كشفت مؤسسة “SourceMaterial” في تحقيق حديث عن تورط دولة الإمارات العربية المتحدة في تهريب أسلحة إلى قوات الدعم السريع في السودان، هذه العملية تتم بمساعدة مرتزقة روس من مجموعة “فاغنر”، والتي كانت تحت قيادة يفغيني بريغوجين قبل مقتله.

التحقيق يوضح أن هذه الأسلحة تُهرّب عبر جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تتحالف الحكومة الإماراتية مع شبكات تهريب محلية ومرتزقة لتوصيل الدعم العسكري. 

طبقا لشهادة عبدو بودا، المتحدث باسم تحالف الوطنيين من أجل التغيير في جمهورية أفريقيا الوسطى، أكد اعتراض مجموعته العديد من شحنات الأسلحة القادمة من الإمارات والموجهة لقوات الدعم السريع عبر بلاده. 

صرّح بودا أن مرتزقة “فاغنر” كانوا يتولون عملية النقل، وأن مجموعته تمكنت من اعتراض شحنتين والقبض على أربعة مرتزقة، قتل منهم اثنان فيما بقي الآخران قيد الأسر. 

وخلال التحقيق مع هؤلاء الأسرى، كشفوا عن وجود تنسيق بين الإمارات و”فاغنر” وحكومة جمهورية أفريقيا الوسطى لنقل الأسلحة إلى السودان، ما يعزز من تعقيد وتشابك الأطراف المشاركة في هذا النزاع.

الدعم الممنهج لقوات الدعم السريع

التقرير كشف أيضًا عن رسالة موجهة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من ممثل السودان، الحارث إدريس الحارث محمد، والذي أكد فيها أن الإمارات تقدم دعمًا منهجيًا لقوات الدعم السريع. 

وتضمنت الرسالة المكونة من 78 صفحة قائمة بـ 43 رحلة جوية تمت بين يوليو 2023 ومارس 2024 من الإمارات إلى مطار أمجراس في تشاد، حيث حملت 25 رحلة منها أسلحة إلى قوات الدعم السريع.

ووردت في الرسالة صورة لصندوق من بنادق كلاشينكوف، يُزعم أنه تم تفريغه من طائرة إماراتية، كذلك لم يقتصر الدعم الإماراتي على الطريق الجوي عبر تشاد، بل اتجه إلى استغلال علاقاتها مع مجموعة “فاغنر” لتطوير مسار تهريب بديل عبر جمهورية أفريقيا الوسطى.

وبحسب ناتاليا دخان، المتخصصة في شؤون وسط أفريقيا، فإن طائرات إماراتية كانت تصل ليلًا إلى العاصمة بانغي محملة بالأسلحة، حيث قامت “فاغنر” بنقلها عبر مروحيات وطائرات عسكرية إلى السودان. 

هذا التعاون بين الإمارات و”فاغنر” يعكس تطورًا في مسارات تهريب السلاح وتوسعها لتعزيز قدرات قوات الدعم السريع، بالرغم من العقوبات الدولية المفروضة على السودان.

تحويل الأسلحة الليبية إلى السودان

الأكاديمي أندرياس كريغ من “كينغز كوليدج لندن” أشار إلى أن بعض الأسلحة المهربة إلى السودان عبر جمهورية أفريقيا الوسطى كانت في الأصل موجهة إلى شرق ليبيا لدعم فصيل مسلح هناك، ثم تم تحويلها إلى مجموعة “فاغنر” لتستخدم في نقلها لاحقًا إلى السودان. 

وأكد أن بعض هذه الأسلحة تم نقلها جوًا إلى جمهورية أفريقيا الوسطى قبل أن تُهرّب لاحقًا إلى السودان مع اندلاع الحرب في أبريل 2023، كذلك بعد مقتل يفغيني بريغوجين في حادث تحطم طائرة في أغسطس 2023، تم دمج مجموعة “فاغنر” تحت مسمى “فيلق أفريقيا” في وزارة الدفاع الروسية، واستمرت في عملياتها في جمهورية أفريقيا الوسطى منذ 2018. 

كانت المجموعة تستغل الأوضاع المتوترة في أفريقيا وتعمل على دعم الحكومة في جمهورية أفريقيا الوسطى ضد الجماعات المتمردة، كما أنها سيطرت على مناجم الذهب، ما منحها مزيدًا من النفوذ في المنطقة. 

لكن مع محادثات موسكو مع الحكومة السودانية لبناء ميناء روسي على البحر الأحمر، تبدو عمليات تهريب الأسلحة بطيئة نسبيًا، وفقًا لما ذكره مسؤول غربي مطلع على الوضع.

دور إمارات الشر 

بالرغم من التباطؤ في بعض عمليات التهريب، إلا أن الإمارات تواصل دعمها لقوات الدعم السريع بطرق مختلفة، متحدية بذلك العقوبات الدولية، يشير الأكاديمي أندرياس كريغ إلى أن الإمارات وضعت كل ثقلها اللوجستي والمالي والسياسي والدبلوماسي خلف قوات الدعم السريع، مع إبقاء قنوات اتصال مفتوحة مع الحكومة السودانية كخطة بديلة في حال فشل وكيلها المتمثل في قوات الدعم السريع. 

هذا النهج المزدوج يتيح للإمارات الحفاظ على نفوذها في السودان واستمرار التأثير على مسار الحرب هناك، ذلك في الوقت الذي وجهت فيه الاتهامات إلى الإمارات، نفت الحكومة الإماراتية بشدة أي تورط في تقديم الدعم العسكري لقوات الدعم السريع. حيث وصف محمد أبو شهاب، سفير الإمارات لدى الأمم المتحدة، الاتهامات السودانية بأنها محاولة ساخرة لصرف الانتباه عن إخفاقات القوات المسلحة السودانية.

لكن رغم النفي الرسمي، يبقى التقرير الذي أعده خبراء الأمم المتحدة وصف هذه المزاعم بأنها “موثوقة”، مما يثير المزيد من التساؤلات حول مدى تورط الإمارات في هذا الصراع وتبعاته على الوضع الإقليمي والدولي.

الخلاصة أن هذا التحقيق عن شبكة معقدة من العلاقات والتحالفات غير المشروعة بين الإمارات ومرتزقة “فاغنر”، تهدف إلى تعزيز قدرات قوات الدعم السريع في السودان، من الواضح أن هذه العمليات تتم في ظل تحديات كبرى تتعلق بالعقوبات الدولية والحظر المفروض على تسليح السودان، مما يضع الإمارات في موضع مساءلة دولية مستمرة.

اقرأ أيضًا : لماذا يهاجم بوق الإمارات عبد الخالق عبد الله إخوان الأردن بعد فوزهم بالانتخابات؟