محمد بن زايد آل نهيان، الذي يصفه الإعلام الإماراتي بالقائد التنموي، يترأس فعليًا مشروعًا تخريبيًا يهدف إلى زعزعة استقرار الدول العربية والإفريقية لتحقيق مصالح إماراتية ضيقة. من خلال أدوات متعددة تشمل القمع الداخلي والخارجي، التجسس، دعم الانقلابات، وتمويل الأنظمة القمعية، لعب دورًا رئيسيًا في تدمير استقرار دول المنطقة.

قاد محمد بن زايد الإمارات لتتحول من دولة صغيرة ذات اقتصاد متنوع إلى لاعب إقليمي ودولي مثير للجدل، تحت ستار شعارات التنمية والتسامح، نفذ سياسات توسعية أدت إلى تمزيق أوصال الدول التي تدخل فيها. الدعم الإماراتي، الذي غالبًا ما يأتي مشروطًا بسياسات قمعية، أدى إلى تقويض استقرار العديد من الدول العربية وإطالة أمد الحروب فيها.

منذ عام 2013، برزت الإمارات كقوة تدخلية في المنطقة، مستغلة ثروتها النفطية لتحقيق أجندتها. دعمها للأنظمة القمعية في مصر، السودان، وليبيا، وتدخلها المباشر في اليمن، ساهم في تعميق الأزمات الإنسانية والسياسية في تلك الدول، كما لم تكتفِ الإمارات بالتدخل الإقليمي، بل امتدت أنشطتها التخريبية إلى أوروبا وأمريكا عبر أدوات مثل التجسس وغسيل الأموال.

ما يميز سياسات محمد بن زايد هو نهجه القمعي الذي لا يقتصر على الداخل الإماراتي، بل يمتد إلى الخارج. النشطاء والمعارضون من مختلف الدول تعرضوا لملاحقات وتجسس ممنهج، مما يظهر الطابع التوسعي لهذه السياسات القمعية، هذا التقرير يسلط الضوء على سياساته التخريبية وتأثيرها المدمر على الدول المستهدفة.

الدول العربية قبل وبعد تدخل محمد بن زايد: كيف دمر شيطان العرب استقرار المنطقة

مصر: من الثورة إلى الانقلاب

قبل تدخل الإمارات، كانت مصر تمر بمرحلة انتقالية بعد ثورة يناير 2011 التي أطاحت بحكم حسني مبارك. رغم التحديات الاقتصادية والسياسية، كانت البلاد تسير نحو تجربة ديمقراطية جديدة، حيث أُجريت أول انتخابات حرة انتهت بفوز محمد مرسي كأول رئيس مدني منتخب. ورغم التوترات بين القوى السياسية، كان هناك أمل في بناء نظام ديمقراطي مستقر.

مع تدخل الإمارات في 2013، تحول هذا الأمل إلى كابوس. دعمت الإمارات الانقلاب العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي بمليارات الدولارات، مما أسفر عن عودة الحكم العسكري وقمع واسع للحريات. أُغلقت الصحف المعارضة، امتلأت السجون بعشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين، وفُرضت قوانين تعزز من قبضة النظام العسكري على الحكم. تدهور الوضع الاقتصادي رغم الدعم الإماراتي، مما زاد من معاناة الشعب المصري.

الإمارات لم تكتفِ بالدعم المالي والسياسي، بل ساعدت أيضًا في قمع أي محاولات للمعارضة داخل مصر وخارجها. أصبح الإعلام المصري أداة لترويج السياسات الإماراتية، ما أدى إلى تقويض سيادة مصر وتحويلها إلى تابع للسياسات الإماراتية.

اليمن: من الأزمة إلى الكارثة

اليمن قبل تدخل الإمارات كان يعاني من صراع داخلي بين الحكومة الشرعية والحوثيين. ورغم تعقيد الأزمة، كانت هناك جهود سياسية لحل النزاع. لكن مع تدخل الإمارات عام 2015 تحت مظلة التحالف العربي، تدهورت الأوضاع بشكل كارثي.

ركزت الإمارات على تحقيق مصالحها، مثل السيطرة على الموانئ والجزر الاستراتيجية، خاصة جزيرة سقطرى التي تم تحويلها إلى قاعدة عسكرية إماراتية. دعمت الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي لتعزيز الانفصال، مما أدى إلى تقسيم فعلي للبلاد بين الشمال والجنوب. هذا التدخل أدى إلى انهيار البنية التحتية، تفاقم الأزمة الإنسانية، وتشريد الملايين.

الأهداف الإماراتية في اليمن تجاوزت الأبعاد العسكرية إلى الاقتصادية. سيطرت الإمارات على الموانئ الحيوية وخطوط الملاحة البحرية، مما مكنها من تعزيز نفوذها الإقليمي على حساب الشعب اليمني.

سوريا: إعادة تأهيل نظام الأسد

قبل تدخل الإمارات، كانت سوريا تشهد ثورة شعبية ضد نظام بشار الأسد. هذه الثورة كانت مدعومة دوليًا، مع جهود لتقويض النظام الديكتاتوري. الإمارات في البداية دعمت المعارضة المسلحة، لكن بعد تغير الموازين على الأرض، غيرت سياستها جذريًا.

بدأت الإمارات في إعادة تأهيل النظام السوري دوليًا، حيث أعادت فتح سفارتها في دمشق عام 2018، ودعمت مساعي الأسد لاستعادة الشرعية الدولية. هذا الدعم الإماراتي جاء في وقت كان النظام السوري فيه يرتكب جرائم حرب ضد شعبه، بما في ذلك القصف الكيماوي والاعتقالات الجماعية.

