العدسة – جلال إدريس
داخل الأبراج العالية والفنادق الفارهة، تروّج (دولة الإمارات) سرا وعلنا، لتجارة تعد من أحط التجارات في العالم، إلا أنها الأكثر جذبًا للأموال؛ حيث اشتهرت الدولة العربية المسلمة بأنها واحدة من أكثر دول العالم ترويجًا لتلك التجارة.
(الجنس وتجارة الرقيق) هي تلك التجارة التي تشتهر بها الإمارات، حيث تفتح الإمارات أبوابها للخمور والبغاء وتجارة البشر تحت حماية وأعين المسؤولين والحكام، في حين يضيق حكامها على النشطاء والسياسيين والمواطنين والمقيمين، حتى بات البعض يؤكد أن الإمارات يحرم فيها كل شيء سوى “الجنس”.
ونتيجة تنامي ظاهرة تجارة الجنس والرقيق بشكل كبيرة داخل الإمارات، تنطلق بين الحين والآخر دعوات تدعو إلى محاربتها تحت هاشتاج «#أوقفوا_الدعارة_في_دبي وأبوظبي»، في إشارة إلى أن الحكومة تغض الطرف عنها.
حملات لفضح البغاء
انشار الجنس وتجارة الرقيق دفعت عدة منظمات حقوقية دولية، لإصدار تقارير تكشف الوجه الآخر للإمارات التي تقدم نفسها كواجهة حضارية معمارية مميزة.
وأواخر العام الماضي، أطلقت مؤسسات حقوقية غربية حملة دولية لمقاطعة الإمارات، تستهدف تعريف الرأي العام الغربي بالوجه الحقيقي للبلد الذي يسوِّق نفسه على أنه واحة السعادة ورعاية حقوق الإنسان بالمنطقة، الغارقة في الحروب والانتهاكات.
وبحسب الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات (ICBU)، فإن الإمارات تمتلك سجلاً سيئاً في مجال حقوق الإنسان، مثل تسهيل الاتجار بالبشر، والعبودية الحديثة للعمالة، فضلاً عن استغلال العاملات في البغاء طوعاً أو جبراً.
وفي تقريرها السنوي لعام 2015، أصدرت منظمة “هيومان رايتس ووتش” الحقوقية الدولية تقريراً بعنوان “الإمارات العربية المتحدة.. القمع على الجبهات كافة”.
وسبق أن قالت وزيرة السعادة الإماراتية عهود الرومي، إن تحقيق السعادة في الإمارات يشمل جميع فئات المجتمع، وإنه “ليس حكراً على المواطنين”.
وبالرغم من أن قوانين الإمارات لا تسمح بممارسة الدعارة إلا أن القاصي والداني يعلم أن إحدى إماراتها السبع وهي دبي، هي مقصد القوادين من كل أنحاء العالم. حسب تقارير صحفية.
تناقضات إماراتية
الغريب أن دولة الامارات تشهد مفارقات عجيبة فيما يتعلق بتجارة الجنس والرقيق، حيث إنه في بعض إمارات الدولة يتم جلد شارب الخمر والزاني، وفي إمارات أخرى تباع الخمور علناً وتعتبر عمادا للاقتصاد.
الأغرب أنه في إمارة من الإمارات السبع أيضا يوجد مبنى ضخم وفارهٌ يضم أربعة طوابق، وفي كل طابق هناك المئات من بنات الهوى ومن جنسيات متعددة.
ووفقا لتقارير صحفية فإن الإمارة التي تجلد شارب الخمر هي الشارقة، والإمارة التي يقوم اقتصادها على بيع الخمور علناً هي عجمان، والإمارة التي يقع فيها المبنى الذي يتكون من أربعة طوابق ويمارس فيه البغاء علناً هي دبي.
ولعل القارئ لرواية “شاهندة” التي كتبها وزير خارجية الإمارات السابق، راشد عبد الله النعيمي، قبل أن يصبح وزيرا، يقف على التفاصيل الدقيقة للثراء المحدق واللامشروع لدولة الإمارات.
الرواية التي كُتبت من وحي الحقيقة، تحدثت بشكل واضح عن تجارة الرق في الإمارات، من خلال استعراض حياة جارية اسمها شاهندة اختطفها التجار من بلدها وباعوها في الدولة الخليجية.
