ألقت منظمة العفو الدولية الضوء عن فضيحة جديدة تتعلق باستغلال العمال الأجانب في السعودية، ما يمثل صفعة جديدة لمحاولات الرياض المتكررة لتبييض صورتها على الساحة الدولية.

حديث العفو الدولية يعتبر الحلقة الأولى الكاشفة لغطاء “الإصلاحات”، في وقت تتواصل انتهاكات حقوق الإنسان، وهذه المرة تركز على آلاف العمال الأجانب العاملين في سلسلة متاجر “كارفور” بالمملكة. 

يواجه هؤلاء العمال، القادمون من بلدان مثل باكستان، نيبال والهند، معاناة يومية تشمل الخداع من قبل وكلاء الاستقدام، العمل لساعات طويلة دون تعويض عادل، والعيش في ظروف غير إنسانية.

وبحسب تقرير العفو الدولية، فإن هؤلاء العمال يتعرضون للاستغلال بشكل ممنهج، حيث يتم خداعهم في عقودهم الأولية التي يعتقدون أنها ستوفر لهم حياة كريمة وفرصًا اقتصادية جديدة. 

لكن بمجرد وصولهم إلى السعودية، يصطدمون بواقع مرير يتناقض مع وعود وكلاء الاستقدام. يتم استغلالهم في ظروف عمل قاسية، حيث يُجبرون على العمل لساعات تصل إلى 16 ساعة يوميًا، ولا يتم تعويضهم عن تلك الساعات الإضافية، الأمر الذي يعد انتهاكًا واضحًا للقوانين السعودية والدولية.

العبودية الحديثة

تحدثت منظمات دولية حول أن بعض الانتهاكات التي يعاني منها هؤلاء العمال تصل إلى حد العمل القسري، وهو ما قد يرتقي إلى مستوى الاتجار بالبشر. يتم استغلال العمالة الأجنبية في السعودية من خلال نظام الكفالة الذي لا يزال يسيطر على سوق العمل، مما يعزز السيطرة المطلقة لأصحاب العمل على مصير العمال. 

في حالة عمال كارفور، تم توظيفهم عبر شركات سعودية لتوريد العمالة، وهي شركات معروفة بسمعتها السيئة في التعامل مع العمال الأجانب. بمجرد وصولهم إلى المملكة، يواجهون واقعًا مختلفًا تمامًا عن الوعود التي قطعت لهم، ويتم إجبارهم على العمل في ظروف غير إنسانية.

ورغم أن مجموعة كارفور الفرنسية والشريك المحلي لها، مجموعة الفطيم، مسؤولتان بشكل مباشر عن هذه الانتهاكات، إلا أنهما لم تتخذا أي إجراءات جادة لوقف هذه الممارسات أو تعويض الضحايا. تعتبر هذه الشركات ملزمة دوليًا بحماية حقوق العمال وضمان سلامتهم، إلا أن تقاعسهم عن تحقيق ذلك يظهر مدى الاستخفاف بحقوق الإنسان في السعودية.

هل يحاسب بن سلمان؟

يتزامن هذا التقرير مع اقتراب موعد جلسة مجلس إدارة منظمة العمل الدولية للنظر في شكوى تاريخية مقدمة ضد حكومة السعودية. الشكوى، التي قدمها الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب في يونيو 2024، تتهم السعودية بالسرقة العلنية لأجور العمالة الأجنبية، وفرض ظروف عمل قسرية، ومنع العمال من تشكيل نقابات تدافع عن حقوقهم. منظمة العفو الدولية، من جانبها، أكدت دعمها لهذه الشكوى ودعت إلى فتح تحقيق شامل في الانتهاكات التي ترتكبها السعودية بحق العمال الأجانب.

يشير تقرير العفو الدولية إلى أن ظروف العمل في منشآت “كارفور” السعودية ليست حالة منعزلة، بل هي جزء من منظومة أوسع من الانتهاكات المستمرة في المملكة. وبالرغم من الإصلاحات الاقتصادية التي تروج لها الحكومة السعودية ضمن رؤية 2030، إلا أن حقوق الإنسان، وخاصة حقوق العمال الأجانب، لا تزال تتعرض لانتهاكات فظيعة.

وفي ظل غياب إجراءات ملموسة من قبل الحكومة السعودية والشركات المتورطة في هذه الانتهاكات، فإن الضغط الدولي بات ضروريًا لتحقيق العدالة للعمال الأجانب في السعودية. يجب أن يتم فرض عقوبات صارمة على الشركات التي تساهم في هذا الاستغلال، كما يجب أن تلتزم السعودية بتطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة فيما يتعلق بحماية العمالة الأجنبية من الاستغلال والعمل القسري.

الخلاصة أن التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية يعري الوجه الحقيقي للسعودية ويكشف زيف الادعاءات بالإصلاح. فالعمال الأجانب لا يزالون ضحايا لنظام كفالة قمعي واستغلالي، ولا توجد أي مؤشرات واضحة على أن الحكومة السعودية أو الشركات المعنية تعمل بجدية لوقف هذه الانتهاكات.

كما يجب على المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، أن تواصل الضغط على الحكومة السعودية لإجراء إصلاحات جذرية تضمن حقوق العمال وتحاسب المتورطين في هذه الجرائم.

اقرأ أيضًا : مكافأة التطبيع.. هل تشرك الولايات المتحدة بن سلمان في حكم غزة؟