العدسة – جلال إدريس
من جديد عادت أصابع الاتهام توجه إلى دولة الإمارات وتتهمها بالقيام بدور مشبوه داخل اليمن، والعمل على زعزعة واستقرار المحافظات المحررة من أيدي الحوثيين.
الاتهامات هذه المرة ليست اتهامات إعلامية ولا عشوائية، ولكنها اتهامات واضحة وموثقة وجهها وزير النقل بالحكومة اليمنية “صالح الجبواني”، حيث اتهم الإمارات، بإنشاء “جيوش مناطقية وقبلية وعصابات تعمل على تفكيك البلاد”، داعيا إلى تغيير شكل العلاقة بين حكومة بلاده الشرعية والإمارات.
الوزير أكد إن التحالف العربي بقيادة السعودية، حينما جاء لمساندة الشرعية، “كان الهدف إسقاط الانقلاب (الحوثي) في صنعاء، واستعادة الدولة اليمنية، لكن الإمارات تقوم بإنشاء جيوش قبلية من العصابات والمرتزقة، وحتى القاعدة، في كل محافظة يتم تحريرها.
تصريحات الوزير واتهاماته للإمارات أثارت جدلا واسعا حول حقيقة الدور الذي باتت تلعبه الإمارات في اليمن، خصوصا في المحافظات المحررة، وطبيعة الموقف السعودي من تلك التجاوزات، وأسباب صمتها، والمساعي الحقيقة للإمارات من تلك العمليات !.
“قوات النخبة الشبوانية”
الوزير اليمني أكد أن الإمارات شكلت في محافظة “شبوة” ما عرف باسم “قوات النخبة الشبوانية” مؤكدا أن تلك القوات تمارس أداورًا مريبة ومثيرة، حيث منعت وفدا حكوميًّا رفيع المستوى من المرور من أحد الحواجز الأمنية التابعة لها، في مديرية حبان جنوب شرق محافظة “شبوة” جنوب (شرق).
كما أكد أن قوات “النخبة الشبوانية”، التي قال إنها “تتبع الإمارات»، اعترضت موكبه في منطقة “حبان» بـ”شبوة”، بالدبابات والمدرعات العسكرية، وحالت دون وصوله لوضع حجر أساس لميناء قنا.
وأضاف: “فوجئنا أن النخبة التابعة للإمارات في منطقة “حبان” تقطع علينا الطريق بالدبابات والمصفحات والأطقم العسكرية، بالإضافة إلى الانتشار على الجبال المحيطة بمجاميع من الجنود الذين كانوا جاهزين بأسلحة أربي جي 7، والأسلحة المتوسطة، رغم أننا جئنا لوضع حجر أساس مشروع تنموي يخدم المحافظة ولم نأت للحرب».
وذكر الوزير اليمني، أن القيادات العسكرية المرافقة له ذهبت للتفاوض مع القوات التي اعترضت موكبه، فتم إبلاغهم بأن هناك “أوامر من القيادة الإماراتية بمنعه من الدخول».
وأشار “الجبواني” إلى أنه قرر ساعتها العودة من حيث جاء “حرصا على عدم سفك الدماء”، في وقت وصفه بأنه “مخصص للتنمية ونشر السلام وليس الحرب”.
رئيس الأركان الإماراتي
المسؤول اليمني، شن هجوما لاذعًا على تلك القوات، ووصفهم بـ”الحمقى الذين تستخدمهم الإمارات»، محملا الإمارات مسؤولية منعه من دخول “شبوة”، لافتًا إلى أن “رئيس أركان الجيش الإماراتي، كان في ميناء “بلحاف” التي كانت ستشهد وضع حجر الأساس للميناء، وأنه ليس من المستبعد أن تكون الأوامر قد صدرت منه مباشرة».
اتهامات الوزير الإماراتي تعد أول اتهام يصدر من مسؤول حكومي رفيع لدولة الإمارات، التي تعد ثاني أكبر دول التحالف العربي المساند للشرعية، في ظل توتر العلاقة بين الطرفين منذ أحداث عدن، أواخر يناير الماضي، إلا أنها ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها “الجبواني” الإمارات، بل إنه معروف بموقفه المعادي لـ”التحالف العربي»، وهجومه على الإمارات.
كما اتهم الوزير اليمني حاكم محافظ شبوة «علي بن راشد الحارثي»، بالتعاون مع الحوثيين عبر رعايته لعمليات تهريب السلاح والوقود إليهم، عبر مينائي “المجدحة” و”البيضاء”، “الذي كنا في صدد تحويله إلى ميناء “قنا” كمشروع تنموي».
ومضى قائلا: إن “المحافظ الحارثي، تم الدفع به من قبل الإمارات، بعدما أقعد المرض المحافظ السابق الراحل، عبدالله النسي»، ملمحا إلى “تماهيه مع أجندتها في محافظة “شبوة” الغنية بالنفط».
