خلال السنوات الماضية، اعتمدت حكومة عبد الفتاح السيسي خطة لطرح الأصول العامة والحكومية، من شركات ومصانع وأراضٍ وموانئ استراتيجية، في العاصمة القاهرة وغيرها من المدن أمام المستثمرين الأجانب والمصريين وفي البورصة المحلية. هذا التوجه يلقى رفضًا من المعارضة وكثير من الاقتصاديين.

لكن يبدو أن حكومة القاهرة التي تواجه أزمات اقتصادية خطيرة، على طريقة “التاجر المفلس”، قررت البحث في دفاتر محافظات مصر الـ27 عن أصول ومقرات ذات قيمة تاريخية وتراثية تقع في مواقع استراتيجية بعواصم المحافظات ومدنها الهامة، ويمكن عرضها للبيع على المستثمرين العرب والأجانب والمصريين.

في تصريح لموقع “المال” الاقتصادي، كشفت وزيرة التنمية المحلية الجديدة، منال عوض، التي تم تعيينها في 3 يوليو الماضي، عن الانتهاء من برنامج شامل لحصر جميع الأصول غير المستغلة داخل 27 محافظة، لبدء الترويج لها عبر خريطة مصر الاستثمارية واستقطاب مستثمرين جدد محليين وأجانب، بالتنسيق مع هيئة الاستثمار وصندوق مصر السيادي.

ومن المثير في تصريحات الوزيرة أيضًا، إعلانها عن تحويل موظفين في وزارة التنمية المحلية إلى شبه سماسرة للبحث عن المناطق التي يمكن بيعها والتواصل مع المستثمرين لبيعها، بحسب قولها إن وزارتها “ستنفذ برنامجًا مع هيئة الاستثمار لتدريب العاملين بالمحليات على قانون الاستثمار وآليات التواصل مع المستثمرين”.

هذا الحديث يطرح تساؤلات حول دلالات وخطورة توجه حكومة السيسي نحو تفريغ محافظات مصر من أصولها الاستراتيجية والتراثية والهامة والحيوية، بدعوى عدم استغلالها. لكن الإجابة على هذا السؤال تستوجب البحث في ملف حصر الأصول بمحافظات مصر، وهو التوجه الذي بدأه السيسي مبكرًا، وبعد نحو عامين من انقلابه على أول تجربة ديمقراطية، وبعد عام من توليه حكم البلاد رسميًا. يشير ذلك إلى أن توجهه نحو بيع الأصول كان فكرة سابقة على توجيهات صندوق النقد الدولي في هذا الإطار، بحسب مراقبين.

كان القرار الأول في أكتوبر 2015، حينما قررت حكومة شريف إسماعيل (2015-2018) تشكيل لجنة وزارية لحصر أصول الدولة غير المستغلة في الوزارات والمحافظات والهيئات والجهات التابعة لها. كانت هذه اللجنة تضم وزارات التخطيط والمالية والاستثمار والتنمية المحلية، وقدمت تقارير شهرية حول رصدها لأهم الأصول.

لكن يبدو أن تلك اللجنة لم تقدم نتائج ترضي رئيس النظام، فقرر في 4 نوفمبر 2017 تشكيل لجنة موسعة من أجل حصر أصول الدولة غير المستغلة، وحددها في أراضٍ ومخازن ومستودعات الدولة المملوكة للوزارات والمحافظات والهيئات والجهات التابعة لها وشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام. أضيف إلى اختصاص اللجنة الجديد وضع تصور للاستفادة من تلك الأصول.

القرار الجديد ضم إلى جانب الوزارات الأربعة السابقة، 9 وزارات جديدة هي: الأوقاف، الموارد المائية، قطاع الأعمال، السياحة، الزراعة، الإسكان،

 الدفاع، الداخلية، الإنتاج الحربي، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، ورئيس مركز إعداد القادة لإدارة الأعمال.

وفي ظل تعثر النظام اقتصاديًا، لم تجد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد حلًا سوى بيع أصول الدولة أو ما يمكن تسميته بـ”بيع مصر” عبر طرح ما قيمته 4.2 مليارات دولار من الأصول العامة على المستثمرين العرب والأجانب قبل نهاية 2023، وسط توقعات بإمكانية الحصول على ما قيمته 10 مليارات دولار من بيع أصول الدولة بنهاية يونيو 2024.

اقرأ أيضًا : حماس ترد على المقترح الأمريكي الجديد بشأن الصفقة مع الاحتلال