اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، جماعة الحوثي اليمنية، باعتقال وإخفاء عشرات الأشخاص قسريا، من بينهم 13 موظفا على الأقل في “الأمم المتحدة”، والعديد من موظفي المنظمات غير الحكومية العاملة في المناطق التي تسيطر عليها.
وقالت المنظمة في تقرير مطول؛ إن الحوثيين بدؤوا سلسلة من الاعتقالات التعسفية دون اتباع الإجراءات القانونية، ضد عشرات من موظفي المجتمع المدني والأمم المتحدة، بعد قرار الحكومة اليمنية في 30 أيار/مايو الماضي بنقل البنوك الكبرى إلى خارج الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.
واعتبرت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش، أن “الحوثيين يستخدمون الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري كأداة سياسية، في وقت يفتقر فيه الأشخاص الذين يعيشون في أراضيهم حتى إلى أبسط الاحتياجات الأساسية”.
وطالبت جعفرنيا الحوثيين بإطلاق سراح جميع هؤلاء الأشخاص فورا، “حيث قضى كثير منهم حياتهم المهنية في العمل على تحسين بلادهم”.
وتحدثت هيومن رايتس ووتش إلى 20 شخصا على علم بالاعتقالات، وأربعة محللين يمنيين، حُجبت هوياتهم حفاظا على سلامتهم؛ لأنهم يخشون الانتقام.
وراجعت المنظمة الحقوقية أيضا وثائق وفيديوهات ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقارير إعلامية وتسجيلات صوتية، وغيرها من المواد المرتبطة بالاعتقالات.
وقالت في تقريرها: “لم تقدم قوات الحوثيين مذكرات توقيف عند تنفيذ الاعتقالات، ورفضت السلطات إخبار العائلات بمكان احتجاز المعتقلين، مما يعني أن هذه الأفعال ترقى إلى الاختفاء القسري، كما أنهم احتجزوا المعتقلين بمعزل عن العالم الخارجي، دون السماح لهم بالاتصال بمحاميهم أو عائلاتهم”.
وأشارت المنظمة إلى أنها كتبت إلى “مكتب حقوق الإنسان” التابع للحوثيين في 19 حزيران/يونيو لطرح أسئلة تتعلق بالاعتقالات، ومخاوف بشأن الغياب الواضح لأي إجراءات قانونية سليمة، لكنها لم تتلق ردا.
وعبرت المنظمة عن مخاوفها، خاصة أن سلطات الحوثيين لديها تاريخ طويل في توجيه اتهامات مشكوك فيها إلى الأشخاص المحتجزين، بما فيها التجسس.
ووثّقت هيومن رايتس ووتش سابقا استخدام الحوثيين للتعذيب للحصول على اعترافات.
أشار المحللون اليمنيون الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إلى دوافع سياسية للاعتقالات، حيث أصدر البنك المركزي اليمني الخاضع لسيطرة الحكومة، في 30 أيار/مايو الماضي، قرارا بوقف التعاملات مع ستة بنوك داخل مناطق الحوثيين، رفضت نقل مقراتها إلى عدن الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية و”المجلس الانتقالي الجنوبي”.
وقال المحللون؛ إن “من المحتمل أن يكون للقرار تأثير اقتصادي سلبي كبير على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، والاعتقالات قد تكون محاولة للضغط على الحكومة اليمنية للتراجع عن القرار”.
وطلب الحوثيون من العائلات عدم التحدث علنا عن احتجاز أفرادها، قائلين في كثير من الحالات؛ إن المعتقلين سيُطلق سراحهم بمجرد الانتهاء من استجواباتهم، طالما لم يعثروا على أي شيء، بحسب ما نقلت “هيومن رايتس ووتش”.
وقال أحد المصادر: “يعلم الحوثيون أنه لن يكون هناك تصعيد دولي بسبب اعتقال اليمنيين، لكن إذا اعتقلوا موظفين دوليين، فسيكون هناك تصعيد كبير من المجتمع الدولي”.
دعا الأمين العام لـ “الأمم المتحدة” أنطونيو غوتيريش والمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى إطلاق سراح جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، كما فعل مسؤولون أمميون كبار آخرون.
لكن بعض المصادر قالت أيضا لـ هيومن رايتس ووتش؛ إن وكالات الأمم المتحدة أو المنظمات التي كان يعمل فيها المحتجزون، لم تبذل جهودا للاتصال بعائلات المحتجزين، بما في ذلك الأسر التي تعيش في الخارج، والتي كان من الممكن التواصل معها بأمان.
وشددت هيومن رايتس ووتش على أنه من الضروري للأمم المتحدة والجماعات المستقلة العاملة في اليمن والحكومات المعنية، أن تقوم بكل ما في وسعها لضمان إطلاق سراح المحتجزين.
وحثت سلطنة عُمان، التي كانت وسيطا في المفاوضات بين الحوثيين والأطراف المتحاربة الأخرى، العمل مع الدول الأخرى جماعيا لضمان إطلاق الحوثيين سراح المحتجزين.
وقالت جعفرنيا: “ينبغي للمجتمع الدولي بذل كل ما في وسعه لضمان إطلاق سراح هؤلاء الأشخاص فورا. كان كثير منهم أعضاء مهمين في منظمات المجتمع المدني اليمنية، وموظفين في وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية”.
أقرأ أيضا: بالعبوات الناسفة والكمائن.. الشجاعية تستقبل قوات الاحتلال
اضف تعليقا