وتُشرف الإمارات على الملف العسكري في المحافظات الجنوبية المحررة من الحوثيين، وتتهم من قبل ناشطين موالين للحكومة، بدعم وإنشاء ألوية عسكرية موالية لها، مثل “النخبة الحضرمية”، و”النخبة الشبوانية”، و”الحزام الأمني”.
تصحيح العلاقة بين الحكومة والتحالف
ودعا “الجبواني” إلى تصحيح العلاقة بين الحكومة الشرعية والتحالف العربي، وقال: “الدولة لن تقبل باستمرار هذا الوضع”، كما هدد بـ”عدم الاستمرار في الحكومة الشرعية في ظل هذا الوضع”.
وأضاف: “يجب تصحيح الوضع، وتكون الإمارات حليفة للحكومة فقط، أو اتخاذ موقف سياسي على جميع المستويات بأن هذه الشراكة قد اتخذت مناحٍ أخرى».
وأشار المسؤول اليمني، إلى أنه “سيتوجه إلى الرياض، وسيضع الأمر أمام الرئيس عبدربه منصور هادي»، لافتا إلى أن “اليمن لن تركع لأحد».
وذكر أنه “لا يزال يربطنا تحالف مع الأشقاء في السعودية، وسنضع الأمور بين أيديهم، لنعرف ماذا سيقررون؟ فمصيرنا مشترك، ونقدر هذه العلاقة المصيرية».
لماذا “شبوة” بالتحديد؟
اتهامات وزير النقل اليمني، واتهامات مراقبين وشهود عيان، بهيمنة الإمارات عسكريا على محافظة “شبوة” يجعل السؤال المنطقي مطروحا، لماذا تسعى الإمارات للسيطرة على “شبوة”؟
وللتعرف على تلك الإجابة يمكن القول بأن محافظة “شبوة” هي واحدة من أبرز المحافظات اليمنية على خارطة الأهمية الاقتصادية والسياسية، كما أنها تعد ثالث أكبر المحافظات اليمنية.
وتتوزع مساحتها في 17 مديرية، تقع في وسط الجزء الجنوبي من البلاد – تطل على بحر العرب – وتشهد المحافظة أعمالاً واسعة للتنقيب عن النفط والغاز من شركات عالمية، كما يوجد بها وفرة من المعادن كالزنك والفضة والرصاص والملح الصخري.
وعلى هذا الأساس يتهم مراقبون أبو ظبي بالسعي الحثيث لوضع يدها على منابع النفط بشكل أساسي، حيث أجبرت أفراد الحماية السابقة التابعة لعلي محسن الأحمر، الموالية للسعودية على مغادرة حقول النفط والغاز، وحلت مكانها القوات الإماراتية وحلفاؤها، كما أكد مهندسون أيضًا يعملون في حقل “بلحاف”، لتصدير الغاز -أكبر منشآت نفطية في اليمن- أن الإمارات تسيطر الآن بشكل كامل على المنشأة بعدما أرسلت كتيبة من نحو ثلاثمائة جندي تابعين لها لتولي السيطرة على الحقل النفطي.
كما تبين من توغل الإمارات في “شبوة” أن جميع المعسكرات الرئيسية تقع بالقرب من منابع النفط وموانيه، حيث تسيطر قوات “النخبة الشبوانية” على معسكرين رئيسيين؛ أهمهما يقع في ميناء “بلحاف” الإستراتيجي المخصص لتصدير الغاز المسال، والذي بات منطقة عسكرية مغلقة يديرها ضباط إماراتيون وقوات النخبة التي يشتبه في تسهيلها مرور أسلحة لقوات “صالح” والحوثيين عبر الميناء، بالتنسيق الكامل مع الإمارات.
خلاف سعودي إماراتي
وكانت التحركات الإماراتية في “شبوة” والعمل بشكل منفرد للسيطرة على الحقول النفطية بها، قد أثارت حفيظة السعودية، وهو ما دفع الرياض للحديث عن توقيع عقود بين شركة “أرامكو” السعودية، وحكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
ويعكس الهدف الرئيسي من عملية نشر الإمارات قوات “النخبة” خطط أبو ظبي للاعتماد على الغاز الطبيعي اليمني لسد حاجتها من الغاز، دون تنسيق مع الحكومة الشرعية في اليمن، وكانت شركة “توتال” الفرنسية التي تمتلك حق التنقيب وتصدير الغاز المسال باليمن، قد أعلنت خلال الأسابيع الماضية، استئناف عملها لتصدير الغاز بعد أن تلقت ضمانات من الإمارات بتأمين العمل والإنتاج.
كما تبين من سعي أبو ظبي لحصر مجنديها في مديريات المحافظة، أنها تسعى لتحقيق عدة مكاسب؛ أهمها التحكم في الخط الدولي الرابط بين “شبوة” والسعودية، لإضعاف الدور السعودي في المحافظة، بسبب تحالف الرياض مع الحكومة اليمنية الشرعية، وتجاهلت بذلك قبيلة “العوالق”، واكتفت بالتنسيق مع قوات النخبة والمشايخ الموالين لها.
اضف تعليقا