في إطار استمرار السياسات القمعية التي تمارسها السلطات الإماراتية، سلّط تقرير أممي الضوء على سلسلة من الأعمال الانتقامية والترهيب التي تعرض لها نشطاء حقوق الإنسان الذين يتعاونون مع الأمم المتحدة وآلياتها المختلفة.
يعكس هذا التقرير الوجه الاستبدادي المتزايد لأبوظبي، ويبرز محاولاتها لقمع كل صوت معارض أو أي شخص يسعى للدفاع عن الحقوق والحريات. وفقًا للتقرير السنوي الذي أصدره مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فإن الفترة من 1 مايو 2023 حتى 30 أبريل 2024 شهدت تصعيداً غير مسبوق في استخدام السلطات الإماراتية لأدوات الترهيب والانتقام ضد النشطاء.
التقرير أشار إلى أن أبرز ضحايا هذا القمع هم أفراد من مجموعة “الإمارات 84″، وهي مجموعة من المعارضين والنشطاء الذين خضعوا لمحاكمات جماعية غير عادلة.
وشملت هذه المحاكمات محمد المنصوري وأحمد منصور، اللذين واجها تهمًا ملفقة بسبب تعاونهما مع الأمم المتحدة وإبلاغها بالانتهاكات الجسيمة التي تجري داخل البلاد. المنصوري ومنصور أصبحا رموزًا للصمود في وجه استبداد النظام الإماراتي، إذ يتم توجيه الاتهامات لهما بشكل متكرر كمحاولة لتثبيط أي تحركات حقوقية قد تفضح ممارسات الحكومة.
محاكمات جماعية وتجاهل للتوصيات الدولية
في أبريل 2024، تلقت الأمم المتحدة مذكرة من مجموعة مينا لحقوق الإنسان تسلط الضوء على استمرار وتيرة الأعمال الانتقامية التي يتعرض لها النشطاء في الإمارات. وتضمنت المذكرة تفاصيل جديدة عن حالات الترهيب والتعذيب التي تتعرض لها مجموعة “الإمارات 84″، والتي ضمت ناشطين وصحفيين ومحامين. هذا المشهد يعكس محاولات النظام الإماراتي لإسكات أي صوت معارض، حتى لو كان ذلك يعني التضحية بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان.
في 10 يوليو 2024، قضت محكمة استئناف أبوظبي بالسجن لمدة 15 عامًا على أربعة من المتهمين في مجموعة “الإمارات 84″، بينما تم الحكم بالسجن المؤبد على 40 آخرين.
كان من بين هؤلاء أحمد منصور ومحمد المنصوري، مما يشير إلى أن السلطات عازمة على استمرار حملة القمع بلا هوادة. هذا الحكم، وفقًا لما ذكره مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، يعكس “نمطًا واسعًا لقمع المعارضة والفضاء المدني في الإمارات”. ويعزز ذلك استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب كأداة لقمع النشطاء، في تجاهل صارخ للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
تحرك أممي
في ظل هذه الانتهاكات، طالب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ولكر تورك، حكومة الإمارات بمراجعة قوانينها المحلية بما يتماشى مع التوصيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
تورك أشار إلى أن التشريعات الإماراتية، خصوصًا تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب، تُستخدم كغطاء قانوني لمحاكمة وسجن النشطاء والمعارضين بشكل جماعي. ودعا تورك إلى ضرورة إجراء إصلاحات قانونية حقيقية لوقف هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان.
ما يجعل الوضع في الإمارات أكثر خطورة هو أن العديد من هؤلاء النشطاء كانوا قد اقتربوا من نهاية مدة عقوبتهم الأصلية، أو أنهم احتُجزوا تعسفيًا بعد انتهاء مدة العقوبة. هذه الممارسات تتعارض بشكل مباشر مع معايير العدالة الدولية. وقد حذرت الأمم المتحدة من أن الإمارات تقف على مفترق طرق خطير، حيث يمكن لمواصلة هذه الانتهاكات أن تؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية والمزيد من تدهور سمعتها على الصعيد العالمي.
الخلاصة يشير التقرير الأممي إلى أن قضية “الإمارات 84” ما هي إلا جزء من سلسلة أكبر من الانتهاكات المستمرة في البلاد، حيث سبق أن شهدت الإمارات محاكمة جماعية أخرى تحت مسمى “الإمارات 94” في عام 2012.
وبينما يستمر النظام الإماراتي في قمعه للمعارضة وتكميم الأفواه، فإن المجتمع الدولي مطالب بالتصدي لهذه الانتهاكات والضغط على أبوظبي لإجراء إصلاحات حقيقية تضمن حقوق الإنسان والعدالة لكل فرد.
اقرأ أيضًا : عبر التكنولوجيا الحديثة.. كيف يعزز بن زايد من الاستبداد في الإمارات؟
اضف تعليقا