الدعم الإماراتي للنظام السوري لم يقتصر على الجانب الدبلوماسي، بل شمل أيضًا دعمًا اقتصاديًا في محاولة لإعادة بناء مناطق يسيطر عليها النظام، مع تجاهل تام للمعاناة الإنسانية المستمرة.

ليبيا: تأجيج الصراع الداخلي

بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، كانت ليبيا تحاول بناء نظام سياسي جديد وسط تحديات هائلة. لكن الإمارات تدخلت لدعم الجنرال خليفة حفتر، مما أدى إلى تفاقم الصراع الداخلي. زودت الإمارات حفتر بالأسلحة والطائرات بدون طيار، وشاركت في ضربات جوية استهدفت المدنيين والبنية التحتية.

هذا التدخل أدى إلى انقسام ليبيا بين شرق وغرب، وعطل أي جهود للتوصل إلى حل سياسي. بالإضافة إلى الدعم العسكري، استخدمت الإمارات أموالها لتأمين ولاءات القبائل والجماعات المسلحة، مما عمق من حالة الفوضى.

السودان: من الإطاحة بالبشير إلى حرب أهلية جديدة

السودان بعد الإطاحة بعمر البشير كان أمام فرصة نادرة لبناء نظام ديمقراطي. لكن الإمارات دعمت المجلس العسكري الانتقالي، وخاصة قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي. دعمت الإمارات قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، وقدمت تمويلًا كبيرًا للمجلس العسكري. هذا التدخل ساهم في إضعاف القوى المدنية، واندلاع الحرب الأهلية بين الجيش وقوات الدعم السريع في 2023. أصبحت البلاد تعاني من نزوح الملايين، ومجاعة ودمار شامل، بينما تستفيد الإمارات من نهب الذهب السوداني.

دول المغرب العربي: أهداف الإمارات في المغرب، الجزائر، وتونس

الإمارات لم تسعَ إلى تطوير دول المغرب العربي أو تعزيز استقرارها، بل استخدمت قوتها المالية والإعلامية لفرض أجندتها. استهدفت الديمقراطية في تونس، السيادة في الجزائر، والقرار السياسي في المغرب. النتيجة كانت تفاقم الأزمات الداخلية والإقليمية، وزيادة الانقسامات بين شعوب المغرب العربي.

تونس: من الديمقراطية إلى الانقلاب السياسي

بعد الثورة التونسية في عام 2011، أصبحت تونس نموذجًا فريدًا في العالم العربي للديمقراطية الوليدة. شهدت البلاد انتخابات حرة وتعددية سياسية، مع دستور جديد عزز الحريات المدنية. ورغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية، كانت الديمقراطية التونسية تحمل وعودًا بالتطور والاستقرار. الإمارات، التي كانت ترى الديمقراطية تهديدًا لنموذجها الاستبدادي، استهدفت تونس منذ بداية الربيع العربي. استثمرت في دعم القوى المناهضة للإسلاميين، مثل حزب نداء تونس، وسعت لعرقلة القوى التي نشأت بعد الثورة، خاصة حركة النهضة.

أبرز الأدوار الإماراتية التخريبية في تونس:

دعم قيس سعيد: في عام 2021، دعمت الإمارات انقلاب الرئيس قيس سعيد على البرلمان. قدمت له مساعدات مالية وسياسية لتعزيز سلطته الفردية، مما أدى إلى تدهور الحريات وتفاقم الأزمات السياسية.
الإعلام الموجه: موّلت الإمارات وسائل إعلام محلية ودولية للترويج لانقلاب قيس سعيد وتشويه خصومه السياسيين، خصوصًا حركة النهضة.

أدى الدعم الإماراتي للانقلاب إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية في تونس. تراجع مستوى الديمقراطية، مع اعتقال معارضين سياسيين وصحفيين. فقدت تونس مكانتها كنموذج للديمقراطية في العالم العربي، وأصبحت تعتمد بشكل متزايد على الدعم الإماراتي.

الجزائر: استهداف دولة مستقلة بسبب موقفها من التطبيع

الجزائر حافظت على استقلالها السياسي، مع موقف واضح في دعم القضية الفلسطينية ورفض التطبيع مع إسرائيل. رغم التحديات الداخلية، مثل الحراك الشعبي في 2019، كانت الجزائر دولة ذات سيادة لا تخضع للأجندات الخارجية. بعد ذلك حاولت الإمارات زعزعة الاستقرار في الجزائر بسبب موقفها الرافض للتطبيع مع إسرائيل ورفضها الانخراط في الأجندة الإماراتية. استخدمت الإمارات حملات إعلامية وسياسية لتشويه الجزائر ودعم جهات معارضة لإضعاف الحكومة الجزائرية.

أبرز الأساليب الإماراتية التخريبية:

تمويل حملات تشويه: دعمت الإمارات وسائل إعلام وشخصيات معارضة لتشويه صورة الجزائر إقليميًا ودوليًا، مع التركيز على انتقاد مواقفها من التطبيع.

الضغط الإقليمي: سعت الإمارات لعزل الجزائر من خلال تعزيز علاقاتها مع المغرب، المنافس الإقليمي التقليدي للجزائر.
دعم قوى داخلية: شجعت بعض الأطراف الجزائرية المعارضة لإضعاف الحكومة والترويج للأجندة الإماراتية.

