أصدرت قناة الجزيرة بيانًا شديد اللهجة أدانت فيه اغتيال القوات الإسرائيلية لاثنين من العاملين لديها، المراسل الصحفي إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي خلال غارة جوية استهدفت سياراتهما بشكل مباشر وبصورة متعمدة ظهر الأربعاء 31 يوليو/تموز أثناء تأدية عملهما.

وقالت شبكة الجزيرة إن المراسل إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي قُتلا في مخيم الشاطئ شمال غزة بعد أن قدما تقريراً بالقرب من منزل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، الذي اغتيل في طهران صباح ذلك اليوم. وأكدت الشبكة أن مقتل الغول والريفي تم بصورة متعمدة ضمن حملات الاستهداف الممنهجة التي تشنها إسرائيل ضد الصحفيين عامة، وصحفيي قناة الجزيرة بشكل خاص، لافتة أن “سيارتهما كانت تحمل علامة واضحة على أنها سيارة صحفية”.

وأكدت الجزيرة في بيانها أن “اغتيال إسماعيل ورامي أثناء توثيقهما لجرائم القوات الإسرائيلية يؤكد الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات قانونية فورية ضد قوات الاحتلال لضمان عدم إفلاتها من العقاب”.

في ذات السياق، أشاد محمد معوض، مدير تحرير الجزيرة، بشجاعة السيد الغول في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلًا: “كان إسماعيل معروفًا باحترافيته وتفانيه في العمل، لقد لفت انتباه العالم إلى المعاناة والفظائع التي ارتكبت في غزة”.

وتحدث معوض عن رسالة من الرسائل التي كان يكتبها إسماعيل الغول على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي أثناء تغطيته المتواصلة للحرب، حيث حاول نقل معاناة المدنيين التي لا تتوقف، وقال “اسمحوا لي أن أخبرك يا صديقي أنني لم أعد أعرف طعم النوم… جثث الأطفال وصراخ الجرحى وصورهم الملطخة بالدماء لا تفارق بصري أبدًا… صراخ الأمهات وعويل الرجال الذين يفقدون أحباءهم لا يتلاشى أبدًا من سمعي… أنا متعب يا صديقي”.

من جانبها، قالت لجنة حماية الصحفيين إن الحرب في غزة تعتبر الأكثر دموية ضد الصحفيين منذ بدأت في جمع البيانات في عام 1992، حيث قُتل ما لا يقل عن 165 صحفيًا وعاملًا في مجال الإعلام منذ بداية الحرب الحالية، وهو الرقم الأكبر على الإطلاق ضمن ضحايا الصحفيين في أي حرب.

كما قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة للصحفيين في إفادة صحفية يوم الأربعاء “الصحفيون بحاجة إلى حماية فورية… يجب التحقيق في هذه الحوادث وغيرها من الحوادث المماثلة بشكل كامل وشفاف، ويجب أن تكون هناك محاسبة”.

أظهر مقطع فيديو لقناة الجزيرة أمام إحدى المستشفيات جثث الغول والريفي على نقالات يرتديان سترات مخصصة لحماية الصحفيين، تحمل كلمة “صحافة”، وحسب زملائهم فإن الصحفيات كانا طريقهم إلى المستشفى بعد أن طلبت منهم القوات الإسرائيلية مغادرة المنطقة.

جودي جينسبيرج، الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحفيين، عبرت عن استيائها من الواقعة في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قالت إن المنظمة “منزعجة” من عملية الاغتيال، مضيفة “الصحفيون مدنيون ولا ينبغي استهدافهم أبدًا… يجب على إسرائيل أن تشرح لماذا قُتل صحفيان آخران من الجزيرة فيما يبدو أنه ضربة مباشرة ومتعمدة”.

إن العلاقة بين إسرائيل والجزيرة متوترة منذ فترة طويلة، ففي مايو/أيار، أغلقت الحكومة الإسرائيلية المكاتب المحلية لقناة الجزيرة في خطوة قوبلت بإدانة واسعة باعتبارها معادية للديمقراطية وجزءاً من حملة أوسع نطاقاً ضد كل من يعارضون الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة.

الجدير بالذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتهم الجزيرة في وقت سابق بالإضرار المتعمد بأمن إسرائيل والتحريض على العنف ضد جنودها، رغم أن المسؤولين الإسرائيليين لم يقدموا أي أدلة أو أمثلة على تورط الجزيرة في ذلك.

إن الوضع في غزة يمثل خطرًا واضحًا على الصحفيين الذين لا تشفع لهم سترات “الصحافة” خلال تأدية عملهم، ما دفع العديد من شبكات الإعلام العالمية بإجلاء مراسليها من هناك، كما فرضت إسرائيل ونظام السيسي قيوداً على دخول الصحفيين الدوليين إلى غزة ــ باستثناء الزيارات المنسقة إلى مواقع محددة مع الجيش الإسرائيلي ــ لذلك لم يعد بوسع أي شخص تغطية الحرب من على أرض الواقع سوى المراسلين الفلسطينيين المحليين، الذين يحاولون توثيق الجرائم المرتكبة بمفردهم، وبطبيعة الحال العمل في ظروف بالغة الخطورة.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا