خلال الـ15 شهرًا الماضية، التي شهدت واحدة من أبشع مراحل الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، حيث قتل الآلاف ودُمرت البنية التحتية للقطاع بشكل مروع، كشفت تقارير متعددة عن الدور المخزي لنظام محمد بن زايد في تعزيز تعاونه مع إسرائيل. هذا التعاون تخطى كل الخطوط الحمراء، حيث تحول مطار آل مكتوم في دبي إلى نقطة استراتيجية لتوسيع النفوذ الإسرائيلي، في خطوة تُثير غضبًا عربيًا ودوليًا وسط اتهامات بالخيانة للقضية الفلسطينية.

مطار آل مكتوم: من مركز لوجستي إلى منصة دعم للاحتلال

مطار آل مكتوم، الذي طالما سُوّق على أنه مشروع طموح لدبي يعزز مكانتها كمركز لوجستي عالمي، أصبح الآن جزءًا من خطة أوسع تخدم المصالح الإسرائيلية. التقارير تؤكد أن هناك رحلات شحن يومية ثابتة بين دبي وتل أبيب، حيث يتم نقل بضائع متنوعة، من الأدوية والإلكترونيات إلى معدات يُشتبه أن لها استخدامات مزدوجة، مدنية وعسكرية.

هذه الرحلات ليست مجرد تبادل تجاري عادي، بل هي خطوة استراتيجية تهدف إلى تحويل الإمارات إلى منصة لوجستية تخدم إسرائيل في الوصول إلى أسواق جنوب وشرق آسيا، مثل الهند والصين. بهذا الدور، يقدم نظام محمد بن زايد دعمًا غير مسبوق للكيان الإسرائيلي، في وقت تعيش فيه غزة على وقع الدمار والجوع والحصار.

هذا التعاون يأتي في وقت تتصاعد فيه جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، حيث تُدمر المنازل فوق رؤوس ساكنيها، ويتم تهجير العائلات قسرًا، فيما تواصل الآلة العسكرية الإسرائيلية قصف المدنيين دون هوادة. وبينما يعاني الفلسطينيون تحت الحصار، يفتح نظام بن زايد أبوابه لتسهيل العمليات اللوجستية لإسرائيل، متجاهلًا معاناة شعب بأكمله.

الإمارات وإسرائيل: تحالف يتجاوز الحدود

العلاقة بين الإمارات وإسرائيل لم تعد مجرد تطبيع سياسي أو اقتصادي؛ بل تحولت إلى تحالف استراتيجي. نظام محمد بن زايد لا يرى في إسرائيل كيانًا احتلاليًا يستبيح حقوق الفلسطينيين، بل شريكًا يمكن من خلاله تعزيز نفوذه الإقليمي. التعاون بين الجانبين يتخطى الجوانب الاقتصادية ليشمل دعمًا دبلوماسيًا وحتى عسكريًا، من خلال توفير منصات لوجستية تساعد إسرائيل في تعزيز مكانتها في المنطقة.

هذا التحالف يتزامن مع سياسات إماراتية أوسع، تعتمد على إطالة أمد الصراعات في المنطقة لتحقيق هدف إسرائيل بإلهاء المنطقة في صراعات وحروب داخلية وأزمات متلاحقة. فمن خلال دعمها لجماعات مسلحة في دول مثل ليبيا واليمن والسودان، تسعى الإمارات إلى السيطرة على موازين القوى في الشرق الأوسط، متجاهلة التداعيات الكارثية على الشعوب التي تعاني من هذه الصراعات. النظام الإماراتي الذي طالما رفع شعار محاربة التطرف، استخدم هذا الخطاب لتبرير تدخلاته لكنه في الواقع خلق بيئة خصبة للفوضى.

على الصعيد الدولي، انتقدت منظمات حقوقية هذا التعاون لما له من تأثير كارثي على حقوق الإنسان في المنطقة. منظمة “هيومن رايتس ووتش” وصفت الرحلات الجوية بين الإمارات وإسرائيل بأنها “غطاء لوجستي”، قد يُستخدم لتعزيز القدرات العسكرية الإسرائيلية. حتى داخل الإمارات، بدأت أصوات معارضة تتصاعد، وإن كانت بشكل خجول، تطالب بإعادة النظر في هذه التحركات التي تُضعف موقف الإمارات أمام الرأي العام العربي.

نظام بن زايد يبدو وكأنه غير مكترث بكل هذا الغضب، بل يستمر في المضي قدمًا في تعاونه مع إسرائيل. الرحلات الجوية اليومية ما هي إلا جزء من مشروع تطبيع أوسع يهدف إلى ترسيخ العلاقات بين الجانبين على حساب الفلسطينيين.

رسالة واضحة: القضية الفلسطينية ليست للبيع

في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون من ويلات الحرب والحصار، يختار نظام محمد بن زايد الانحياز إلى الاحتلال، ضاربًا عرض الحائط بكل المبادئ الأخلاقية التي تربط الشعوب العربية بالقضية الفلسطينية. هذا الدور الإماراتي، الذي يسعى لتعزيز مصالحه الإقليمية، لا يمكن أن يُبرر بأي حال من الأحوال.

القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية سياسية، بل هي قضية إنسانية وأخلاقية، تمثل كرامة الأمة العربية والإسلامية. وكل محاولة لتجاهل هذه الحقيقة، سواء من نظام محمد بن زايد أو أي طرف آخر، ستواجه بغضب الشعوب التي لا تزال ترى في فلسطين رمزًا للصمود والحرية.