تعهّد وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، خلال زيارته إلى ليبيا، أن تقدّم بلاده الدعم لحكومة الوفاق الوطني الليبية، لتخفيض عدد المهاجرين غير الشرعيين المتوجّهين إلى أوروبا، وسط اتهامات للحكومة البريطانية باحتجاز آلاف المهاجرين بشكل متعمد في ليبيا، عبر تعزيز الجهود لمنعهم من الفرار من الصراع الدائر.

وقال جونسون، إنّ ليبيا هي الخط الأمامي لكثير من التحدّيات التي يمكن أن تثير مشاكل لبريطانيا، ولاسيما الهجرة غير المشروعة والتهديدات الإرهابية، وأضاف أنّه من المهم العمل مع الحكومة الليبية للمساعدة في تحقيق الاستقرار، ومنع البلاد من أن تصبح أرضاً خصبة للإرهابيين ومهرّبي الأسلحة والبشر على مقربة من أوروبا، بحسب صحيفة “ذا إندبندنت”.

في المقابل، تتحمّل منظّمات غير حكومية ، العبء الأكبر من العدوان المتزايد الذي يشنه خفر السواحل الليبي، حيث يحظر ضباط مسلحون عمليّات الإنقاذ ويطلقون النار للسيطرة على مناطق البحث والإنقاذ في المياه الدولية.

واتهم خفر السواحل الليبي، الذي تدربه البحرية الملكية البريطانية وشركاء في الاتحاد الأوروبي، بقتل المهاجرين وإساءة معاملتهم، ومهاجمة عناصر منظمات الإغاثة، حتى فضّلت منظمات إنسانية عديدة سحب سفنها خوفاً على سلامتها وسلامة المتطوعين والعاملين، مع انتشار مزاعم غير مؤكّدة عن التواطؤ مع المهرّبين الليبيين.

وتعرضت سفن تابعة لمنظّمة “أطباء بلا حدود” لإطلاق النار من قبل خفر السواحل الليبي العام الماضي، فاتّهمت الحكومة البريطانية بمحاولة التملّص من المسؤولية عن أزمة اللاجئين وعدم الاستقرار في ليبيا.

وقال أندري هيلر-بيراش، رئيس برامج المنظمة في المملكة المتحدة، إنّ بوريس جونسون، لم يذكر مناسبات عديدة هدّد فيها خفر السواحل الليبي المدرّب في بريطانيا أو أطلق النار على سفن البحث والإنقاذ العاملة في المياة الدولية، وأضاف أنّ سياسة الحكومة، تدفع اللاجئين والمهاجرين للوقوع بين أيدي المجرمين والتجار، وتساهم في المشكلة التي تدّعي أنّها تسعى إلى حلّها.

وتابع هيلر-براش، “لم يعد بوسع وزير الخارجية السكوت عن هذه المسألة، بل عليه الإجابة عن أسئلة جادّة حول الضرر الذي سبّبه دعم بريطانيا لخفر السواحل الليبي، والدور الذي تلعبه في محاصرة الناس في ليبيا”.

وتعيش ليبيا حربا أهلية منذ الإطاحة بالرئيس معمّر القذّافي في 2011، ولا تزال منقسمة بين حكومتين متنافستين رئيسيتين، ومليشيات عدة متحاربة، وأدّى هذا الوضع إلى فتح مجال واسع لمهرّبين يجلبون المهاجرين ويرغمونهم على العمل وممارسة الدعارة من دول أفريقيا جنوب الصحراء.

وأصدرت الأمم المتحدة تحذيرات متكرّرة بشأن الأهوال التي تحدث، بما فيها “مزادات العبيد” وجرائم الاغتصاب والتعذيب للمهاجرين في ليبيا، كما استغلّت جماعات ارهابية الفراغ الحالي في السلطة للسيطرة على مساحات شاسعة، ويثير احتمال قيام تنظيم الدولة باستخدام ليبيا كقاعدة لشن هجمات إرهابية دولية بعد تقلص قوته في العراق وسورية، انزعاجاً بعد أن تبيّن أن منفّذ هجوم مانشستر، خضع لتدريب إرهابي هناك.

وأفادت “ذا إندبندنت” بأنّ الوضع الأمني في ليبيا، “مروّع لدرجة أن تنصح وزارة الخارجية جميع المواطنين البريطانيين بعدم السفر إلى أي جزء من البلاد، وحث المتواجدين هناك على المغادرة فوراً، بعد أن أغلقت سفارتها في ليبيا”.

وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية البريطانية، إن جونسون، أكّد على أهمية مختلف المجموعات السياسية والاجتماعية في ليبيا، للعمل معاً والتغلّب على الصراع السياسي الحالي، وأعلن عن تمويل جديد بقيمة ثلاثة ملايين جنيه إسترليني، لإزالة المتفجّرات التي خلّفها تنظيم الدولة في سرت، ومليون جنيه إسترليني للتدريب على إزالة الألغام في جميع أنحاء ليبيا، ومليون آخر لإعادة البنى التحتية الحيوية واستعادة الخدمات العامّة الأساسية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، و2.75 مليون جنيه إسترليني لدعم مشاركة المرأة، و 1.29 مليون جنيه إسترليني لمساعدة النازحين.