في استمرار لنهجها القمعي، أثارت الإمارات موجة جديدة من الانتقادات الدولية بعد اعتقالها مواطنًا أوروبيًا بسبب تقييم سلبي نشره عن صاحب عمله السابق في دبي.
طبقا لتقارير حقوقية ومصادر إعلامية، تم توقيف كريج بالنتاين، مواطن أيرلندي شمالي، أثناء زيارته للإمارات في عطلة عيد الميلاد، بتهمة التشهير بصاحب عمله السابق.
كذلك جاء اعتقال بالنتاين جاء بعد نشره تعليقًا على “جوجل” يوضح من خلاله مشاكله أثناء عمله في صالون لتزيين الكلاب في دبي عام 2023، حيث أبلغ عنه صاحب العمل كـ”هارب” بسبب تغيبه المرضي.
ورغم عودته إلى وطنه لاحقًا، فإن العودة إلى الإمارات انتهت باعتقاله، وفرض غرامة عليه، وحظر لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، في صورة واضحة لقمع حرية التعبير والانتقام من العمال الوافدين الذين يجرؤون على انتقاد الأوضاع.
دولة القمع والاعتقال
لم تكن حالة بالنتاين استثناءً؛ فالاعتقالات التعسفية في الإمارات أصبحت ظاهرة شائعة، تستهدف حتى أبسط أشكال الاعتراض أو الاحتجاج السلمي. من بين هذه الانتهاكات، حالة طالبة جامعية أجبرت على الاحتجاز لأشهر بعد اتهامها “بدفع” ضابط أمن مطار خلال عملية تفتيش، وقضية امرأة اعتقلت بسبب اتهامات بالصراخ، مما أدى إلى منعها من مغادرة البلاد وفرض غرامة عليها. هذه السياسات تكشف النهج الاستبدادي الذي يهدف إلى إسكات أي محاولة للمطالبة بالحقوق أو التعبير عن المظالم.
الأمر لا يقتصر على الوافدين العاملين في وظائف بسيطة؛ بل امتد إلى الأكاديميين، كما في حالة ماثيو هيدجز، الباحث البريطاني الذي احتجز انفراديًا لمدة ستة أشهر بتهمة التجسس لصالح الاستخبارات البريطانية.
وخلال احتجازه، تعرض هيدجز لإجبار على تناول أدوية مهدئة ومسببة للإدمان دون إشراف طبي، مما أثر بشكل كبير على حالته الصحية والنفسية حتى بعد عودته إلى بلاده. ورغم إطلاق سراحه بعفو رئاسي، فإن المعاناة التي عاشها داخل السجون الإماراتية أصبحت مثالًا آخر على التجاوزات الخطيرة لحقوق الإنسان، والتي لم تقتصر على الحبس غير القانوني بل شملت أيضًا التلاعب الصحي والنفسي.
سياسة الترهيب
الاعتقالات التعسفية ليست سوى جزء من أدوات النظام الإماراتي لتكريس سياسة الترهيب وقمع الحريات. النظام الإماراتي يعتمد على قوانين غامضة ومطاطة لتبرير انتهاكاته، مثل قوانين “السلوك المسيء”، التي تُستخدم كغطاء لمعاقبة الأفراد على تصرفات طبيعية مثل رفع الصوت أو التعبير عن الرأي.
من ناحية أخرى، تُظهر الحالات المتكررة مثل تلك الخاصة بـ”بالنتاين” و”هيدجز” كيف تسعى السلطات الإماراتية إلى تصفية الحسابات مع الوافدين أو المنتقدين، سواء كانوا عمالاً أو أكاديميين. ويتضح ذلك من خلال توظيف الأجهزة الأمنية والقضائية لتحقيق أهداف سياسية وانتقامية، دون أي اعتبار للقوانين الدولية أو الحقوق الأساسية.
وعلى الرغم من الفظائع الموثقة، لم تلقَ سياسات القمع الإماراتية الردع الدولي الكافي. في الوقت الذي يكتفي فيه المجتمع الدولي بإصدار بيانات استنكار خجولة، يستمر النظام في استغلال العمالة الوافدة، واحتجاز الأكاديميين، وفرض إجراءات تعسفية بحق الأجانب المقيمين والزائرين.
في ضوء هذه الانتهاكات، تزداد الدعوات إلى فرض عقوبات دولية على النظام الإماراتي ومحاسبته على تجاوزاته المتكررة لحقوق الإنسان. ويطالب حقوقيون ونشطاء بتفعيل آليات دولية أكثر صرامة، بما يشمل حظر بيع التكنولوجيا التي تُستخدم لمراقبة وقمع الأفراد، ودعوة الدول إلى مراجعة سياساتها تجاه التحالفات الاقتصادية مع الإمارات.
الخلاصة أنه يتطلب الأمر جهودًا مستمرة لفضح الوجه الحقيقي للنظام الإماراتي أمام العالم، وتسليط الضوء على الجرائم والانتهاكات التي تطال الوافدين والأكاديميين وغيرهم ممن يقعون ضحايا سياسات القمع والتسلط.
القصص المتكررة، كحالة كريج بالنتاين وماثيو هيدجز، هي أمثلة حية على واقع مظلم يعيشه الأجانب والمواطنون على حد سواء في ظل نظام يرفض الإصلاح ويصر على قمع أي صوت يطالب بالعدالة.
اقرأ أيضًا : ثوار سوريا يعثرون على دلائل تكشف تعاون بن زايد ونظام الأسد في تجارة الكبتاجون.. إليك التفاصيل
اضف تعليقا