قررت وزارة الاتصال الجزائرية، مساء أمس الخميس، تعليق طباعة “يومية جزائر الغد” فورا، والشروع في الإجراءات القانونية للتوقيف النهائي لنشاطها.

وأفاد بيان لوزارة الاتصال، أن قرار التعليق جاء استنادا للمادة 54 من الدستور والمادة 70 من قانون الصحافة المكتوبة والإلكترونية.

وأضاف: “استدعت مصالح الوزارة (طبقا للمادة 80 من قانون رقم 1923 المتعلق بالصحافة المكتوبة والإلكترونية) مدير نشر يومية “جزائر الغد”، والمؤسس المدير النفيذي للنشرية، للاستماع إليهما بخصوص الملف الصحفي المنشور في الجريدة (عدد 10 بتاريخ 19 أيلول/سبتمبر 2024) من إعداد المؤسس الرئيس المدير العام للنشرية، بسبب تضمنه معلومات مضللة وغير موثقة، ومخالفة للمواد المنظمة للعمل الصحفي المنصوص عليها في القانون العضوي (رقم 23-14 المتعلق بالإعلام، لاسيما المواد 3 ، 20 و 35 وأحكام القانون رقم 23-19 المتعلق بالصحافة المكتوبة والإلكترونية)”.

وبناء على ذلك، أعلنت وزارة الاتصال الجزائرية تعليق طباعة “الجزائر الغد”، ومباشرة إجراءات التوقيف النهائي لها .

ومع أن بلاغ وزارة الاتصال لم يكشف طبيعة الملف المعني بالأمر، ولا المعلومات المضللة التي احتواها، إلا أن عددا من الإعلاميين كشفوا عن ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي.

 وحملت الصفحة الأولى لصحيفة “الجزائر الغد” صورة للرئيس عبد المجيد تبون مع عناوين صادمة، تم تداولها على مواقع التواصل. وجاء المانشيت على شكل سؤال يقول: “بعد عملية (Star Six) لزعزعة استقرار الجزائر والتشويش على الرئاسيات. هل يُخطط الصَّهَايِنَة وَمِحْوَر الشَّرْ لاغتيال الرئيس تبون؟”. وعملية (Star Six) كانت صحيفة أخرى فرنكوفونية تدعى “لوسوار دالجيري”، قد تحدثت عنها خلال الحملة الانتخابية للرئاسيات، أشارت إلى وجود مؤامرة لعرقلة الانتخابات الرئاسية من أطراف معادية للجزائر في المحيط العربي والإقليمي.

وفي العناوين الأخرى الفرعية التي نشرتها صحيفة “الجزائر الغد” تحت المانشيت، نقرأ “مصدر عليم لـ “الجزائر الغد”: الرئيس تبون معرّض فعليا للاغتيال في أي لحظة من طرف قوى الشر”. وآخر: “الرئيس تبون معرّض للاغتيال في أي لحظة مثل الرئيس هواري بومدين”. وعنوان يقول: “لماذا ترتعد فرائص محور الشر الصهيوني من عهدة رئاسية ثانية لتبون؟”. ونقل كلام على لسان تبون يقول: “الجزائر يتم استهدافها كل 5 سنوات من أجل زعزعة استقرارها؛ نظرا لمواقفها الثابتة”.

وكتب الإعلامي الجزائري نجيب بلحيمر، على صفحته على منصة “فيسبوك”، توضيحا مفصلا حول ما جرى للصحيفة، بعنوان “رسالة وعبرة”، وقال: “جريدة “جزائر الغد” التي تم إيقاف طبعها فورا مع الشروع في “الإجراءات القانونية للتوقيف النهائي” لنشاطها حسب بيان وزارة الاتصال متهمة بنشر “معلومات مضللة وغير موثقة، ومخالفة للمواد المنظمة للعمل الصحفي” حسب البيان نفسه.

وأضاف: “الجريدة نشرت ملفا تحت عنوان “هل يخطط الصهاينة ومحور الشر لاغتيال الرئيس تبون؟”. ولعل الذي وضع العنوان كان يعتقد أن صيغة الاستفهام تسمح له بتحرير خياله ورسم سيناريو مثير، يجلب انتباه موزع الريع الإشهاري وليس القارئ؛ لأنه لا أحد يقرأ الجرائد اليوم”.

وأكد بلحيمر أن “الأهم هو أن العنوان المعلق الذي لا يكاد يرى في الصورة المتداولة للصفحة الأولى للجريدة كان: “بعد عملية star six لزعزعة استقرار الجزائر والتشويش على الرئاسيات”، وهو ما يعني أن من وضع العنوان كان يتحرك ضمن الخط الذي رسمته الحملة الإعلامية التي صاحبت الانتخابات، وقد نشرت جرائد أكثر شهرة من “جزائر الغد” مقالا ليست فيه أي معلومات موثقة عن مؤامرة باسم ستار سيكس، تورطت فيها دول محور الشر التي ذكرها ملف “جزائر الغد”، ووضع صور رؤساء تلك الدول في الصفحة الأولى”.

وأضاف: “لقد نشرت  جريدة لوسوار دالجيري قصة ستار سيكس ونقلتها جرائد أخرى، ولم يسأل أحد عن مصداقية القصة والمصادر التي اعتمد عليها من كتب ونشر. لم تعد لوسوار دالجيري ووسائل الإعلام التي روجت لقصة المؤامرة إلى الموضوع، رغم ما أثارته العملية الانتخابية وإعلان نتائجها من تضارب في الأرقام وتناقض في التصريحات، ورغم أن أطروحة المؤامرة تم تداولها في اليوم التالي للاقتراع”.

ورأى بلحيمر أن “صاحب الملف الذي أثار غضب وزارة الاتصال، اعتقد أنه يكمل المهمة التي بدأها زملاؤه في أثناء الحملة الانتخابية، ولم ينتبه إلى أن الأولويات تغيرت بمجرد الإعلان عن النتائج النهائية، كما غاب عنه استيعاب ما تنشره رئاسة الجمهورية، عبر مواقعها عن التهاني التي تلقاها السيد تبون، بمناسبة فوزه بعهدة ثانية، وكانت من ضمنها تلك التي وردت من اثنين من الذين نشرت صورهم كأعضاء في” حلف الشر”.

وأكد بلحيمر في نهاية تدوينته أن “الحماس الزائد جعل “جزائر الغد” تتحول إلى أداة استعملتها السلطة، كتحذير لوسائل الإعلام لتعيد رسم الحدود في هذه المرحلة، وتذكير الجميع بأن الحملات الإعلامية لا يمكن التطوع لها، فكل شيء محسوب ومنظم”.

وأضاف: “لم تخترع “جزائر الغد” شيئا جديدا، ولم تتجاوز حدودا كانت مرسومة بوضوح، لكنها اجتهدت في التوقيت الخطأ الذي كانت فيه السلطة تحتاج إلى إرسال إشارات إلى من يعنيهم الأمر بأن الوضع تغير، ولأنها جاءت في الوقت الخطأ، فقد تحولت إلى مجرد إشارة طواها النسيان بمجرد وصول الرسالة”، وفق تعبيره.

وأعلنت المحكمة الدستورية في الجزائر، السبت الماضي، رسميا فوز عبد المجيد تبون بالانتخابات الرئاسية لولاية ثانية مدتها 5 أعوام بنسبة 84.30 بالمئة من أصوات الناخبين. والثلاثاء الماضي أدى اليمين الدستورية رئيسا للبلاد لولاية جديدة .

 

اقرأ أيضا: استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال بالقدس