دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لأزمة سوء التغذية الحاد المتفاقمة في اليمن، وخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، حيث يواجه الأطفال دون سن الخامسة مخاطر غير مسبوقة على حياتهم نتيجة تدهور الأوضاع الإنسانية.

وأشار المرصد الأورومتوسطي في بيانٍ له اليوم الخميس، إلى أن التقارير الميدانية تؤكد اقتراب البلاد من الدخول في حالة مجاعة، ما يستوجب تدخلاً فوريًا من المجتمع الدولي لإنقاذ أرواح آلاف الأطفال الذين يعانون من نقص حاد في التغذية.

ويعاني نحو 2.2 مليون طفل في اليمن من سوء التغذية الحاد، بمن في ذلك حوالي 540,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم، مما يعرضهم لخطر الوفاة في حال عدم توفير الرعاية الصحية اللازمة.

وحذر المرصد الأورومتوسطي من أن تفاقم أزمة الغذاء في اليمن يأتي في ظل تدهور اقتصادي حاد يعصف بالبلاد منذ اندلاع الصراع المستمر منذ ما يزيد عن ثماني سنوات، حيث يواجه ملايين اليمنيين نقصًا حادًا في الغذاء وارتفاعًا غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن أزمة الغذاء في اليمن هي من صنع الإنسان نتيجة الحرب هناك، حيث تظهر الحالات الأكثر خطورة على طول سواحل البحر الأحمر المدمرة بالصراع الطويل الذي بدأ في مارس 2015، في وقت كان فيه اليمن بالفعل من أفقر البلدان في شبه الجزيرة العربية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وأضاف أنه اليوم، لا يعرف 21.6 مليون يمني ـ أي ثلثا سكان اليمن ـ من أين ستأتي وجبتهم التالية، فيما يعيش أكثر من 80% من اليمنيين تحت خط الفقر.

ودعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي، خاصة الجهات المانحة والدول المعنية، إلى مضاعفة جهودها لضمان وصول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية إلى الفئات الأكثر تضررًا، لا سيما الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، والعمل على تسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية الضرورية للحفاظ على حياتهم.

كما أكد المرصد الأورومتوسطي على ضرورة العمل الجاد من أجل إنهاء الصراع في اليمن، وضمان استقرار الأوضاع بما يسمح بتعافي الاقتصاد وتوفير حياة كريمة لليمنيين، لافتًا إلى أن معالجة أزمة الغذاء وسوء التغذية في البلاد تتطلب جهودًا شاملة ومستدامة لتحقيق السلام والاستقرار.

وفي الوقت الذي تواجه العديد من الدول انعدام الأمن الغذائي والنقص في الغذاء والإمدادات، تعلن الأمم المتحدة عن حدوث مجاعة فقط عندما تتم تلبية شروط معينة، باستخدام مقياس يُعرف باسم تصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل (IPC)، فتصنيف المجاعة هو الأعلى في مقياس IPC، ويُعلن في منطقة ما حين يواجه ما لا يقل عن 20% من السكان نقصًا شديدًا في الغذاء وتجاوز معدلات سوء التغذية الحاد 30% ويموت شخصان من بين كل 1,000 شخص من الجوع يوميًا.

ولأول مرة، تم الإبلاغ عن هذا المستوى في اليمن من قبل خبراء الأمم المتحدة في ثلاث مناطق. كشف تقرير نشرته مجموعة التقنية التابعة لتصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل (IPC) في اليمن، والتي تغطي فقط المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، أن منطقتين في السهل الجنوبي بمحافظة الحديدة ومنطقة واحدة في سهل تعز (المخا) تقع ضمن المرحلة 5، التي تُعتبر أسوأ مرحلة في تصنيف IPC، ومن المتوقع أن تتبعها أربع مناطق أخرى—الموزع والمخا في سهل تعز، وحيس والخوخة في سهل الحديدة—بحلول أكتوبر 2024.

ووفقًا لتقرير التصنيف المرحلي المتكامل، ساءت معدلات سوء التغذية في اليمن بشكل كبير بسبب مجموعة من العوامل، بما في ذلك نقص مياه الشرب، ونقص الغذاء المغذي، وانتشار الأمراض مثل الكوليرا والحصبة، والركود الاقتصادي الأوسع.

وارتفع عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد في البلاد بنسبة 34% مقارنة بالعام الماضي، بما في ذلك أكثر من 18500 طفل دون سن الخامسة ومن المتوقع أن يعانون من سوء التغذية الحاد في الأشهر المقبلة.

وتعاني النساء والفتيات بشكل غير متناسب من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، وتزداد آليات التكيف صعوبةً يومًا بعد يوم. تأكل النساء أخيرًا وبكميات أقل، مع إعطاء الأولوية للأطفال والأقارب الآخرين أو استخدام المال لاحتياجات الأسرة الأخرى. ومن المتوقع أن يكون حوالي 223,000 امرأة حامل ومرضع في حالة سوء تغذية بنهاية هذا العام. بالإضافة إلى ذلك، زاد الزواج المبكر منذ تصاعد الصراع، حيث تُجبر الفتيات في سن الثامنة على الزواج لتقليل عدد أفراد الأسرة الذين يتعين إطعامهم، أو كمصدر دخل لتوفير الغذاء لبقية الأسرة وسداد الديون.

وتسيطر الحكومة الشرعية على نحو 55 بالمئة من المساحة الجغرافية لليمن، بينها محافظة حضرموت التي تشكل أكثر من ثلث مساحة البلاد، فيما يسيطر الحوثيون على نحو 25 بالمئة، في الوقت الذي يسيطر المجلس الانتقالي على قرابة 20 بالمئة من جغرافيا اليمن البالغ مساحتها أكثر من 550 ألف كيلو متر مربع.