لم تنجح الإمارات في تحقيق أهدافها بالكامل بسبب رفض الجزائر للخضوع لأي تدخل خارجي. ومع ذلك، تسببت الحملات الإماراتية في زيادة التوتر الإقليمي وزعزعة العلاقات بين الجزائر وبعض الدول العربية.

المغرب: تعزيز النفوذ عبر الأموال والتطبيع

المغرب كان يتمتع بعلاقات مستقرة داخليًا وخارجيًا، مع تركيز على تطوير الاقتصاد والسياحة. رغم التحديات الاجتماعية والاقتصادية، كانت المملكة تحافظ على توازنها السياسي.

ثم استثمرت الإمارات مليارات الدولارات في المغرب لتعزيز نفوذها. دعمت الرباط في تطبيع العلاقات مع إسرائيل في إطار اتفاقيات أبراهام، وسعت لتحويل المغرب إلى حليف إقليمي يخدم الأجندة الإماراتية.

أبرز الأدوار الإماراتية التخريبية:

دعم التطبيع مع إسرائيل: لعبت الإمارات دورًا رئيسيًا في إقناع المغرب بتوقيع اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، حيث قدمت وعودًا بمساعدات اقتصادية واستثمارات ضخمة.
تعزيز النفوذ الاقتصادي: استثمرت الإمارات في قطاعات استراتيجية في المغرب، مثل العقارات والبنية التحتية، مما منحها نفوذًا كبيرًا في صنع القرار المغربي.
التأثير على السياسة الإقليمية: الإمارات شجعت المغرب على اتخاذ مواقف تتماشى مع سياستها، بما في ذلك تعزيز التطبيع والضغط على الجزائر.

رغم الفوائد الاقتصادية المؤقتة التي جنتها المغرب من الاستثمارات الإماراتية، إلا أن هذه العلاقة أثارت انتقادات داخلية بسبب تأثيرها على استقلال القرار السياسي المغربي. كما ساهمت الإمارات في تأجيج التوترات بين المغرب والجزائر، مما زاد من تعقيد الوضع الإقليمي.

نهب ثروات إفريقيا: الإمبراطورية الاستعمارية الإماراتية

توسع إماراتي في إفريقيا تحت غطاء التنمية

محمد بن زايد حول إفريقيا إلى ساحة لمشاريعه الاقتصادية التي تحمل طابعًا استعماريًا أكثر منه تنمويًا. عبر استثمارات ضخمة ظاهرها تحسين البنية التحتية والزراعة، سعت الإمارات للسيطرة على موارد إفريقيا الطبيعية وخطوطها التجارية الحيوية. السودان، إثيوبيا، الصومال، وليبيا كانت أبرز الدول التي تعرضت لهذه الهيمنة.

الإمارات ركزت على استغلال الثروات الطبيعية في إفريقيا مثل الذهب، الأراضي الزراعية، والموانئ البحرية. هذه العمليات غالبًا ما تسببت في تهجير السكان المحليين، تدمير الموارد البيئية، وزيادة الفقر في المجتمعات التي استُهدفت.

السيطرة على مناجم الذهب في السودان

السودان يُعتبر من أغنى الدول بالذهب في إفريقيا، وهو ما جعله هدفًا للإمارات. شركات إماراتية مثل شركة “الجنيد” المملوكة لقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، سيطرت على مناجم الذهب السودانية. هذه الشركات تصدّر الذهب إلى الإمارات بطرق غير قانونية، ما أدى إلى تهريب الثروة السودانية ومنع استفادة الشعب السوداني منها.

عمليات نهب الذهب عززت من نفوذ الإمارات داخل السودان على حساب الشعب. بينما تعاني البلاد من أزمة اقتصادية خانقة، تُهرَّب مواردها الطبيعية إلى الخارج لتغذية مشاريع محمد بن زايد التوسعية.

الأراضي الزراعية في إثيوبيا والصومال

الإمارات اشترت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في إثيوبيا والصومال. هذه الأراضي، التي كانت مصدر رزق للسكان المحليين، تم تحويلها إلى مشاريع زراعية ضخمة موجهة للتصدير إلى الإمارات، مما أدى إلى تهجير السكان المحليين وحرمانهم من مصادر دخلهم.

في الصومال، ركزت الإمارات على السيطرة على الموانئ، مثل ميناء بربرة. هذا الميناء الاستراتيجي أصبح تحت سيطرة شركة موانئ دبي العالمية، ما منح الإمارات سيطرة على التجارة البحرية في منطقة القرن الإفريقي.

مشاريع الموانئ: أدوات للهيمنة

الموانئ الإفريقية أصبحت أداة بيد الإمارات للسيطرة على التجارة الإقليمية. في ليبيا، استولت الإمارات على موانئ حيوية لدعم حليفها خليفة حفتر. وفي الصومال، هيمنت على ميناء بربرة وموانئ أخرى، مما أثر سلبًا على اقتصاديات الدول المستضيفة التي فقدت السيطرة على مواردها الاستراتيجية.

سياسات الإمارات في إفريقيا تسببت في أزمات إنسانية واجتماعية، من تهجير السكان المحليين، وتدمير للبيئة، وتعميق الفقر، وبينما تُروج الإمارات لمشاريعها كفرصة تنموية، تظهر الوقائع أنها تسعى فقط للهيمنة واستغلال الثروات.

