كتب- باسم الشجاعي

“على طبق من فضة”، هكذا قدم قائد الانقلاب والرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي”، جزيرتي “تيران وصنافير”، لولي العهد السعودي الأمير الطامح للسلطة “محمد بن سلمان”، وذلك قبل 24 ساعة فقط من زيارته، المقررة غدا “الأحد” 4 مارس، والتي ستستمر لمدة 4 أيام للقاهرة.

فقد أقرت المحكمة الدستورية العليا (أعلى محكمة بالبلاد) في حكم نهائي لها، اليوم “السبت” 3 مارس، صحة إقرار اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين القاهرة والرياض، والمعروفة إعلاميا بـ”تيران وصنافير”، وعدم الاعتداد بأية أحكام مؤيدة أو مبطلة صدرت في هذا الصدد.

وجاء الحكم النهائي اليوم فصلا فيما أقامته هيئة قضايا الدولة في 6 يونيو 2017، من دعوى تنازع أمام المحكمة الدستورية العليا، طالبت فيها بوقف حكمي “القضاء الإداري” و”الأمور المستعجلة” الصادرين بشأن اتفاقية ترسيم الحدود، وذلك لاختصاص البرلمان.

25 شهرًا من الجدل

وشهدت أروقة المحاكم المصرية خلال الفترة الماضية تنازعا بين أحكام القضاء الإداري والمستعجل في مصر، حول بطلان أو سريان اتفاقية “تيران وصنافير”، التي وقعت بالقاهرة في 8 أبريل 2016.

وكانت محكمتان مصريتان تابعتان للقضاء الإداري رفضتا الاتفاقية، في يونيو 2016، ويناير 2017، في مقابل محكمتين تابعتين للقضاء المستعجل أيدتا الاتفاقية في 2017.

وفي 21 يونيو 2017 قررت المحكمة الدستورية العليا (أعلى محكمة في البلاد)، وقف جميع الأحكام الصادرة المؤيدة والمعارضة من محاكم القضاء الإداري والأمور المستعجلة بشأن الاتفاقية.

وفي 14 يونيو 2017 وافق مجلس النواب المصري (البرلمان)، على الاتفاقية التي يتم بموجبها نقل سيادة مصر على جزيرتي “تيران” و”صنافير” إلى السعودية.

وفي 17اغسطس 2017 صدق “عبدالفتاح السيسي” على الاتفاقية التي تنقل مصر بموجبها السيادة على جزيرتي “تيران وصنافير” في البحر الأحمر إلى المملكة، ونشرت في الجريدة الرسمية “الوقائع المصرية” في 18 أغسطس 2017 لتدخل حيز النفاذ.

غضب إلكتروني

وبعد ساعات من قرار المحكمة، تصدر وسم #تيران_وصنافير_مصريه، قائمة الأعلي تدولا في مصر “الترند”، عبر فيه العديد من النشطاء عن غضبهم من قرار المحكمة، الذى وصفوه بـ”المعيب”.

الدكتور، “محمد محسوب”، وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية سابقا، وصف الحكم القضائي الصادر اليوم بالمهين.

وقال “محسوب” في تغريدة له على موقعتويتر: “وظيفة المؤسسات الدستورية حماية الشعب والأرض والأمن والاستقلال الوطني، وكل ما تم بشأن #تيران_وصنافير، مثّل إهانة للشعب، وتفريطا بأرض مروية بدماء أبنائه، وإهدارا للأمن الوطني بضياع مضيق بحري حيوي”.

واتفق الناشط السياسي عمرو عبد الهادي، مع “محسوب”، قائلًا : “يثبت خيانته (في إشارة إلى النظام الحالي وعلى رأسهم عبدالفتاح السيسي) بحكم قضائي بات قطعي”.

أما الباحث المعروف تقادم الخطيب، فتحدث عن توقيت الحكم، مغردًا عبر وسم #تيران_وصنافير_مصرية، قائلًا: “قبل ساعات من زيارة ولي العهد السعودي لمصر يصدر حكم الدستورية العليا بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بشأن جزيرتي تيران وصنافير، توقيت الحكم كفى عن أي قول وأي حديث”.

