العدسة – إبراهيم سمعان

سلطت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية الضوء على ما وصفته بـ”حيرة المراقبين” حول العالم، للشأن المصري من إصرار الرئيسي المصري عبدالفتاح السيسي على عدم إجراء انتخابات حرة نزيهة لاختيار رئيس للبلاد، رغم أن نتيجة هذه الانتخابات محسومة مسبقا؛ لعدة أسباب أوردتها فى التقرير التالي:

وإلى نص التقرير …

تبدو عمليات التطهير التي يشنها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بحق معارضيه البارزين قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل، كما لو أنها خطوة اعتيادية لحاكم شرق أوسطي مستبد، لكن في الوقت ذاته، وضعت المراقبين للمشهد المصري في حيرة من أمرهم..

فالجنرال السابق بالجيش المصري يهمش المعارضين، ويغذي مطالب المقاطعة لعمليات التصويت، بينما تقول استطلاعات الرأي الرسمية إنه يحظى بتأييد شعبي عميق وسوف يفوز حال عقد انتخابات حرة ونزيهة وستكون معركة الانتخابات الرئاسية بمثابة نزهة.

وبدلا من عقد انتخابات حرة، لجأت حكومة السيسي إلى تبني خط متشدد، الأمر الذي أثار الكثير من المراقبين الدوليين ودفعهم للقول إنه لا توجد أدنى فرصة أن تكون الانتخابات القادمة – التي تستمر 3 أيام اعتيار من 26 مارس – حرة أو نزيهة. يأتي ذلك فيما يطالب العديد من النشطاء المصريين بمقاطعة الانتخابات بعد سجن 3 مرشحين رئيسيين للرئاسة وانسحاب أربعة آخرين.

وكان موسى مصطفى موسى، زعيم حزب الغد – الذي كان قد أعلن عن تأييده لترشح السيسي لفترة ثانية- أعلن ترشحه فى مواجهة السيسي، فيما يعتقد الكثيرون أنه تم تجنيده ضمنا من قبل الحكومة المصرية  للترشح في الانتخابات لكي تتجنب حرج وجود مرشح واحد فقط.

26 مليون موظف

الأمر الأكثر غرابة أن عمليات استبعاد المنافسين للسيسي تأتي في ظل احتشاد تكتلات انتخابية كبيرة خلفه، بدافع من وعود الحكومة بالاستقرار والأمن على حساب الحريات السياسية والمدنية؛ فالسيسي بالنسبة لهؤلاء الناخبين المصريين بطل قومي.

وقال رأفت توفيق وهو مدرس تاريخ فى مدرسة بأسيوط: “انظروا إلى المشاريع العملاقة التي قام بها فى أربع سنوات فقط؛ المدن الجديدة ومحطات الكهرباء وتوسيع قناة السويس، السيسي أنقذنا من الإخوان، وعرض حياته للخطر من أجل هذه البلد” .

وتشمل قاعدة السيسي الانتخابية كتلة الموظفين الحكوميين، وتضم 26 مليون موظف حكومي، بما فى ذلك حوالي 1.5 مليون معلم، وهم يتقبلون بشكل خاص اتجاه الرئيس فى مضاعفة الأمن والتنمية الاقتصادية التي تقودها الحكومة.

10 ملايين قبطي

قاعدة انتخابية أخرى للسيسي وهي مجتمع 10 ملايين مسيحي، فقد أدت الهجمات الإرهابية التي شنتها الدولة الاسلامية على الكنائس المصرية على نحو فعال إلى تقوية ارتباط هذه الأقلية بالسيسي، الذي كان مديرا لجهاز المخابرات الحربية ومرشحا للجيش.

وعبر تاج جرجس 53 عاما، ويعمل فى مجال التطوير العقاري، عن إشادته بالسيسي لوفائه بوعده ببناء كنيسة ضخمة فى العاصمة الإدارية الجديدة، قائلا إن الرئيس جعل الاحتفال بعيد الميلاد مميزا هذا العام رغم الهجمات الإرهابية”.