التطبيع الإماراتي مع إسرائيل: تحالف استراتيجي تحت غطاء السلام

التطبيع الإماراتي مع إسرائيل في عام 2020 كان بمثابة قنبلة سياسية في المنطقة، إذ لم يكن مجرد تطبيع علاقات دبلوماسية، بل بداية لتحالف استراتيجي هدفه خدمة مصالح مشتركة، كثير منها على حساب الشعب الفلسطيني. محمد بن زايد قاد هذا المشروع مستخدمًا لغة التنمية والسلام كغطاء، بينما كانت أهدافه الحقيقية مرتبطة بطموحات اقتصادية وسياسية، بالإضافة إلى تعزيز نفوذ الإمارات الإقليمي.

التطبيع منح إسرائيل شرعية غير مسبوقة من دولة عربية مؤثرة اقتصاديًا وسياسيًا. الإمارات استخدمت هذا الاتفاق لتعزيز علاقاتها التجارية والعسكرية مع إسرائيل، وهو ما انعكس في صفقات سلاح وتقنيات مراقبة، مثل برنامج التجسس الإسرائيلي “بيجاسوس”. في المقابل، قدمت الإمارات دعمًا ضمنيًا لإسرائيل من خلال التزام الصمت تجاه الجرائم المرتكبة في غزة والضفة الغربية.

الطمع الإماراتي في غزة لم يتوقف عند حدود التعاون مع إسرائيل. تشير تقارير متعددة إلى أن الإمارات تطمح للسيطرة على ملف إعادة الإعمار في غزة، حيث تسعى لاستخدام هذا الملف كوسيلة لبسط نفوذها السياسي على الفلسطينيين. هذا الطموح يُترجم إلى رغبة في استثمار المعاناة الإنسانية في غزة لتحقيق مكاسب سياسية، عبر تقديم نفسها كوسيط اقتصادي وإنساني في الصراع.

الأكثر خطورة هو أن الإمارات تتماهى مع الخطاب الإسرائيلي في تقويض أي دور للمقاومة الفلسطينية. هذا التناغم يظهر في دعمها الإعلامي والدبلوماسي لإسرائيل على الساحة الدولية، مما يساهم في خنق القضية الفلسطينية ومحاولة فرض واقع سياسي جديد في المنطقة.

الصمت الإماراتي على الجرائم الإسرائيلية في غزة

بينما قصفت إسرائيل قطاع غزة وارتكبت جرائم حرب، التزمت الإمارات الصمت أو قدمت تصريحات دبلوماسية غامضة لا تدين الاحتلال بشكل واضح. الإمارات لم تستخدم نفوذها السياسي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين، بل دعمت إسرائيل عبر تعزيز علاقاتها الثنائية معها، مما شجع الاحتلال على التمادي في سياساته العدوانية.

الصمت الإماراتي لم يكن مجرد تقاعس دبلوماسي؛ بل يمثل انحيازًا ضمنيًا لإسرائيل. الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعتها الإمارات مع شركات إسرائيلية تشمل استثمارات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما يعني دعمًا غير مباشر لسياسات الاستيطان والانتهاكات المستمرة ضد الفلسطينيين.

إعادة إعمار غزة: أهداف خفية خلف المساعدات

أظهرت الإمارات اهتمامًا ملحوظًا في لعب دور مركزي في إعادة إعمار غزة بعد الهجمات الإسرائيلية المتكررة على القطاع. على الرغم من تقديمها دعمًا ماليًا عبر صندوق إعادة الإعمار، إلا أن هذا الدور يثير تساؤلات حول نواياها الحقيقية. بعض التقارير تشير إلى أن الإمارات تسعى لاستخدام مشاريع إعادة الإعمار كذريعة لتثبيت نفوذها السياسي والاقتصادي داخل القطاع، مع ضمان ألا تكون هناك مقاومة قوية لإسرائيل.

الإمارات استخدمت أموالها لضمان السيطرة على المنافذ الاقتصادية والمشاريع الإنشائية في غزة، مما يعزز من وجودها في المشهد الفلسطيني. هذا الدور مرتبط بمحاولتها إعادة تشكيل الوضع السياسي في غزة بطريقة تتماشى مع المصالح الإسرائيلية والإماراتية المشتركة، مثل تقويض النفوذ القطري والتركي في القضية الفلسطينية.

التنسيق الأمني والعسكري مع إسرائيل

العلاقة بين الإمارات وإسرائيل تجاوزت الطابع الاقتصادي لتصل إلى مستويات متقدمة من التعاون الأمني والعسكري. وفقًا لتقارير دولية، الإمارات استفادت من إسرائيل في تطوير قدراتها الأمنية، بما في ذلك أنظمة المراقبة والتجسس التي تُستخدم داخليًا وخارجيًا.

التنسيق العسكري يشمل أيضًا تبادل المعلومات الاستخباراتية حول قضايا إقليمية، مثل النشاطات الإيرانية، وحركات المقاومة الفلسطينية، وهو ما يعكس تحول الإمارات إلى شريك فعّال في تنفيذ الأجندة الإسرائيلية. هذا التعاون يُعد جزءًا من جهود أوسع لتحييد الدعم الإقليمي للفلسطينيين.

تجاهل حقوق الفلسطينيين

على الرغم من توقيع الإمارات على اتفاقيات تطبيع، إلا أنها لم تضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها بحق الفلسطينيين. لم تطالب الإمارات بإنهاء الحصار على غزة أو وقف التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية. بدلًا من ذلك، وظفت إمكانياتها لتعزيز وجودها الاقتصادي والسياسي في المنطقة، مع تهميش القضية الفلسطينية بشكل ممنهج.

