، كما أن هذه المؤسسات حاولت تمرير 81 مشروع قرار ضد الإسلام، من خلال المجالس النيابية والتمثيلية في أمريكا؛ لتحريم العمل ببعض أو جميع مظاهر الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن هناك خليطًا معاديا للديمقراطية في المنطقة العربية، يتشكل من حكومات ديكتاتورية تخشى من أي نهضة ديمقراطية أو شعبية، وتحاول أن تمنع أي تغيير حقيقي يخدم شعوب المنطقة، بل وتقوم أيضا بتمويل الحملات المغرضة والمعارضة ليس فقط للإسلاميين، ولكن للإسلام نفسه.