لم تقتصر عملية ماهر الجازي، منفذ الهجوم على معبر الملك حسين “الكرامة”، على إشعال الرصاص في الأردن فقط، بل تجاوز صداها الحدود، لتصل إلى كل أنحاء الوطن العربي.
استعاد الجازي بهذا الحدث الذاكرة الجماعية للعرب، مذكّرًا بتضحيات الأردنيين في مواجهة الانتداب البريطاني ثم الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين، كما أشعل حفيظة كل الأحرار الذين يرفضون العداون الإسرائيلي على قطاع غزة.
الشاب الأردني الذي اقترب على الـ 40 ربيعا قرر أن ينفذ عملية في صباح يوم الأحد.. ذلك اليوم الذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باليوم الصعب.
فمن هو ذلك الشاب وكيف كانت تلك العملية تكملة لما قدمه أجداد له عظام جاهدوا ضد الاحتلال وأذاقوه المر؟.
من هو ماهر الجازي؟
ماهر الجازي، الاسم الذي برز بشكل لافت في الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نفذ عملية قُتل فيها ثلاثة إسرائيليين قبل استشهاده. هيئة البث العبرية أكدت أن الجازي، البالغ من العمر 39 عامًا، أطلق النار داخل معبر “اللنبي” باستخدام مسدس، مما أسفر عن مقتل ثلاثة إسرائيليين قبل أن يستشهد.
ينحدر ماهر من بلدة أذرح في محافظة معان الأردنية، وينتمي إلى قبيلة الحويطات الشهيرة، التي لعبت دورًا بارزًا في تاريخ المقاومة الأردنية والفلسطينية. ينحدر من أسرة مشهورة بالمقاومة؛ فهو من عائلة الشيخ هارون الجازي، الذي قاد متطوعين في حرب 1948، ومن نفس عائلة مشهور حديثة الجازي، قائد معركة الكرامة الشهيرة في عام 1968.
ماهر الجازي لم يكن مجرد اسم عابر في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بل كان حلقة أخرى في سلسلة من التضحيات والمقاومة الأردنية المستمرة منذ عقود. هذه العملية، التي أثارت الجدل والاحتفاء في الأوساط المقاومة، تمت بواسطة شاحنة قادها الشهيد إلى المعبر، حيث أطلق النار قبل أن يسقط شهيدًا.
شقيقه شادي ذكر في تصريحات، أن ماهر تأثر بما يجري في غزة، وكان غاضبًا من حال الأمة الإسلامية، وهو ما دفعه لتنفيذ العملية، مستذكرًا تاريخه كجندي سابق في الجيش الأردني قبل أن يتقاعد.
الإرث التاريخي لعائلة الجازي وتأثير العملية
الجازي ينتمي إلى عائلة عريقة في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ويعيد اسمه إلى الأذهان تاريخًا حافلاً من البطولات في مواجهة الانتداب البريطاني والاحتلال، فجدّه، الشيخ هارون الجازي، كان قائدًا لعدة معارك ضد البريطانيين والصهاينة، وارتبط بالقائد الشهيد عبد القادر الحسيني.
كما قاد جبهة جنوبية في معركة القسطل، وتمركز في باب الواد مع الكتيبة الأردنية الرابعة، موجهًا ضربات قوية للاحتلال الإسرائيلي، بذلك استعاد ماهر الجازي هذا الإرث في عملية استهدفت الإسرائيليين في معبر الكرامة، وأصبحت موضع اهتمام الرأي العام والمقاومة الفلسطينية. كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، رحبت بالعملية واعتبرتها خطوة نوعية.
أبو عبيدة، الناطق باسم القسام، علق على العملية قائلا إن “مسدس البطل الأردني كان أكثر فعالية من ترسانة عسكرية مكدسة”، مؤكدًا أن العملية تعكس ضمير الأمة العربية الإسلامية.
فيما تأتي هذه العملية في ظل التوترات المستمرة في الأراضي الفلسطينية، حيث تتعرض غزة لحملات قصف مستمرة. عملية الجازي تمثل صرخة في وجه هذا الواقع، وكما قال الكثيرون، “رصاصة من القرن العشرين” أطلقت في قلب الحاضر، لتعيد الصراع مع الاحتلال إلى الواجهة وتذكّر العرب بإرث المقاومة.
الخلاصة أن ماهر الجازي بات يمثل رمزية كبيرة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، باعتباره جزءًا من سلسلة طويلة من المقاومين الأردنيين الذين رفضوا الاستسلام.
قضيته وأثرها يتجاوز حدود الأردن لتصبح جزءًا من نضال إقليمي ضد الاحتلال، وهو ما تعكسه ردود الفعل العربية والإسلامية التي اعتبرت العملية جزءًا من طوفان المقاومة المستمر.
اقرأ أيضًا : وزير الاحتلال يكشف.. “بن سلمان سيشتري الغاز الإسرائيلي بعد صفقة التطبيع”!
اضف تعليقا