دبي.. مدينة المومسات
وأطلق الموقع الأمريكي vice، على إمارة دبي اسم «لاس فيجاس»، في إشارة إلى منافستها المدينة في ناطحات السحاب والملاهي الليلية التي تلبي رغبات زبائنها.
ويطلق على دبي مدينة المومسات نظرا لانتشار الدعارة بها حيث تقول إحصائيات إن أكثر من 80% من سكان إمارة دبي أجانب، من بينهم ما لا يقلّ عن 2% من العاهرات، وفق ما ذكره موقع “ميدل نيوز” العبري.
وبالرغم من التكتم الشديد على حجم الدعارة المنتشرة في الإمارات وخاصة مدينة دبي، إلا أن تقديرات منذ بضع سنوات قالت إن نحو 30 ألف فتاة تعمل في الجنس داخل دبي فقط.
وكانت الصحفية البلغارية ميمي تشاكاروفا كشفت في فيلمها الوثائقي «أسرار الليل»، الذي يتحدث عن تجارة النساء بالعالم، عن التناقض بين المحافظة الاجتماعية الظاهرة في الإمارة وبين انتشار النوادي الليلة الشعبية للتعاقد مع عاملات جنس.
وفي أكتوبر من عام 2014، قالت صحيفة “البيان” الإماراتية الشهيرة: إن إحدى النساء العربيات فوجئت، لدى قدومها إلى الدولة للعمل في أحد صالونات التجميل النسائية، بأن الوظيفة التي جاءت من أجلها، بواسطة امرأة من بلدها، هي “العمل في الدعارة”، وأن “الوعود المنمَّقة” التي اهتدت بها لاتخاذ قرار غُربتها، ما هي إلا أساليب احتيال وخداع، لتوريطها في براثن شبكة اتجار بالبشر، بقصد استغلالها جنسياً، وإجبارها على ممارسة أعمال منافية للآداب مع الراغبين دون تمييز.
كما عرضت قناة “الجزيرة” الإخبارية تقريراً لصحيفة أوروبية، في يوليو 2017، كشفت فيه عن إجبار الإمارات للفتيات القاصرات على ممارسة الدعارة، قائلة إنها وجدت أن اقتصاد البلد يعتمد بنسبة كبيرة جداً على الدعارة الدولية.
استغلال للعمالة
وفي السياق، يقول الصحفي السوداني تاج عثمان: “ما شاهدته بعينيَّ الاثنتين في أحياء وأوكار الدعارة العالمية بمدينة دبي، فضيحة ووصمة عار، وطعنة مؤلمة في خاصرة الوطن من حفنة من النساء والفتيات السودانيات، اللائي يلطِّخن سمعة كل السودانيين داخل البلاد وخارجها في وحل وقذارة الدعارة العلنية”.
وأضاف: “يأتين من السودان تحت ستار التجارة أو السياحة، لكنهن في الحقيقة ما قصدن الإمارات سوى لتجارة الجنس. فتيات سودانيات صغيرات السن يمارسن أرخص وأرذل أنواع الدعارة، يعرضن أجسادهن للجنسيات الأخرى مقابل دريهمات قليلة”.
ويروي عثمان أنه “شاهَد العمال من الباكستانيين، والهنود، والبنغال، والأفارقة يقفون خارج بنايات الدعارة التي تضم العاهرات السودانيات؛ انتظاراً لدورهم! والإقبال على العاهرات السودانيات ليس بسبب جمالهن؛ بل لرخص أسعارهن، التي تتراوح بين 30 و100 درهم، كما أنهن العربيات الوحيدات اللاتي يعرضن أنفسهن في الشوارع بمناطق الدعارة.
ونقل التقرير عن فتاة في عامها الـ19، أنها “تمارس الدعارة يومياً مع أكثر من 30 رجلاً بالإمارات رغماً عنها؛ لتربح المال ولدعم سياحة واقتصاد البلاد”.
وتشير التقارير إلى أن الفتيات يدخلن البلاد عن طريق تأشيرة زيارة، ثم تتحول إلى تأشيرة عمل، ثم يعملن في مجال الدعارة فيجدون من يُؤمّن وجودهن داخل البلد ويحيّهن، ما يثير تساؤلات عن الداعم لتلك التجارة الرابحة للبلد والعاملين فيها.