قمع الحريات

القمع الداخلي: سحق الحريات والمعارضين في الإمارات

دولة بوليسية بلا تسامح

تحت حكم محمد بن زايد، تحولت الإمارات إلى دولة بوليسية حيث يتم قمع كل صوت معارض. أي شكل من أشكال النقد، سواء كان سياسيًا أو حقوقيًا، يواجه بعواقب وخيمة. أجهزة الأمن الإماراتية تُشرف على مراقبة مكثفة للسكان باستخدام تكنولوجيا متقدمة، تشمل الكاميرات وبرامج التجسس مثل بيجاسوس.

الحريات العامة، بما في ذلك حرية التعبير والصحافة، غائبة تمامًا. يتم التحكم بوسائل الإعلام المحلية التي تُستخدم فقط للترويج للنظام. لا يوجد مجال للنقاش السياسي أو الثقافي، حيث يتم اعتبار أي نقد للحكومة أو سياساتها تهديدًا للأمن القومي.

أبرز ضحايا القمع الداخلي

1. أحمد منصور: الناشط الحقوقي الإماراتي الذي يقضي عقوبة بالسجن لعشر سنوات في ظروف قاسية وعزلة تامة. السبب الأساسي وراء سجنه هو مشاركته في نشاطات حقوقية سلمية ودعوته للإصلاح السياسي. اعتقال منصور أرسل رسالة واضحة بأن النظام الإماراتي لا يتسامح مع أي شكل من أشكال المعارضة.
2. قضية الإمارات 94: مجموعة من 94 ناشطًا إماراتيًا، بينهم أكاديميون ومحامون، تمت محاكمتهم وسجنهم بتهم فضفاضة مثل “التآمر على الدولة”. هذه المحاكمات شابها افتقار للعدالة واستخدام اعترافات قسرية تم الحصول عليها تحت التعذيب.
ظروف السجون والمحاكمات غير العادلة

السجون الإماراتية معروفة بأنها تفتقر إلى أدنى معايير حقوق الإنسان. المعتقلون السياسيون يتعرضون للتعذيب الجسدي والنفسي، مثل الحبس الانفرادي لفترات طويلة، الحرمان من الزيارات العائلية، وسوء المعاملة. المحاكمات غالبًا ما تكون صورية، تفتقر إلى الشفافية، مع غياب محامين مستقلين للمتهمين.

التجسس والمراقبة الداخلية

النظام الإماراتي يعتمد بشكل كبير على تكنولوجيا المراقبة للتجسس على مواطنيه. استخدام تقنيات مثل بيجاسوس مكّن الحكومة من اختراق هواتف المعارضين والنشطاء. حتى في الحياة اليومية، تُستخدم كاميرات المراقبة المنتشرة في الأماكن العامة والخاصة لرصد التحركات وضمان سيطرة الدولة.

القمع الخارجي: ملاحقة المعارضين واستهداف المعارضين المواطنين والأجانب

سياسات القمع الإماراتية خارج الحدود

محمد بن زايد لم يكتفِ بقمع المعارضين داخل الإمارات، بل مدّ أذرعه إلى الخارج لملاحقة النشطاء والمعارضين من دول أخرى، مستخدمًا أساليب تشمل التشويه الإعلامي، التهديد، التجسس، والدعاوى القضائية الوهمية. استهداف المعارضين في الخارج يعكس استراتيجية متعمدة لتوسيع السيطرة القمعية عالميًا.

النظام الإماراتي استخدم أدوات مثل برنامج بيغاسوس للتجسس على هواتف المعارضين في الخارج. بالإضافة إلى ذلك، أنشأت الإمارات حملات إعلامية منظمة لتشويه سمعة النشطاء، خاصة أولئك الذين ينتقدون سياساتها في بلدانهم الأصلية أو على المستوى الدولي.

عبد الرحمن يوسف القرضاوي نموذج

عبد الرحمن يوسف القرضاوي، الشاعر والناشط المصري، يعد مثالًا بارزًا على ضحايا القمع الإماراتي الخارجي، بسبب دعمه للديمقراطية وانتقاده لسياسات الأنظمة الاستبدادية، وخاصة الإمارات، تعرض لحملة منظمة من التشويه والملاحقة.

ما حدث لعبد الرحمن يوسف ليس حالة فردية، النظام الإماراتي يستخدم استراتيجيات مماثلة ضد النشطاء والصحفيين من جنسيات متعددة. تشمل هذه الاستراتيجيات:

التضييق المالي: الضغط على البنوك الأجنبية لتجميد حسابات النشطاء.
التشهير: إطلاق حملات دعائية واسعة عبر وسائل الإعلام لتشويه السمعة.
الملاحقة القضائية: رفع دعاوى قانونية بتهم ملفقة لإرهاق المستهدفين ماليًا ونفسيًا.

القمع الإماراتي العابر للحدود يعكس طموحًا لتصدير النموذج السلطوي، حيث لا مكان للمعارضة سواء داخل البلاد أو خارجها، لذلك فإن استهداف شخصيات مثل عبد الرحمن يوسف القرضاوي يمثل رسالة واضحة: الإمارات ستلاحق كل من يعارض سياساتها، بغض النظر عن مكانه.

امبراطورية المراقبة والتجسس

محمد بن زايد جعل من الإمارات مركزًا عالميًا للتجسس، مستخدمًا أحدث التقنيات وأخطر البرامج للتدخل في شؤون الدول الأخرى. كانت الإمارات من أبرز مستخدمي برنامج التجسس الإسرائيلي “بيجاسوس”، الذي أثار فضائح دولية غير مسبوقة، بالإضافة إلى تورطها في فضيحة شركة “ألب” السويسرية التي كشفت عن نواياها في اختراق سياسات الدول الأوروبية.

