العدسة – معتز أشرف

في الثامن من مارس من كل يوم تطل المرأة العربية من شرفة المعاناة والآلام، بينما أمثالهن في الغرب ينشغلن غالبًا بالرفاهية وأبعاد الرخاء، وبينما يسلط العالم الضوء في ذلك اليوم العالمي الذي حازته المرأة يوما لها، علي نماذج النجاح، تقف المرأة المصرية والسورية واليمنية والسعودية والفلسطينية كنماذج للنجاح، ولكن من زواية الصمود والصبر والمصابرة في مواجهة الحلف الصهيوني العربي، رغم سجلات الانتهاكات التي لا تنتهي.. ونرصد بعضها:

انتقام بسوريا!

في سوريا لن تجد المرأة عدوا أكثر انتقاما من الديكتاتور بشار الأسد، ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل ما يزيد عن 24 ألفًا و700 أنثى في سوريا، منذ عام 2011، في تقرير بعنوان “المرأة السورية.. نصف المجتمع المحطم“، مشددة على أن الانتهاكات ضد المرأة السورية بلغت حد “جرائم ضد الإنسانية” و”جرائم حرب”، دون أن يتمتعن بأي حماية دولية من المجتمع الدولي؛ حيث رصد التقرير أوضاع النساء السوريات منذ مارس 2011 وحتى نوفمبر 2017، موثقًا مقتل 13344 أنثى بالغة، و11402 طفلة، 84% منهن قتلن على يد النظام السوري، ويقدر عددهن بـ 20919 أنثى، وقتلت 988 أنثى على يد القوات الروسية الداعمة للنظام السوري، بحسب تقرير الشبكة، فيما قدر تقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وجود ما يزيد عن 6700 أنثى مازلن قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري في سجون النظام السوري، قتل منهن ما لا يقل عن 41 تحت التعذيب، فيما دعا مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ إجراءات من شأنها حماية المرأة السورية والمجتمع السوري، وذلك عبر إرسال مراقبين دوليين إلى مراكز يحتجز داخلها نساء.

استباحة بمصر!

وفي مصر، ورغم أن كثيرًا ما يربط أنصار السيسي بينه وبين دعم المرأة، ويؤكد السيسي بنفسه أنه نصير المرأة المصرية، وأنها لا تحتاج وزيرة خاصة؛ لأنه شخصيًّا يهتم بأمرها، قائلا: “أنا وزير المرأة، ولا نحتاج وزير لشؤون المرأة، وبعض الوزراء يغضبون بسبب شعورهم بانحيازي لها”، ولكن عهده يحمل عنوان استباحة المرأة- بحسب المراقبين والحقوقيين الذين أكدوا أن انتهاكات نظام السيسي ضد المرأة المصرية متزايدة– حيث قدمت المرأة المصرية في عهده ما يزيد عن 140 شهيدة في مواقع مختلفة، تنوعت بين شهيدات مجزرتي فض رابعة والنهضة، وشهيدات الاعتداءات على المسيرات المناهضة للانقلاب، وشهيدات مهاجمة الجامعات المصرية، وشهيدات التنكيل بأهلنا في سيناء، وغيرهن الكثيرات، ولا يزال ما يزيد عن 43 فتاة وسيدة مصرية في سجون السيسي، يواجهن أحكامًا مختلفة بالسجن، وصلت في بعض الحالات للأشغال الشاقة المؤبدة، كما يوجد قرابة 10 سيدات وفتيات مصريات ما زلن رهن الإخفاء القسري، كما أن هناك 6 فتيات وسيدات مصريات يمثلن أمام المحاكم العسكرية، كما وصلت الأحكام للإعدام، كما وصل عدد السيدات والفتيات اللاتي أدرجت أسماؤهن علي قوائم الإرهاب أكثر من 120 سيدة وفتاة، فيما وصلت جرائم السيسي بحق النساء إلى الاغتصاب، ووصلت الأعداد إلى 50 حالة اغتصاب لنساء، تم توثيق 20 منها فقط، لظروف خاصة بالحالات، طبقا للجان الاستماع والشهادات.

