أظهرت قضية إقالة رئيس مشروع نيوم، نظمي النصر، التأثير المباشر للأهواء الشخصية لولي العهد محمد بن سلمان على التعيينات و الإقالات في المملكة، فبدلاً من اعتماد المعايير المهنية في اختيار المسؤولين، يبدو أن الاعتبارات الشخصية هي المحرك الرئيسي، وهو ما يزيد من تعثر المشاريع الكبرى التي يُروج لها كركائز لرؤية 2030.
إقالة النصر، وفقاً لتقرير التايمز البريطانية، جاءت بسبب عدم رضا بن سلمان عن تنظيم حفلة افتتاح منتجع “سندالة”، المشروع الذي كان يُفترض أن يكون واجهة مشرفة لرؤية 2030.
هذا القرار المفاجئ يثير تساؤلات عن طريقة إدارة المشاريع الكبرى، ومدى تأثرها بمزاجيات القيادة، بعيداً عن التخطيط العلمي والاستراتيجي، وهو السبب الرئيس في حالة العشوائية التي تعيشها المملكة اليوم.
عبء المشاريع الضخمة
منذ إعلان محمد بن سلمان عن مشروع نيوم في إطار رؤيته لتحديث الاقتصاد السعودي، أصبح المشروع محط أنظار العالم. لكنه تحول أيضاً إلى مصدر انتقادات واسعة بسبب تأخيره وتعثره.
كان منتجع “سندالة” جزءاً من هذا المشروع العملاق، ومُعداً ليكون خطوة تُسكت منتقدي نيوم. إلا أن الحفل الذي ضم عروضاً موسيقية وحضور مشاهير عالميين لم يرقَ لتطلعات ولي العهد، فكانت النتيجة إقالة النصر.
خلال فترة إدارة النصر، تعرض المشروع لسلسلة من العقبات، بدءاً من التأخيرات وصولاً إلى التكاليف الباهظة التي لا تتناسب مع النتائج على الأرض، على سبيل المثال، يُفترض أن يشمل المشروع منتجعات سياحية فاخرة، ومنشآت رياضية تستضيف بطولات عالمية، مثل دورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029، لكن التنفيذ ظل بعيداً عن الطموحات المُعلنة، ما يعكس فشل التخطيط وغياب الكفاءات القادرة على تنفيذ هذه المشاريع الضخمة.
تطلعات خيالية وعوائد مخيبة
مشروع نيوم يعكس طموحات القيادة السعودية لتحويل المملكة إلى مركز سياحي ومالي عالمي. لكن النتائج تشير إلى فجوة واسعة بين الخطط الطموحة والواقع. منتجع سندالة، الذي صُمم ليكون أيقونة سياحية على البحر الأحمر، وصفه المطلعون بأنه “عادي”، مقارنةً بالمبالغ الطائلة التي أُنفقت عليه.
الضغوط المالية على السعودية تتزايد مع انخفاض أسعار النفط وتفاقم عجز الميزانية. وفي ظل هذه التحديات، تبدو رؤية 2030 وكأنها تُدار وفق حسابات فردية، دون دراسة واقعية لإمكانات التنفيذ. وبحسب مصرفيين مطلعين على الوضع، فإن المزيد من المسؤولين التنفيذيين قد يدفعون ثمن الفشل في تحقيق “أوهام” ولي العهد.
قرارات محمد بن سلمان الفردية لا تقتصر على الإقالات بل تمتد إلى الهيمنة على كافة مفاصل الدولة، حيث يتعامل مع المشاريع الكبرى وكأنها أدوات شخصية لتعزيز صورته العالمية. هذا الأسلوب في الإدارة لا يؤدي فقط إلى تعثر المشاريع، بل يهدد الاقتصاد السعودي على المدى البعيد، خاصةً مع تزايد الإنفاق على مشاريع غير واقعية، بدل الاستثمار في القطاعات الأساسية التي تعود بالنفع المباشر على المواطنين.
الخلاصة أن تجربة النصر مع نيوم قد تكون مجرد مثال واحد، لكن تداعياتها تلقي بظلالها على كافة المشاريع الكبرى في المملكة، التي باتت تحت رحمة المزاجية وغياب الكفاءة الإدارية.
اقرأ أيضًا : غسيل رياضي وغطاء للانتهاكات.. كيف تتصاعد المعارضة العالمية لاستثمارات محمد بن سلمان يوما بعد يوم؟
اضف تعليقا