برنامج بيغاسوس: هذا البرنامج، الذي طورته شركة NSO الإسرائيلية، يستخدم لاختراق الهواتف المحمولة وجمع البيانات الحساسة من دون علم أصحابها. الإمارات استخدمت بيجاسوس لاستهداف عشرات الصحفيين، النشطاء السياسيين، وحتى رؤساء دول. من بين أبرز الأهداف، الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي تم التجسس عليه قبل اغتياله في القنصلية السعودية بإسطنبول عام 2018. بالإضافة إلى ذلك، استُهدف صحفيون بارزون في الشرق الأوسط وأوروبا، مما أثار إدانات دولية واسعة.

التجسس باستخدام بيجاسوس أدى إلى انتهاك صارخ لخصوصية الأفراد، حيث تمكن النظام الإماراتي من جمع بيانات حساسة عن المعارضين. هذه المعلومات تم استخدامها لإسكات الأصوات المعارضة وتهديد حياة النشطاء والصحفيين، سواء داخل الإمارات أو خارجها. كشفت هذه الفضيحة أن الإمارات ليست فقط تهدد مواطنيها، بل تمتد أذرعها القمعية إلى جميع أنحاء العالم.

الإمارات لم تستخدم بيغاسوس فقط لجمع المعلومات، بل لجعل التجسس جزءًا من استراتيجيتها السياسية. أبرز الأهداف كانت:

1. إسكات المعارضة الداخلية والخارجية: من خلال معرفة أنشطة المعارضين، وابتزازهم بمعلومات حساسة.
2. تعزيز التحالف مع إسرائيل: عبر التعاون في تقنيات المراقبة والقمع.
3. تأمين مصالحها الإقليمية: في دول مثل اليمن وليبيا والسودان، حيث كانت المعلومات الاستخباراتية المستخلصة تُستخدم لتأمين ولاءات الفصائل أو تفكيك المعارضة.

فضيحة بيغاسوس كشفت بوضوح أن الإمارات ليست فقط دولة تعتمد على القمع الداخلي، بل تسعى لتوسيع نفوذها عبر أدوات قمع عالمية. استغلالها لهذه التكنولوجيا يعكس مدى استثمار محمد بن زايد في تعزيز قبضته داخليًا وخارجيًا، بغض النظر عن التكلفة الأخلاقية والإنسانية.

فضيحة شركة ألب السويسرية: في عام 2020، تم الكشف عن تورط الإمارات في فضيحة تجسس جديدة باستخدام شركة “ألب” السويسرية، التي أُنشئت لجمع معلومات عن سياسيين وصحفيين في أوروبا. الهدف كان التأثير على السياسات الأوروبية تجاه الإمارات، وشراء النفوذ السياسي عبر جمع معلومات حساسة واستخدامها كأداة للضغط. هذا النوع من التجسس يهدد بشكل خطير مبادئ الديمقراطية في أوروبا، حيث أصبح التلاعب الإماراتي مصدر قلق كبير للسيادة الأوروبية.

ما يميز فضيحة “ألب” هو أن الإمارات لم تكتفِ باستهداف المعارضين العرب، بل تجاوزت ذلك إلى محاولة اختراق أنظمة غربية عبر جمع معلومات استخباراتية حساسة. هذه الفضيحة كشفت عن مدى استعداد الإمارات لانتهاك القوانين الدولية واستخدام الوسائل القذرة لتعزيز نفوذها.

التقنيات المستخدمة في التجسس

شركة ألب السويسرية طورت تقنيات متقدمة للتنصت والمراقبة الرقمية، بالإضافة إلى أدوات لاختراق أجهزة الاتصال الشخصية. الإمارات وظفت هذه التقنيات لتتبع أنشطة سياسيين بارزين وصحفيين في دول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا. عمليات التجسس شملت:

جمع معلومات حساسة عن مواقف السياسيين تجاه القضايا الشرق أوسطية.
محاولة التأثير على السياسات الأوروبية المتعلقة بحقوق الإنسان والتطبيع مع إسرائيل.
مراقبة تحركات النشطاء الذين ينتقدون الإمارات وسياساتها القمعية.

التجسس عبر شركة ألب لم يكن هدفه فقط جمع المعلومات، بل أيضًا استخدام هذه البيانات للضغط على الحكومات الأوروبية لتبني سياسات تخدم أجندةالإمارات. أبرز الأهداف كانت:

1. التأثير على قرارات الاتحاد الأوروبي بشأن مبيعات الأسلحة للإمارات.
2. تحسين صورة الإمارات كدولة متسامحة، رغم التقارير التي تكشف عن قمعها الداخلي والخارجي.
3. إضعاف المعارضة الدولية لسياسات الإمارات في اليمن وليبيا.

التدخل في سياسات الدول: الهيمنة الإماراتية عبر المال والنفوذ

الإمارات استخدمت نفوذها المالي للتأثير على سياسات الدول الأوروبية والأمريكية. عبر استثمارات ضخمة في قطاعات حيوية، تمكنت الإمارات من شراء ولاءات سياسية ودعم قرارات تخدم أجندتها.

الفضائح المتعلقة بالتجسس، مثل ألب وبيجاسوس، أظهرت أن الإمارات تسعى للتأثير على الديمقراطيات الغربية عبر وسائل غير مشروعة. هذا التدخل يشكل تهديدًا للقيم الديمقراطية العالمية.