حقد صهيوني !

ولأن الفلسطينية هي محضن الأبطال والنضال والمقاومة، فقد واصل الاحتلال الصهيوني انتهاك حقوق المرأة الفلسطينية، حيث تحتجز قوات الاحتلال 62 امرأة فلسطينية، بينهن 6 طفلات، 9 مصابات و3 نساء رهن الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، كما تمارس بحقهن مختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، وفق مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان.
وأكدت المؤسسة أنه “تقبع حاليا في سجون الاحتلال 35 أسيرة في سجن هشارون، و25 أسيرة في سجن الدامون، وواحدة في سجن الرملة وأخرى لم نستطع تحديد مكان احتجازها، وتقع هذه السجون داخل الأراضي المحتلة عام 1948، أي بما يخالف اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السكان من الأراضي المحتلة”.
وأشارت إلى أن “قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 10 آلاف امرأة فلسطينية منذ العام 1967، وخلال العام 2018 تستمر قوات الاحتلال باعتقال النساء والفتيات الفلسطينيات، سواء من الشارع أو أثناء عبورهنّ الحواجز أو بعد اقتحام منازلهنّ ليلا، مع اصطحاب كلاب بوليسية لترهيب العائلة وتدمير محتويات المنزل. وعند الاعتقال يقوم جيش الاحتلال بتعصيب عيونهن وتقييد أيديهن خلف ظهورهن، ووضعهن داخل الجيبات العسكرية، ويتعرضن أثناء ذلك للتعذيب وسوء المعاملة، موضحة أن “الاحتلال مستمر منذ 50 عامًا في انتهاك حقوق الأسيرات الفلسطينيات .

قمع باليمن !

وفي اليمن لا تتوقف ميليشيات الانقلاب عن ارتكاب العديد من الانتهاكات القمعية ضد المرأة، وفق التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان الذي أوضح أن من بين الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيا الانقلابية ضد المرأة اليمنية، تشمل القتل، والإصابة، والتشويه، والاعتقالات، والتحرش الجنسي والعنف، وقتل أو جرح رؤوس الأسر المعيشية، وتشريد الآلاف من النساء، مشيرا إلى أن المرأة في اليمن تتعرض لمعظم الانتهاكات وتتحمل كافة الويلات الناتجة عن النزاعات المسلحة وهي أكثر ضحايا الحرب جسديًا ونفسيًا ومعنويًا، لافتا إلى أنه ليس للمرأة دور في إشعال الحروب أو إيقافها، كما رصد تقرير حول “الإعلاميات اليمنيات تحديات في السلم والحرب”، انتهاكات متعددة تعرضت لها الإعلاميات اليمنيات تنوعت ما بين القتل، والضرب والتهديد والفصل التعسفي، وقطع المرتبات، والحرمان من الوظائف فيما وثقت تقارير حقوقية، تهجير ميليشيات الانقلاب بقوة السلاح (9517) أسرة في تعز وحدها (جنوب غربي اليمن)، تضم أكثر من 800 ألف نسمة، وتشكل النساء 60% من المهجرين و25% أطفال، وذلك في الفترة من سبتمبر 2015م – أكتوبر 2017م.

