كتب – باسم الشجاعي

“جورج نادر”.. رجل أعمال لبناني حام على هامش الدبلوماسية الدولية على مدار العقود الثلاثة الماضية “متخفيا” بين دهاليز السياسة والمال في الشرق الأوسط وواشنطن، ولكن مؤخرًا ارتبط اسمه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية التي فاز فيها الرئيس الحالي “دونالد ترامب”.

ظهور اسم “نادر”، جاء خلال فتح ملف التأثير الإماراتي في عمل الإدارة الأمريكية خلال عهد “ترامب”، والذي يجريه المحقق الأمريكي الخاص “روبرت مولر”، والمسؤول عن ملف التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الأمريكية.

من هو؟

عمل “جورج نادر” (58 عاما) خلال التسعينيات رئيس ومحرر مجلة “ميديل إيست إنسايت” التي اهتمت بشكل كبير بقضايا الشرق الأوسط ودور واشنطن ونفوذها في المنطقة.

وكان شريكه آنذاك الأمريكي الإسرائيلي “جوناثان كيسلر” الذي عمل رئيس تحرير تنفيذيا للمجلة قبل أن يعمل مدير قسم التطوير والريادة باللجنة الأمريكية للشؤون العامة الإسرائيلية المعروفة “أيباك”.

وبدأت شخصية “نادر” تظهر للعلن في تسعينيات القرن الماضي؛ حيث سعى من خلال المجلة ومشاركاته في بعض المؤتمرات إلى الدفع باتجاه السلام مع “إسرائيل”، بما في ذلك مع سوريا ولبنان.

وفي عام 1996، وبعد مضي أقل من شهر على تسلم “نتنياهو” رئاسة الوزراء في “إسرائيل”، استضاف “نادر”، “نتنياهو” ضمن فعالية “التغير في الشرق الأوسط” في العاشر من يوليو، وإلى جانبه “إيهود أولمرت” الذي كان عمدة القدس آنذاك.

وفي الفترة نفسها أقنع إدارة الرئيس الأمريكي السابق “بيل كلينتون” بأن لديه اتصالات قيمة مع الحكومة السورية، فقام بدور سري في محاولة التوسط لعملية سلام بين “إسرائيل” وسوريا، كما ارتبط بعلاقات مع الرئيس المصري المخلوع “حسني مبارك”.

وفي منتصف العقد الماضي، قضى معظم وقته في الشرق الأوسط، خاصة في العراق بعد غزو 2003، وطوّر علاقاته مع مسؤولين أمنيين في البيت الأبيض إبان عهد إدارة الرئيس “جورج بوش الابن”.

وخلال هذه السنوات، نسج نادر علاقات يشوبها الكثير من الغموض مع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وجهاز المخابرات الإسرائيلية الموساد.

علاقته ببلاك ووتر

“نادر” الذي قضى معظم وقته في الشرق الأوسط، خصوصًا في العراق بعد الغزو الأمريكي في 2003، أقام علاقاتٍ وثيقة مع مسؤولي الأمن القومي في إدارة “بوش”؛ حيث استعان به “إريك برنس” مؤسس شركة الأمن الخاص الأمريكية “بلاك ووتر” للحصول على صفقات أعمال في العراق.

وفي إفادة قدمها “برنس” عام 2010 كجزءٍ من دعوى قضائية ضد شركته، وصف “نادر” بأنه “مستشار تطوير أعمال موكل في العراق” لأن الشركة كانت تتطلع للحصول على عقودٍ مع الحكومة العراقية.

وفي بداية حقبة “أوباما”، حاول “نادر” استثمار علاقاته مع الحكومة السورية للوصول إلى كبار أعضاء الفريق الرئاسي، وعقد صفقاتٍ تجارية مع مستشارين سابقين للرئيس “جورج بوش” الابن.

مستشار “ابن زايد”

وبحلول عام 2016، أصبح “جورج نادر”، يقدم نفسه في أروقة السياسة الأمريكية على أنه مستشار “ولي عهد أبو ظبي”، وبعد تنصيب الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” اقترب من شخصيات البيت الأبيض كـ”إليوت برويدي”، مدير شركة سيرسيناس للخدمات الأمنية، الذي أقام علاقات مع “محمد بن زايد” بوساطة “نادر”.

وتردد “جورج نادر” على البيت الأبيض أكثر من مرة خلال الأشهر الأولى لإدارة الرئيس الأمريكي، والتقى مقربين منه، منهم “ستيف بانون” و”جاريد كوشنر” صهر الرئيس لمناقشة السياسة الأمريكية في منطقة الخليج قبيل زيارة الرئيس إلى السعودية في مايو 2017.

شباك “مولر” تصطاد “نادر”

ومع الاهتمام الشديد للمحقق الخاص “روبرت مولر” بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قادته التحقيقات لـ”نادر”؛ حيث أجرى جلستي تحقيق معه على الأقل، إحداهما أجريت الأسبوع الماضي.

الأمر يشير بالطبع إلى خطورة وحساسية دور “نادر” داخل الفريق الانتخابي لـ”ترامب” على اعتبار أنه كان من المقربين من مدير الحملة الانتخابية “ستيف بانون” والمستشار الاستراتيجي السابق للرئيس لـ”ترامب”؛ حيث قد سمحت له علاقته بـ”بانون” بالتردد على البيت الأبيض والاجتماع مع مستشاري الرئيس الأمريكي ومنهم  صهره “جريد كوشنير”.

“نادر” سيكون صيدا ثمينا لـ”مولر”؛ حيث تربطه علاقة قوية مع “بانون” و”كوشنير” والذي تحدثت تقارير أمريكية سابقة أنه لعب دورا في محاولة تأمين قناة اتصال سرية بين حملة “ترامب” والحكومة الروسية، من خلال رعايته لاجتماع سري عام 2016 في جزر السيشل.

ويرجح أن يكون “بانون” المستشار الاستراتيجي السابق، أكثر المتضررين من المعطيات التي قدمها “نادر” إلى “مولر” في الشق المتعلق بعلاقاته مع “ابن زايد” وعن اجتماع جزر السيشل مع موفد “بوتين”.