كما استغلت الإمارات أموالها لتعزيز علاقاتها مع اللوبيات المؤثرة في الولايات المتحدة، مما مكنها من تحقيق نفوذ غير مسبوق في السياسات الأمريكية.

شراء النفوذ: سياسة الإمارات في الغرب

محمد بن زايد استخدم القوة المالية للإمارات كأداة رئيسية لفرض التأثير على السياسات الدولية، خاصة في الدول الغربية. من خلال استثمارات ضخمة في قطاعات استراتيجية، مثل التكنولوجيا والعقارات والنقل، أصبحت الإمارات شريكًا اقتصاديًا لا يمكن تجاهله. هذا النفوذ الاقتصادي كان مدخلاً للضغط السياسي، حيث استُخدمت الأموال الإماراتية لإسكات الانتقادات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان وقمع الحريات.

الاستثمارات الإماراتية في الدول الأوروبية والأمريكية غالبًا ما كانت مشروطة بتجاهل تلك الدول لسجل الإمارات في القمع الداخلي والتدخلات الخارجية. كما وظفت الإمارات اللوبيات السياسية لتوجيه القرارات الحكومية لصالحها، خاصة في قضايا مثل بيع الأسلحة أو التطبيع مع إسرائيل.

التأثير على السياسات الأوروبية

الإمارات سعت للتدخل في صنع القرار داخل الاتحاد الأوروبي، مستخدمة تقنيات التجسس والرشاوى المالية. فضيحة شركة ألب” السويسرية التي كشفت عن تجسس الإمارات على سياسيين وصحفيين أوروبيين، كانت جزءًا من خطة أوسع للتأثير على مواقف الاتحاد الأوروبي بشأن:

1. بيع الأسلحة: الضغط لتجنب أي حظر على تصدير الأسلحة للإمارات رغم دورها في النزاعات باليمن وليبيا.
2. السياسات تجاه الشرق الأوسط: تعزيز دعم الحكومات الأوروبية للتطبيع مع إسرائيل وقمع الحركات الإسلامية المعارضة.
النفوذ في الولايات المتحدة

الإمارات استثمرت مليارات الدولارات في الولايات المتحدة لتأمين دعم سياسي وعسكري. اللوبي الإماراتي في واشنطن يُعتبر من الأقوى، حيث يعمل على تعزيز العلاقات مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة. أبرز أهداف هذا النفوذ:

1. ضمان صفقات الأسلحة المتطورة: مثل صفقة الطائرات المقاتلة F-35، التي سعت الإمارات لإتمامها ضمن اتفاقيات التطبيع.
2. تأمين الحماية السياسية: ضد أي تحقيقات أو انتقادات بشأن قضايا حقوق الإنسان والتدخلات الإقليمية.

الإمارات أيضًا استثمرت في الجامعات ومراكز الأبحاث الأمريكية لدعم أجندتها السياسية، مثل تشويه صورة قطر وتركيا، ودعم سياسات التطبيع مع إسرائيل.

احتضان المستبدين والفاسدين: الإمارات ملاذ آمن للديكتاتوريين والمجرمين الماليين

الإمارات كوجهة للمستبدين وأموالهم المنهوبة

تحت قيادة محمد بن زايد، أصبحت الإمارات وجهة مفضلة للديكتاتوريين والفاسدين من مختلف أنحاء العالم. دبي وأبوظبي توفران بيئة مثالية لإخفاء الأموال المنهوبة من بلدانهم، حيث يتم استثمارها في العقارات الفاخرة والشركات الوهمية. هذا الدور عزز صورة الإمارات كدولة تحتضن الاستبداد وتدعم القمع العالمي.

الإمارات لم تكتفِ فقط باستقبال هؤلاء المستبدين، بل وفرت لهم الحماية السياسية والقانونية. أبرز الأسماء التي استفادت من هذا الملاذ تشمل الأوليغارش الروس، وأفراد عائلة بشار الأسد، ومسؤولين سابقين في حكومات فاسدة من إفريقيا وآسيا.

الأوليغارش الروس: استغلال الحروب والعقوبات

بعد فرض العقوبات الغربية على الأوليغارش الروس بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، أصبحت الإمارات ملاذًا لهم. العديد من هؤلاء الأوليغارش نقلوا أموالهم واستثماراتهم إلى دبي، حيث لا توجد قيود على التدقيق المالي. العقارات الفاخرة في دبي شهدت ارتفاعًا كبيرًا في الطلب من قبل الأثرياء الروس، مما حول الإمارات إلى مركز لغسيل الأموال الروسية.

الحكومة الإماراتية لم تكتفِ بتوفير المأوى للأوليغارش، بل استفادت اقتصاديًا من استثماراتهم الضخمة. هذه السياسة قوبلت بانتقادات دولية، حيث اتُهمت الإمارات بتقويض العقوبات الدولية المفروضة على روسيا.

عائلة الأسد: شراكة مستمرة مع الاستبداد

الإمارات حافظت على علاقات وثيقة مع نظام بشار الأسد، رغم جرائمه الموثقة ضد الشعب السوري، وبعد سقوط بشار الأسد وهروبه إلى روسيا، فر عدد من أفراد عائلته، مثل عمه رفعت الأسد وأبنائه، إلى لبنان، ومنه تم تسهيل سفرهم إلى أبو ظبي ووفرت لهم غطاء اقتصاديًا لاستثمار الأموال المنهوبة من سوريا، مما يساهم في بقاء النظام السوري على قيد الحياة، رغم العقوبات الدولية.