فيما، قال الإعلامي معتز مطر: “كل شيء يذهب للوحل مع العميل الصهيوني (في إشارة لقائد الانقلاب “عبدالفتاح السيسي).. قال محكمة دستورية قال! .. #تيران_وصنافير_مصرية “.

أما المحامي الحقوقي، جمال عيد، المدير التنفيذي لـ”الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان”، فرأى أن المحكمة الدستورية  “غير مختصة” (دون أن يوضح الأسباب)، قائلًا: “الدستورية مش مختصة، وبحكم محكمة ومن غير حكم محكمة  #تيران_وصنافير_مصرية .. وهترجع”.

ماذا يعني الحكم؟

يعد الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا، باستمرار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي وقعها “عبدالفتاح السيسي” في ديسمبر 2016، وأعقبها تصديق مجلس النواب في يونيو 2017، ونشرت في الجريدة الرسمية في أغسطس 2017 لتدخل الاتفاقية حيز التنفيذ، سارية بحكم المحكمة.

وعن دوافع الحكم، قالت المحكمة في حيثياتها: إن “العبرة في تحديد التكييف القانوني لأي عمل تجريه السلطة التنفيذية، لمعرفة ما إذا كان من أعمال السيادة أم لا، وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، رهن بطبيعة العمل ذاته، فإذا تعلق العمل بعلاقات سياسية بين الدولة وغيرها من أشخاص القانون الدولي العام، أو دخل في نطاق التعاون والرقابة الدستورية المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية؛ عُدَّ عملاً من أعمال السياسة، وعلى هذا النظر؛ فإن إبرام المعاهدات والتوقيع عليها تعد من أبرز أمثلة هذه الأعمال”.

وأرجعت عدم الاعتداد إلى وجهين؛ الأول: “تعلقها بعلاقة بين السلطة التنفيذية، ممثلة للدولة، وبين سائر أشخاص القانون الدولي العام، من دول ومنظمات دولية، وذلك في مراحل التفاوض والتوقيع والتنفيذ، والثاني: وقوعها في مجال الاختصاص المشترك، والرقابة المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية”.

أما الأمر الثاني: “الرقابة الموضوعية للمعاهدة، وهي رقابة تجد موجباتها في نص الفقرة الأخيرة من المادة (151) من الدستور، التي حظرت مخالفة المعاهدة لأحكام الدستور كافة، وهذه الرقابة القضائية على المعاهدات، من وجهيها، هي رقابة دستورية وليست رقابة مشروعية، وهي بهذه المثابة منوطة استئثارًا بالمحكمة الدستورية العليا، لا تشاركها فيها جهة قضائية أخرى أيًّا كانت”.

واستنادا لما سبق؛ فإن توقيع ممثل الدولة المصرية (في إشارة إلى “عبدالفتاح السيسي”)على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين حكومتي جمهورية مصــر العربيــــــة والمملكة العربية السعودية، يعـــــد “باطلا لا ريب”.

هل يغضب الشباب مرة أخرى؟

على الرغم من القبضة الأمنية التي تشهدها مصر، وخاصة مع قرب انتخابات الرئاسة المصرية، وزيارة “محمد بن سلمان”، من المتوقع أن تشهد القاهرة، وخاصة نقابة الصحفيين، مظاهرات مفاجئة تعيد للأذهان ماحدث في أبريل 2016، ويوينو 2017.

كما من المتوقع أن تتم حملة اعتقالات خلال الساعات المقبلة بين صفوف الشباب المعارض للاتفاقية، على غرار ما حدث في يونيو الماضي، بعد الدعوات للتظاهر تنديدا بإقرار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية.

وتشهد القاهرة لاسيما ميدان التحرير المعروف باسم ميدان ثورة يناير 2011، ومحافظات أخرى، تشديدات أمنية مكثفة من خلال انتشار دوريات أمنية وسيارات الأمن المركزي ورجال أمن بالزي المدني والميري (الرسمي)، للحيلولة دون تنظيم مظاهرات شعبية ضد النظام المصري، وذلك منذ فض اعتصامي ميداني النهضة ورابعة العدوية  في أغسطس 2013، المؤيدين للرئيس الأسبق “محمد مرسي”، عقب انقلاب “عبدالفتاح السيسي” في يوليو 2013 .