قبل أيام قليلة حقق حزب التجمع الوطني المنتمي لليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان مكاسب تاريخية وفاز بالجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية، مع انتظار النتائج النهائية والتي من المرجح أن يحسمها اليمين أيضًا، والذي اعتمد على تحالفاته القوية مع دولة الإمارات لتمويل حملته الانتخابية ومساعدته في الفوز.
مارين لوبان – الوجه الأبرز في الحزب المتطرف- تمتلك سجل حافل بالفساد السياسي، حيث اعتمدت على أموال قوى خارجية دائمًا لتحقيق إنجازات سياسية لها، ففي 2014 أقرضها أحد البنوك الروسية أموال حملتها الانتخابية، وبعد ذلك كونت علاقة قوية مع الإمارات من أجل مصالح مماثلة لتوسيع النفوذ الأجنبي في السياسة الفرنسية مقابل الحصول على مبالغ مالية كبيرة.
الفساد الإماراتي في فرنسا
عندما رفضت الحكومة الفرنسية عام 2014 المشاركة في تمويل حزب التجمع الوطني (الذي كان آنذاك الجبهة الوطنية) بسبب أيديولوجيته العنصرية، سهلت عملية المساعدة الأجنبية لتمويل الحزب، مما فتح الباب أمام الفساد لدخول النظام السياسي الفرنسي.
ومع بداية الربيع العربي (2011)، بدأ حزب التجمع الوطني الفرنسي -خلال حملة الانتخابات الرئاسية- بشن بحملة ضد هجرة المسلمين الفارين من الصراعات والحروب في دول مثل تونس وليبيا، لدخول أوروبا، واللافت للنظر أن الإمارات كانت تقف وراء هذه الحملات وتقدم لها الدعم المادي واللوجستي والإعلامي.
كان هذا النهج العنصري الذي اتبعته لوبان وحزبها هو الذي لفت انتباه البنوك الفرنسية، التي رفضت بعد ذلك تقديم الأموال لحزب التجمع الوطني، ونتيجة لذلك، في عام 2014، تم إقراض حزب مارين لوبان ما يقرب من 11 مليون يورو (9.4 مليون جنيه استرليني). ومع فتح تحقيقات في الأمر، تم التوصل إلى أن أحد القروض التي حصل عليها حزب لوبان بقيمة 9 ملايين يورو مصدره بنك صغير وهو البنك التشيكي الروسي الأول الذي يمتلك اتصالات بالكرملين، لذلك كان من الواضح أن النفوذ الأجنبي المحتمل كان يدخل في العملية السياسية الديمقراطية في فرنسا.
الجدير بالذكر أنه الأحزاب السياسية الفرنسية لا يُمسح لها قانونًا تلقي تبرعات أجنبية، ولكن ليس إذا جاءت في شكل قروض، كما فعلت في حالة مارين لوبان.
وبحسب ما ورد، تم ترتيب هذا القرض من قبل عضو البرلمان الأوروبي من حزب التجمع الوطني الفرنسي، جان لوك شافهاوزر، الذي أطلق على نفسه لقب “سيد المهمات المستحيلة”.
ووفقا لمراسل BBC، تمت منح القرض لأول مرة عن طريق مؤسسة مالية في أبو ظبي، ومع ذلك، فإن الاتفاق بين الإمارات العربية المتحدة ومارين لوبان لم يستمر -ظاهريًا- بحجة أن لوبان رفضت المقاربات المحتملة الأخرى المتعلقة بإيران. ومع ذلك، لم يكن بوسعها أن تقول لا عندما وصلت الصفقة إلى أيدي روسيا، وذلك بسبب الدعم المماثل لضم شبه جزيرة القرم مثل الدعم الذي قدمه الرئيس فلاديمير بوتن.
ومع ذلك، واجه حزب لوبان نقصًا ماليًا بعد فترة وجيزة من انتخابات 2017 وخضع للتحقيق بشأن استخدام لمارين لوبان ملايين اليورو من أموال الاتحاد الأوروبي خلال عامي 2011 و2012. ويُزعم أن الأموال استُخدمت لدفع رواتب موظفي حزبها عندما كانوا في السلطة. في الواقع، كان من المفترض فقط أن يستخدمها أعضاء البرلمان الأوروبي لدفع رواتب المساعدين فيما يتعلق بالمهام التشريعية فقط.
بعد ذلك أنقذ رجل الأعمال الفرنسي لوران فوشيه الرالي الوطني بقرض قيمته 8 ملايين يورو من خلال أحد البنوك الإماراتية، ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها مجلة استقصائية فرنسية عبر الإنترنت، فإن القرض البالغ 8 ملايين دولار يُزعم أنه جاء من مؤسسة مالية مقرها أبو ظبي تدعى نور كابيتال، ومع هذه الواقعة كان الفساد الإماراتي في فرنسا قد وصل إلى ذروته بعد استجوابه مرتين بشأن التمويل غير المشروع للحزب من قبل دولة أجنبية.
تم تحويل الأموال تحت إشراف أحد مديري إدارة الأصول والصناديق في نور كابيتال، أوليفييه كوريول، حيث كان لدى كوريول عدة تحقيقات جنائية ضده، ومع ذلك، وفقًا للتحقيق الذي أجرته المجلة الفرنسية MediaPart، فإن المعاملات التي أجرتها نور كابيتال لم تظهر شخصية المالك أبدًا، مما يجعل من الصعب معرفة الشخصية التي تقف وراء التمويل في قضية مارين لوبان أيضًا.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا