حذر رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، أعضاء المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت) من احتمالية اندلاع انتفاضة فلسطينية عنيفة في حال تم إجراء أي تغييرات في الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف. جاءت هذه التحذيرات في ظل التوترات المتزايدة في القدس والضفة الغربية، خصوصًا بعد تصاعد الاقتحامات للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين الإسرائيليين، بمشاركة ودعم وزراء متطرفين في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

رئيس الشاباك رونين بار أوضح خلال اجتماع الكابينيت أن أي تغييرات في الوضع القائم في المسجد الأقصى قد تشعل انتفاضة شعبية في الضفة الغربية والقدس، ما قد يؤدي إلى توحيد الجبهات الفلسطينية المختلفة. وأشار بار إلى أن مثل هذا التصعيد يمكن أن يحقق ما فشلت الحرب على غزة في تحقيقه خلال الأشهر العشرة الماضية. هذه التحذيرات تأتي في وقت يشهد فيه المسجد الأقصى تصعيدًا مستمرًا في اقتحامات المستوطنين تحت حماية القوات الإسرائيلية.

وفي نفس السياق، أكد نتنياهو خلال الاجتماع أنه “لا يوجد تغيير في الوضع القائم في الحرم القدسي”، مشيرًا إلى أن أي اقتحام للوزراء إلى المسجد الأقصى يجب أن يتم بموافقته المسبقة وبالتنسيق مع سكرتيره العسكري. تأتي هذه التصريحات بعد اقتحامات قام بها مئات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى، وهو ما أثار غضبًا فلسطينيًا ومخاوف من تصاعد العنف في المنطقة.

في الشهر الماضي، شهد المسجد الأقصى اقتحامات متكررة قام بها آلاف المستوطنين الإسرائيليين، وذلك بتحريض ومشاركة من وزراء متطرفين في حكومة الاحتلال. أحد أبرز هؤلاء الوزراء هو إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي في إسرائيل، الذي أعرب في تصريحات حديثة عن رغبته في بناء كنيس يهودي داخل باحات المسجد الأقصى، في خطوة تعتبر تحديًا كبيرًا للوضع القائم وتزيد من احتمالية اندلاع مواجهات عنيفة.

بن غفير، الذي دعا مرارًا إلى السماح لليهود بالصلاة داخل المسجد الأقصى، يعتبر من الشخصيات المثيرة للجدل في الحكومة الإسرائيلية. دعوته لبناء كنيس في المسجد الأقصى تزيد من التوترات، حيث يراها الفلسطينيون جزءًا من مخطط تهويد الحرم القدسي وتغيير هويته الإسلامية.

إلى جانب التوترات في القدس، يشهد الوضع في الضفة الغربية تصاعدًا ملحوظًا في العنف. كتبت الكاتبة الإسرائيلية نوعا لنداو في صحيفة “هآرتس” العبرية أن “قتل الأبرياء في الضفة الغربية أصبح أمرًا روتينيًا، بأعداد لم يكن يمكن تصورها قبل الحرب على غزة”. وأشارت إلى أن سياسات الحكومة الإسرائيلية، وخاصة الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، ساهمت في تحويل الضفة الغربية إلى منطقة تشبه قطاع غزة في مستوى التصعيد والعنف.

وأوضحت لنداو أن العمليات العسكرية الواسعة في الضفة تخلق واقعًا خطيرًا، حيث يمكن أن تتحول الضفة إلى ساحة مواجهة مستمرة تشبه ما يحدث في غزة. وبينت أن حلم حكومة نتنياهو في فرض حكم عسكري كامل على قطاع غزة قد يكون جزءًا من استراتيجية واسعة تشمل تشديد السيطرة على الضفة الغربية أيضًا.

في ظل هذه التطورات، عبّرت العديد من الجهات الفلسطينية عن مخاوفها من محاولات إسرائيلية لتهويد المسجد الأقصى. المدير العام لمؤسسة القدس الدولية، ياسين حمود، حذر من أن المسجد الأقصى يتعرض لخطر داهم بسبب السياسات الإسرائيلية، مؤكدًا أن هذه السياسات تستثمر التوترات الحاصلة في غزة والضفة لفرض أمر واقع جديد في الحرم القدسي.

حمود أضاف أن الجماعات الصهيونية المتطرفة تسعى لاستغلال الأوضاع الراهنة في قطاع غزة كذريعة لفرض تهويد المسجد الأقصى، وتحقيق حلمهم ببناء الهيكل المزعوم. وأشار إلى أن تصريحات بن غفير عن بناء كنيس داخل المسجد الأقصى هي جزء من مخطط تهويدي شامل، يهدف إلى تغيير هوية القدس والمقدسات الإسلامية فيها.

اقرأ أيضًا : احتجاز سائقين أردنيين على خلفية عملية “معبر الكرامة”