اعترافات ضاحي خلفان
وفي تصريحات سابقة لقائد الشرطة الإماراتي السابق ضاحي خلفان، أوضح أن الدعارة والخمور في الفنادق بدبي أمر منتشر وعام، لافتا إلى أنه لا يمكن منعها أو الحد منها.
ووفقا لصحيفة «أرابيان بيزنس» الإماراتية، فإن دولة الإمارات احتلت بالفعل المرتبة الأولى عالميا باعتبارها أكثر بلدان العالم استهلاكا للويسكي الأسكتلندي لتزيح بذلك فرنسا التي حلت في المرتبة الثانية.
وقالت صحيفة واشنطن بوست أنه في عام 2014 باعت إمارة دبي ما يقرب من 67.2 مليون لتر بيرة، و20 مليون مشروبات كحول أخرى.
وكانت السلطات الإماراتية قد خففت من قيودها على شراء الخمور ومشروبات الكحول في نهار رمضان بدءا من عام 2016، وأشارت الصحيفة إلى أن القرار يعكس حرص الإمارت على زيادة إيرادات الدخل والسياحة من تلك التجارة .
ووفق موقع بلومبيرج فإن طيران الإمارات يحرص على تقديم خدمات خاصة بالخمور لركابها، وبحسب نائب رئيس جوست هايماير فإنه خلال العام الماضي قدموا أكثر من 9 ملايين كأس شمبانيا، وبعض أنواع النبيذ.
مساكن تحولت لنوادٍ جنس
تقارير كثيرة أخرى تتحدث عن فنادق دبي ومساكنها التي تحولت إلى نوادٍ للجنس؛ بل وعن شوارعها التي أصبحت رصيفاً لراغبي المتعة الحرام وراغبات تحصيل المال بأقصر الطرق وأكثرها مهانة.
ونشرت فتاة سنغافورية، تدعى “سات، مقطع فيديو، قالت فيه إنها موظفة إدارية في مجال العلاقات العامة بإحدى شركات دبي، وإن وظيفتها التي تحقق منها عوائد محترمة، لم تمنعها من دخول عالم الدعارة المغري والمربح”، وفق قولها.
وتقول سات: “إن الأشخاص يدخلون في مجال الدعارة دون معرفة نتائجها؛ حيث تصبح المهنة عبارة عن تجارة جذابة ومربحة، وبالإمكان كسب كثير من المال”، مضيفة: “كنت أتساءل: كم يكون سعري يا ترى؟ وكم من المال يمكنني كسبه؟”.
وتضيف الشابة السنغافورية: “بوجود الكثير من الرجال هنا، فإن الدعارة تجعل دبي مكاناً أكثر أماناً؛ لأن الجنس عبارة عن تجارة، لا تسبب أي مضايقة من قِبل الجهات المسؤولة”.
تفاعلات النشطاء
ونتيجة تنامي الظاهرة بشكل كبيرة داخل الإمارات، انطلقت دعوات منذ فترة تدعو إلى محاربتها تحت هاشتاج «#أوقفوا_الدعارة_في_دبي وأبوظبي»، في إشارة إلى أن الحكومة تغض الطرف عنها.
ويقول ناشطون في مجال حقوق الإنسان بالإمارات: إن نشاط الدعارة في دبي “ضروري لجلب الاستثمارات والمستثمرين، وإن الحكومة تسعى للحفاظ على هذا النشاط مهما كانت الوسيلة”، بحسب تحقيق سابق نشرته “بي بي سي”.
وفي عام 2009، كشفت المصورة الصحفية البلغارية ميمي تشاكاروفا، التي قضت سبعة أعوام في التحري عن تجارة الجنس بالعالم، أن حركة الاتجار بالنساء قد تكثّفت تجاه إمارة دبي، حيث تُقدِّر وزارة الخارجية الأمريكية عدد النساء اللائي يُجبَرن على الدعارة فيها، بنحو 10 آلاف امرأة.
مصدر التقرير مواقع عربية وخليجية ودولية من بينها (البيان الإماراتي – الخليج الجديد – موقع وطن – موقع العالم – تقارير الغارديان البريطانية)
حسبي الله و نعم الوكيل