علاقة الإمارات مع الأسد لم تكن مجرد علاقة اقتصادية، بل شملت دعمًا سياسيًا عبر إعادة العلاقات الدبلوماسية، مما أثار استياء دولي من تجاهل الإمارات للمعاناة الإنسانية للشعب السوري.

استضافة مسؤولين فاسدين من إفريقيا وآسيا

الإمارات استضافت مسؤولين حكوميين سابقين من دول إفريقية وآسيوية تورطوا في سرقة أموال شعوبهم، هؤلاء المسؤولون نقلوا ثرواتهم إلى الإمارات، حيث تم إخفاؤها في حسابات بنكية وشركات وهمية. على سبيل المثال:

مسؤولون سودانيون ارتبطوا بتهريب الذهب واستثمار عائداته في الإمارات.
شخصيات أفريقية معروفة تورطت في فساد سياسي ومالي استثمرت مبالغ ضخمة في قطاع العقارات الإماراتي.

احتضان الإمارات لهؤلاء الأفراد أسهم في تفاقم الأزمات في بلدانهم الأصلية. الأموال التي كان من المفترض أن تُستخدم لتطوير هذه الدول انتهت في مشاريع إماراتية، مما أدى إلى تعميق الفقر وعدم الاستقرار. كما عززت الإمارات من سمعتها كمركز لغسيل الأموال وداعم للنظم الاستبدادية.

عاصمة الفساد المالي العالمي

محمد بن زايد وفر ملاذًا آمنًا للمستبدين والفاسدين من حول العالم. من بين أبرز الشخصيات التي استضافتها الإمارات الأوليغارش الروس، الذين استخدموا أموالهم المنهوبة لتعزيز الاقتصاد الإماراتي.

كما استضافت الإمارات أفرادًا من عائلة بشار الأسد، مما أثار استياء دولي بسبب دعمها غير المباشر لنظام يرتكب جرائم حرب. هذا الاحتضان يعكس الطبيعة الانتهازية للنظام الإماراتي، الذي يسعى لتعزيز نفوذه بأي وسيلة.

مركز عالمي لغسيل الأموال

تحت قيادة محمد بن زايد، أصبحت الإمارات مركزًا رئيسيًا لغسيل الأموال، حيث يُستخدم قطاعها العقاري والبنكي كواجهة لإخفاء أموال مشبوهة. دبي على وجه الخصوص، تُعرف بأنها ملاذ للأموال غير المشروعة بسبب سياساتها المالية المتساهلة، وغياب الشفافية في عملياتها البنكية.

قطاع العقارات كان من أبرز أدوات غسيل الأموال، حيث تُستخدم الاستثمارات العقارية لشراء شقق ومنازل فاخرة دون الكشف عن هوية المالكين الحقيقيين. كما أن الشركات الوهمية، التي يمكن تسجيلها بسهولة في المناطق الحرة الإماراتية، تُعد وسيلة أخرى لتبييض الأموال.

إدراج الإمارات في القائمة الرمادية

في عام 2022، أدرجت مجموعة العمل المالي (FATF) الإمارات على قائمتها الرمادية بسبب قصورها في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. هذا التصنيف جاء بعد تحقيقات كشفت عن عدم كفاءة السلطات الإماراتية في التعامل مع التدفقات المالية المشبوهة والأنشطة الاقتصادية غير القانونية.

كان وجود الإمارات في القائمة الرمادية يعتبر ضربة لسمعتها الدولية، حيث يشير إلى أن سياساتها المالية تسهم في تقويض الجهود العالمية لمكافحة الجرائم المالية.

دور القطاع المصرفي في الفساد المالي

البنوك الإماراتية، التي تعتبر من الأكبر في المنطقة، تورطت في تحويل أموال غير مشروعة من دول تعاني من الفساد أو الأزمات السياسية. على سبيل المثال:

1. تحويل أموال الأوليغارش الروس: بعد العقوبات الغربية على روسيا، أصبحت البنوك الإماراتية وجهة رئيسية للأموال الروسية التي تبحث عن منافذ مالية جديدة.
2. تهريب الأموال الإفريقية: الإمارات تُستخدم كمنفذ لتهريب الأموال المنهوبة من دول إفريقية، عبر عمليات مالية غامضة تشمل التحويلات البنكية والاستثمارات المباشرة.

سياسات الإمارات المالية تُسهم في تعزيز الأنظمة القمعية والفاسدة، حيث تُستخدم الأموال المغسولة في دعم الحكومات الاستبدادية وتعزيز نفوذها. كما أن تصنيف الإمارات كملاذ آمن لغسيل الأموال يُضر بمصداقيتها الدولية، ويزيد من التوتر مع الدول الغربية التي تسعى إلى مكافحة هذه الظاهرة، ورغم التعهدات الإماراتية بتحسين الرقابة المالية، فإن التقارير تشير إلى أن الإصلاحات ما زالت بطيئة وغير كافية لمواجهة حجم المشكلة.

محمد بن زايد وظّف كل الأدوات الممكنة لتعزيز نفوذه، بدءًا من القمع الداخليإلى التدخلات الخارجية والتجسس العالمي. سياساته التخريبية في اليمنوليبيا والسودان وسوريا، ودعمه للتطبيع مع إسرائيل، جعلت منه رمزًا للفوضىوالهيمنة. في النهاية، خلفت سياساته شعوبًا مشردة، دولًا مقسمة، وأزماتإنسانية غير مسبوقة.