أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس استشهاد رئيس مكتبها السياسي، يحيى السنوار، اليوم الجمعة، بعد اشتباك مباشر مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

خليل الحية، نائب رئيس الحركة في غزة، وصف السنوار بأنه “قائد معركة طوفان الأقصى”، مشيرًا إلى أنه قاتل بشجاعة حتى لحظة استشهاده، مؤكدًا أنه كان في مقدمة الصفوف مدافعًا عن أرض فلسطين ومقدساتها. 

استشهاد السنوار جاء في ظروفٍ غير اعتيادية لقادة المقاومة الفلسطينية، حيث لم يتم اغتياله من خلال ضربة جوية أو مؤامرة مخابراتية، بل من خلال اشتباك ميداني مع قوات الاحتلال، مما أضفى بعدًا أسطوريًا على شخصيته في أعين الشعب الفلسطيني.

شخصية السنوار التي ظهرت جليًا منذ إطلاق سراحه ضمن صفقة “وفاء الأحرار” (صفقة شاليط) في 2011، أضحت رمزًا للتحدي والصمود، بعد معركة الطوفان التي هزت أرجاء العالم بأكملة.

القائد يحيى السنوار

السنوار، الذي وُلد في عام 1962 بمخيم خان يونس، عاش طفولة قاسية في ظل الاحتلال الإسرائيلي، مما شكل شخصيته الصلبة والمقاومة من بين المواقف التي خلدت في ذاكرة الفلسطينيين هو تحديه الدائم للاحتلال، بكلماته وتصرفاته العفوية والشعبية التي تعبر عن عدم الخوف، مثل قوله “خاوة” و”ملطة”. 

وكانت حياته العملية متجذرة في مقاومة الاحتلال على الأرض وهو مؤسس أحد أهم الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي قامت بتحييد الخونة بالقطاع قبل أن يقوم بهندسة الهجوم في السابع من أكتوبر.

السنوار كان يتنقل بين المواقع القتالية خلال معركة طوفان الأقصى الأخيرة، كان آخرها هذا الاشتباك الذي انتهى باستشهاده في منزل بتل السلطان في رفح، جعله أول قائد فلسطيني يلقى الشهادة في مواجهة مباشرة مع الاحتلال وليس في عملية اغتيال، وهو ما أكسبه مكانة استثنائية في ذاكرة الفلسطينيين والعرب كافة.

السنوار لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان رمزًا للصمود الفلسطيني في وجه الاحتلال الإسرائيلي انتشار مقاطع الفيديو والصور التي توثق لحظاته الأخيرة في الاشتباك مع قوات الاحتلال زادت من مكانته لدى محبي المقاومة، الذين وصفوه بالأسطورة الحية.

شجاعة يحسد عليها

ظهرت صورة السنوار وهو يقاتل طائرة “كواد كابتر” أطلقتها قوات الاحتلال باتجاه المنزل الذي تحصن فيه، رغم إصابته في يده اليمنى التي كانت تنزف هذا الموقف جسد شجاعة السنوار، الذي استمر في المقاومة حتى اللحظات الأخيرة من حياته. هذه الصور انتشرت بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت رمزًا لصمود الفلسطينيين ضد الاحتلال الغاشم.

منذ صعوده إلى قيادة حماس، كان السنوار دائمًا في طليعة المواجهة مع الاحتلال، إذ قاد الحركة في أكثر اللحظات حساسية وتعقيدًا. كانت تصريحاته وتصرفاته بمثابة رسالة مستمرة للشعب الفلسطيني ولأعدائه على حد سواء، بأن المقاومة مستمرة مهما كانت التحديات. 

وحتى مع استشهاده، شكك الكثيرون في الاحتلال الإسرائيلي في إمكانية القضاء على حماس، مؤكدين أن المقاومة الفلسطينية لن تتوقف باستشهاد قائد أو آخر، بل ستستمر حتى التحرير. فاستشهاد السنوار يعتبره الكثيرون بمثابة شرارة جديدة ستؤجج النضال الفلسطيني ضد الاحتلال.

استشهاد يحيى السنوار لم يكن حدثًا عابرًا في الساحة الفلسطينية فقط، بل أثار موجة من ردود الفعل على مستوى العالم العربي والإسلامي. حزب الله اللبناني أصدر بيانًا ينعي فيه السنوار، واصفًا إياه بأنه “القائد الذي حمل شعلة المقاومة ضد المشروع الأمريكي والصهيوني، وبذل دمه في سبيل الله”. 

الخلاصة أن يحيى السنوار لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان رمزًا للتحدي والصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي. استشهاده في معركة ميدانية مباشرة مع الاحتلال يمثل فصلًا جديدًا في تاريخ النضال الفلسطيني، ويؤكد أن المقاومة ستستمر رغم كل التحديات.

اقرأ أيضًا : المحكمة الأمريكية تطالب بمستندات هامة في قضية الجبري.. هل يحاسب بن سلمان ومسؤوليه؟