ضياع بالعراق

ووفقا للموقع الرسمي لهيئة علماء المسلمين بالعراق ، تعد البلاد ثاني أسوأ مكان بالنسبة للمرأة في العالم العربي، من حيث جرائم قتل النساء وحالات الاختطاف أو الاختفاء القسري، وحالات الاعتقال والتعرض للإساءة او التعذيب في السجون، فضلا عن تعرضهن للاستغلال والاضطهاد والانتهاكات بأبعاد عرقية أو طائفية، على خلفية النزاع المسلح والعنف الطائفي الذي يشهده العراق على مدى العقد الأخير، والذي أفضى إلى أشكال متعددة من العنف في المجتمع العراق من جميع أفراده بلا استثناء.
ويقول مراقبون إن حقوق المرأة في العراق سجلت تراجعا غير مسبوق في التاريخ الحديث؛ بسبب الفظائع والجرائم التي ارتكبتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة وكذلك حكومات الاحتلال المتعاقبة والميليشيات الطائفية المتحالفة معها لتوطيد أركان سلطتها الزائلة، فضلا عن الدور السلبي الذي لعبه في هذا المجال (تنظيم الدولة) الذي ظهر بعد عام 2014 كرد فعل للظلم الواقع على العرب السُنّة في البلاد؛ ما تسبب بانتكاسات غير مسبوقة في وضع النساء والفتيات في المجتمع العراقي، حيث تواجه المرأة العراقية كل أشكال التمييز ضدها وتعاني من العنف على الأصعدة جميعها، مقابل إهمال الخسائر التي تتكبدها المرأة إعلاميا واجتماعيا.

اضطهاد بالامارات !

وكعادتها في عهد الديكتاتور محمد بن زايد، وصل وضع المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى حد مشين يشابه ظروف المرأة في العصور الوسطى في أوروبا وفق الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات الذي أكدت في بيان لها “إن نظام الإمارات يهين المرأة سواء الإماراتية أو تلك التي تنتمي لأي جنسية أخرى، بحيث تعتبر الإمارات مركزا للاتجار بالبشر، وذلك حسب التقرير السنوي للخارجية الأمريكية وتقارير منظمة (هيومن رايتس ووتش) والعفو الدولية”، مشيرة إلى أن الإمارات لا توفر الحماية للمرأة المغتربة بحيث يتم إجبار الآلاف منهن على العمل في الدعارة في كازينوهات دبي، ويتم الإيقاع بالنساء من خلال استقطابهن للعمل في وظائف عادية، ثم يفاجأن بعدم وجود أي فرص سوى العمل بوظائف في البارات والنوادي الليلية وبيوت الدعارة، وتعاني المرأة من قيود تفرضها إجراءات تمييز والقوانين الإماراتية الخاصة بالمرأة بحيث تطبق على المسلمات وغير المسلمات، إضافة إلى سياسة عامة تقوم على عدم تمكين المرأة والنيل من حقوقها.

تهديد مزدوج بالسعودية!

وبحسب تقرير مرصد “حماية المدافعين عن حقوق الإنسان”، تصاعدت معاناة عدد من الناشطات السعوديات اللاتي تم اعتقالهن على خلفية نشاطاتهن في المطالبة بحقوق المرأة في المملكة، ونشرت المنظمة تقريرًا مفصلًا حمل عنوان “محكوم عليهن بالصمت.. وضع النساء المدافعات عن حقوق الإنسان في السعودية”، مشيرا إلى أنه منذ العام 2016 وتشهد السعودية تعبئة غير مسبوقة تقوم بها نساء للدفاع عن أبسط حقوقهن الأساسية، خاصة مع توفّر إمكانية قيامهن بذلك من خلال الشبكات الاجتماعية، ولفت أنه هناك الآن آلاف من الناشطات في الفضاء الإلكتروني على الشبكات المختلفة، أغلبهن يستخدمن حسابات مع إخفاء الهوية؛ خوفا من تعرضهن لأعمال انتقامية، وملاحقات أمنية، وذكر التقرير، واقعة اعتقال الناشطة السعودية “نعيمة المطرود”، التي حكم عليها بالسجن لمدة 6 سنوات، وذلك على خلفية مشاركتها في احتجاج سلمي، في نوفمبر الماضي، مؤكدا أنه رغم مزيد من الانفتاح خلال السنوات الأخيرة، التي تشهدها البلاد، إلا أن المرأة لا تزال عرضة لتهديد مزدوج.