تحدثت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية أن دولة الإمارات العربية المتحدة تلعب دورًا رئيسيًا في تأجيج الصراع الدائر في السودان، من خلال توريد الأسلحة والمعدات العسكرية الحديثة إلى ميليشيات قوات الدعم السريع. 

يأتي ذلك في ظل تصاعد الحرب الأهلية في البلاد وتفاقم الانتهاكات ضد حقوق الإنسان ووقوع أزمة إنسانية كبيرة تهدد حياة الملايين من المدنيين في جميع أرجاء السودان.

في تقريرها الأخير، أوضحت “هيومن رايتس ووتش” أن قوات الدعم السريع السودانية، المتهمة بارتكاب جرائم حرب وفظائع متعددة، قد حصلت على أسلحة ومعدات عسكرية حديثة من مصادر أجنبية، تتصدرها الإمارات. 

تسليح إماراتي

المنظمة الدولية فإن هذه الأسلحة تشمل طائرات بدون طيار مسلحة، صواريخ موجهة مضادة للدبابات، وأجهزة تشويش على الطائرات بدون طيار، إلى جانب قاذفات صواريخ وذخائر هاون، مما يعزز قدرات الميليشيات المسلحة ويزيد من خطورة الصراع.

المنظمة الدولية قامت بتحليل 49 صورة ومقطع فيديو نشرها مقاتلون من الجانبين المتحاربين على منصات التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك”، “تيليجرام”، و”تيك توك”. 

وتبين من التحليل أن هذه المعدات صنعت في دول مثل الصين، إيران، روسيا، صربيا، والإمارات العربية المتحدة. تظهر الأدلة المرئية استخدام هذه الأسلحة في الصراع المستمر منذ أبريل 2023، مع تأكيد على أن بعض الأسلحة تم تصنيعها حديثًا خلال نفس العام، مما يوضح أن توريد الأسلحة مستمر وبوتيرة متسارعة.

دعوة لتوسيع حظر الأسلحة على السودان

تدعو “هيومن رايتس ووتش” إلى ضرورة توسيع حظر الأسلحة المفروض من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على دارفور ليشمل جميع أنحاء السودان، مؤكدة على أن الوضع الحالي يسهل على الجهات المتورطة في الصراع الحصول على أسلحة جديدة واستخدامها في ارتكاب المزيد من الجرائم. 

قال جان بابتيست جالوبين، الباحث في هيومن رايتس ووتش: “إن الصراع في السودان هو أحد أسوأ الأزمات الإنسانية وحقوق الإنسان في العالم. الأطراف المتحاربة ترتكب فظائع دون عقاب، والأسلحة التي تحصل عليها مؤخرًا ستزيد من حجم الجرائم المرتكبة ضد المدنيين”.

تشير المنظمة إلى أن الصراع منذ اندلاعه بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أدى إلى مقتل عدد كبير من المدنيين ونزوح الملايين، مع استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية. 

تجدد المنظمة الدعوة إلى فرض حظر أسلحة شامل على السودان، مؤكدة أن عدم اتخاذ إجراء يعرض البلاد لمزيد من الفوضى والانتهاكات واسعة النطاق.

مسؤولية المجتمع الدولي

يشير تقرير “هيومن رايتس ووتش” إلى أن الإمارات ليست الوحيدة في توريد الأسلحة إلى السودان، لكنها تأتي على رأس الدول المتورطة في تسليح قوات الدعم السريع. 

كما أشار تقرير نشرته منظمة العفو الدولية في يوليو 2023 إلى أن دولًا مثل روسيا، الصين، والإمارات العربية المتحدة تقوم بتوريد كميات كبيرة من الأسلحة إلى السودان، ما يجعل من الضروري توسيع نطاق العقوبات المفروضة على السودان لتشمل كامل الأراضي السودانية وليس فقط دارفور.

من جانب آخر، تشير “هيومن رايتس ووتش” إلى أن إنهاء حظر الأسلحة من شأنه أن ينهي عمل فريق الخبراء المعني بالسودان، وهو الكيان الذي يقدم تقارير دقيقة ومهمة حول تطورات الصراع في البلاد.

ومع الضغوط التي تمارسها الحكومة السودانية لرفع العقوبات وإنهاء الحظر المفروض على دارفور، تحذر المنظمة من أن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان وانتشار مزيد من الجرائم والانتهاكات.

تشدد “هيومن رايتس ووتش” على أهمية اتخاذ خطوات فورية لمحاسبة الدول المتورطة في تزويد الأطراف المتحاربة في السودان بالأسلحة، وبخاصة الإمارات، التي لعبت دورًا بارزًا في تأجيج الصراع.

كما دعت المنظمة المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير عاجلة لوقف تدفق الأسلحة إلى السودان وإلزام جميع الأطراف المتورطة باحترام حقوق الإنسان والقوانين الدولية.

تؤكد المنظمة أن الحلول العسكرية لن تؤدي إلا إلى المزيد من العنف والفوضى، وأنه لا بد من معالجة الأسباب الجذرية للصراع والعمل على تحقيق سلام دائم من خلال الحوار والتفاوض، بدلاً من الاعتماد على الأسلحة والقوة العسكرية. كما دعت إلى تفعيل آليات المراقبة الدولية لعمليات نقل الأسلحة، وضمان عدم وصولها إلى الأطراف التي تستخدمها في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وفي ضوء استمرار تدفق الأسلحة إلى السودان، تحذر المنظمة من أن المجتمع الدولي قد يكون على وشك فقدان فرصة ثمينة لمنع تفاقم الكارثة الإنسانية في السودان. يجب أن يتم اتخاذ إجراءات صارمة لضمان تحقيق العدالة للضحايا ومعاقبة المتورطين في تأجيج الصراع.

اقرأ أيضًا : خيوط الخديعة.. كيف خدعت الإمارات السودانيين وحولتهم إلى مرتزقة في ليبيا