وتسيطر الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا على عدة محافظات بشكل كلي، أبرزها حضرموت (شرق) التي تعد أكبر المحافظات مساحة، وتحوي عدة مدن هامة أثرية وساحلية وسياحية مثل المكلا وسيئون وشبام وتريم والشحر، كما تحتضن مطارين دوليين هما “سيئون” و”الريان”، وتتميز أيضا أنها غنية بالنفط ورجال الأعمال.

كما تسيطر الحكومة على المهرة، ثاني أكبر المحافظات مساحة، وتقع في أقصى شرقي اليمن على الحدود مع سلطنة عمان، وتنتشر فيها أيضا قوات سعودية وتحوي مطار الغيضة الدولي وميناءي “نشطون” البحري و”شحن” البري.

وتسيطر الحكومة الشرعية أيضا على محافظات بشكل شبه كامل، فيما الحوثيون يسيطرون على بعض مناطقها منذ سنوات.

وعلى سبيل المثال، تسيطر الحكومة على معظم مساحة محافظة مأرب النفطية والغازية، بما في ذلك مركزها “مدينة مأرب” التي باتت منذ سنوات من أكثر المدن كثافة سكانيا في اليمن.

وتقول التقارير الحكومية، إن المدينة تحتضن أكثر من مليوني نازح، يشكلون أكثر من نصف إجمالي نازحي البلاد البالغ عددهم 4.5 ملايين.

ومنذ بداية فبراير/ شباط 2021، كثف الحوثيون هجماتهم في مأرب للسيطرة عليها ـ قبل أن تهدأ المعارك قبل نحو عامين ـ كونها أهم معاقل الحكومة والمقر الرئيس لوزارة الدفاع، إضافة إلى تمتعها بثروات النفط والغاز واحتوائها على محطة الغاز التي كانت قبل الحرب تغذي معظم المحافظات بالتيار الكهربائي.

وإلى ذلك، تسيطر الحكومة على معظم محافظة لحج (جنوب)، بما في ذلك مركزها مدينة الحوطة، فيما تسيطر جماعة الحوثي على بعض مناطق المحافظة التي تشهد حالة من جمود المعارك.

ويتشابه هذا الوضع في محافظة الضالع الجنوبية، حيث تسيطر القوات الموالية للحكومة على معظم مديرياتها، بما في ذلك عاصمة المحافظة “مدينة الضالع”، فيما يواصل الحوثيون بسط نفوذهم على بعض المناطق فيها ـ أبرزها مدينة دمت السياحية ـ وتدور فيها معارك متكررة دون تقدم لأي طرف.

وتسيطر قوات الحكومة على نحو 60 بالمئة من محافظة تعز (جنوب غرب) الأكثر سكانا في اليمن، بما في ذلك “مدينة تعز” مركز المحافظة.

ويحظى الحوثيون بامتياز السيطرة على مدينة الحوبان شرقي محافظة تعز، التي توجد فيها مصانع للقطاع الخاص، ومنها تحصل المحافظة على 70 بالمئة من إجمالي إيراداتها.

ويسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، على كامل محافظة عدن (جنوب)، العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية بدلا من صنعاء.

ويسيطر عليها المجلس منذ أغسطس /آب 2019 بعد مواجهات مع القوات الحكومية، وتعد ثاني أهم المحافظات بعد صنعاء، حيث كانت توصف قبل الحرب بأنها العاصمة الاقتصادية والتجارية للبلاد.

ومنذ يونيو/ حزيران 2020، يسيطر المجلس الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، على محافظة سقطرى الاستراتيجية الحيوية المطلة على المحيط الهندي، جنوب شرقي اليمن، والتي توصف بأنها أكبر جزيرة عربية من حيث المساحة.

وإضافة إلى ذلك، يسيطر المجلس الانتقالي على محافظة شبوة، التي تحوي “منشأة بلحاف الغازية” أهم منشآت البلاد الاقتصادية، والتي تعطل نشاطها قبل سنوات وسط مطالب شعبية وحكومية بإعادة تشغيلها لتحسين اقتصاد البلاد المنهار.

ويتقاسم المجلس الانتقالي (تأسس عام 2017) مع الحكومة السيطرة على محافظة أبين (جنوب – مسقط رأس الرئيس السابق عبدربه منصور هادي)، ويحظى بامتياز السيطرة على مدينة زنجبار عاصمة المحافظة.

ويتمتع المجلس الانتقالي الجنوبي أيضا بحضور عسكري وسياسي في محافظتي الضالع ولحج جنوبي اليمن.

ويعاني اليمن حربا بدأت عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014، بإسناد من قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي قتل في 2017 بمواجهات مع مسلحي الجماعة إثر انتهاء التحالف بينهما.

واشتد النزاع منذ مارس/ آذار 2015، بعد أن تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة الشرعية في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

وحتى نهاية 2021، أسفرت حرب اليمن عن مقتل 377 ألفا بشكل مباشر وغير مباشر، وفق الأمم المتحدة، فيما لا توجد إحصائية حديثة حول إجمالي الضحايا.

وأدت الحرب إلى خسارة اقتصاد البلاد 126 مليار دولار، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، حيث يعتمد معظم السكان البالغ عددهم نحو 32 مليونا على المساعدات.

اقرأ أيضا: إصابة إسرائيلي بجروح بعد استهداف حزب الله