وأضاف جرجس أن الأعمال التجارية فى مدينة الغردقة الساحلية بدأت فى التحسن، بعد تراجع استمر سبع سنوات عقب الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك 2011 .

واستمر عدد السياح الأجانب فى التراجع بعد أن علقت روسيا رحلاتها إلى مصر فى أعقاب سقوط طائرة ركاب متجهة من سان بطرسبرج من شرم الشيخ في أكتوبر 2015، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن تنفيذ الهجوم الذي أسفر عن مقتل 224 راكبا كانوا على متن الطائرة، وقد تأجلت خطط استئناف الرحلات الروسية لمصر هذا الشهر إلى شهر أبريل المقبل.

وقال جرجس: إن معدل الإشغال يبلغ حاليا 60 % وهذا تحسن ملموس عن العام الماضي، وإن الانخفاض فى قطاع السياحة الروسية هو السبب فى مشكلتنا وليس السيسي .

نقاط ضعف

ولايزال السيسي يواجه نقاط ضعف؛ فقوات الأمن لاتزال تتعامل مع العنف ضد الأقباط، أو الوجود النشط لعناصر داعش فى سيناء، حيث لقي 7 جنود مصرعهم فى العملية الأخيرة ضد المسلحين، التي بدأت 9 فبراير.

كما يواصل القوميون المصريون التشكيك فى قرار السيسي الذي اتخذه فى أبريل الماضي بالتنازل عن جزيرتين تيران وصنافير للسعودية مقابل الحصول على الدعم المالي والأمني من السعودية.

وقد انتقدت أكثر من عشر مجموعات محلية ودولية، بما فيها منظمة هيومن رايتس ووتش وغيرها، القمع الحكومي للمرشحين للانتخابات قبل التصويت.

وقال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون خلال زيارته للقاهرة هذا الشهر: إن بلاده “تدعم انتخابات حرة وشفافة وإعطاء فرصة المشاركة فيها لجميع المواطنين”.

النساء

وعلى الرغم من عدم وجود منافسة حقيقية، فإن حملة إعادة الانتخاب تخرج بكامل طاقتها للرئيس، حيث يظهر نجوم السينما ولاعبو الكرة فى مقاطع فيديو لحشد الدعم للسيسي.

وعلى غرار المسيحيين وموظفي الحكومى، يتم تنظيم وتوظيف النساء من أجل إعادة انتخاب السيسي لفترة أخرى، ويقول كثيرون إنهن متحمسات له.

وقالت عايدة حسن، المديرة البالغة من العمر 39 عاما فى مدرسة المسلة الإعدادية للبنات شمال القاهرة ” يكفي أنني أستطيع السير فى الشارع وأشعر بأمان ولم نستطع القيام بذلك فى السابق، مشيدة بتصعيد الحكومي ضد التحرش الجنسي فى الشوارع.. عندما ننظر إلى البلدان من حولنا نقول الحمدل الله نحن أفضل حالا منهم .

وقبل أربعة أيام من الإعلان الرسمي عن ترشيحه قام السيسي بضم سيدتين إلى حكومته المكونة من 33وزيرا، لترتفع نسبة العنصر النساء بالحكومة إلى ما يزيد عن 18 % .

وقالت منال العبسي، رئيس الأكاديمية العربية لتطوير القيادة، وهي منظمة غير ربحية ” إن نسبة مشاركة المرأة المصرية فى الانتخابات المقبلة ستكون غير مسبوقة.

وكثيرا ما يشيد مؤيدو السيسي بفضله على مصر مقارنة بين ما يعتبرون استقرارا في مصر مع المذابح التي سببتها الحروب والإرهاب في سوريا والعراق وليبيا المجاورة .

من جانبه قال رمسيس عوني، وهو مزارع في محافظة سوهاج: إن “السيسي يقوم بعمل رائع فيما يتعلق بالأمن، لكنه لا يشعر بالرضا والأمان المالي بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة الزراعية، لكني  سأصوت له لأنه الذي سيكون الفائز لا محالة، وفى الوقت ذاته لكي أتجنب رسوم 500 جنيه غرامة عدم التصويت ” .