لم يعد خافيًا على أحد أن النظام الإماراتي هو أحد أبرز اللاعبين في الحرب الإعلامية على سوريا، لكن ما يميزه عن غيره ليس دعمه المباشر لنظام الأسد، بل إدارته لحملات التضليل ونشر الطائفية عبر جيش من الحسابات الوهمية والصفحات الموجهة.

في الساعات التي تلت انتصار الثورة السورية،  ظهرت عشرات الصفحات والمواقع والنشطاء الذين يدعون تسليط الضوء على الانتهاكات في سوريا، لكنهم في الحقيقة يعملون تحت مظلة الإمارات، بل يعملون في غالبيتهم من داخل الإمارات هذه الصفحات لا تهدف إلى دعم السوريين أو تسليط الضوء على مأساتهم، وإنما تعمل على إشعال فتيل الطائفية وتقسيم المجتمع السوري.

ازدواجية المعايير.. متى يصبح القتل مرفوضًا؟

هذه الحسابات لا تتحدث عن المأساة السورية بشكل متوازن، بل تعمل وفق أجندة واضحة: أي حدث يرتكبه طرف محسوب على السنة يتم تضخيمه وشيطنته، بينما يتم تجاهل جرائم الميليشيات الطائفية الأخرى تمامًا.

راجعوا تلك الحسابات في فترة ما قبل نجاح الثورة، وفيما بعدها في تفجيرات منبج على سبيل المثال، راجعوا موقفها من قنص 63 مدنيًا في حلب على يد عصابات “قسد”؟

سيتضح لأي مراقب عادي أن الأمر بالنسبة لهم ليس دفاعًا عن المظلومين، بل أداة لشيطنة طرف محدد وخلق صراع طائفي دائم. يريدون أن يكون النقاش محصورًا في زاوية واحدة: السنة هم المشكلة، وهم الخطر، وهم وحدهم المتهمون!

إشعال الفتنة لا نصرة المظلوم

هذه الصفحات لم ولن تدع أي شخص من السنة يتعاطف مع الأقليات، ولم ولن تدع أحدًا من الأقليات يتعاطف مع السنة. الهدف ليس السلم الاجتماعي بل العكس تماما المطلوب دفع البلد نحو صراع لا نهاية له.

لو كانوا صادقين في “حقوق الإنسان”، فلماذا لم يظهروا عندما كان حزب الله يسوم أهل السنة في لبنان سوء العذاب؟ لماذا لم نسمع أصواتهم عندما كان نظام الأسد يسحق جماجم الأطفال بالبراميل؟

لأنهم ليسوا هنا للدفاع عن الضحايا، بل لتبرير جرائم فريق والترويج لها، مقابل شيطنة فريق آخر.

حرية الطائفية.. ولكن لطرف واحد فقط!

الذباب الإلكتروني الإماراتي لا يريدك أن تتحدث عن الطائفية، لكنه يمنح نفسه الحق في الغوص بها حتى رأسه. يريدونك أن تكون مثاليًا وصامتًا، بينما يملأون الفضاء الإلكتروني بخطابهم الطائفي دون أن يحاسبهم أحد.

عندما تكون الجرائم ضد السنة، تكون “حربًا على الإرهاب”، عندما تتحرك السلطة الجديدة لاستتباب الأمن وإنفاذ القانون، يصبحون “طائفيين متطرفين”.

لكن المعادلة لن تستمر بهذه الطريقة، لأن من يُمارس الطائفية تحت غطاء “حقوق الإنسان”، سيسقط قناعه في النهاية، وسيُكشف دوره القذر في تأجيج الصراع.

الحل؟ سيادة القانون وليس مزيد من التقسيم والطائفية

الطائفية ليست الحل، ولن تفيد أحدًا سوى أولئك الذين يريدون استمرار الحرب إلى الأبد. الحل ليس في مسايرة هؤلاء القذارات ولا الانجرار إلى خطابهم المسموم، بل في تطبيق القانون على الجميع، بلا استثناء.

لا ينبغي أن يؤخذ مجرم من الأقليات بجريرة طائفته، ولا يجب أن يُترك مجرم لأنه ينتمي إلى طائفة محددة. العدل هو الميزان الوحيد الذي يجب أن يُطبّق، لا التغطية على طرف والتشهير بآخر وفقًا للأجندات السياسية.

سوريا لن تُبنى على يد الذباب الإلكتروني، ولا على يد الصفحات الطائفية، ولا على يد الأنظمة التي تستخدم الفتنة كسلاح. سوريا ستعود عندما يدرك الجميع أن القانون هو السيد، وليس التحريض ولا الأكاذيب.