تتزايد الأصوات داخل إسرائيل، بما في ذلك في وسائل الإعلام، للمطالبة بمحاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بسبب ما وصف بـ”الإهمال الإجرامي” في التعامل مع ملف الأسرى المحتجزين في قطاع غزة.
ويرى محللون أن استراتيجيات نتنياهو المتخبطة وعدم اكتراثه بمصير الأسرى، تعكس تلاعبًا سياسياً مكشوفاً، وتضع علامات استفهام حول أولوياته الحقيقية.
الرئيس السابق لشعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي، يسرائيل زيف، صرّح للقناة 12 بأن تعامل الحكومة مع هذا الملف يُعدّ سابقة خطيرة، حيث أكد أن الجيش الإسرائيلي كان، في حروبه السابقة، يضع استعادة الأسرى كأولوية قصوى.
إلا أن الأمر تغيّر اليوم، وبات الإسرائيليون أنفسهم مضطرين إلى الضغط على حكومتهم لإجبارها على اتخاذ إجراءات حقيقية لاستعادة المدنيين المحتجزين. ويرى زيف أن هذا التخبط الحكومي أدى إلى استمرار مأساة الأسرى لأكثر من عام ونصف دون تحرك فعّال، وهو ما يرقى، برأيه، إلى درجة “الإجرام السياسي”.
ذوو الأسرى يفقدون الثقة في الحكومة
لم يقتصر الهجوم على حكومة نتنياهو على المحللين العسكريين، بل امتد ليشمل عائلات الأسرى الذين عبّروا عن غضبهم تجاه الطريقة التي يدير بها رئيس الوزراء المفاوضات.
فقد صرّح عمري ليفيشيتس، ابن أحد الأسرى، لقناة “آي 24 نيوز” قائلاً: “السماح لنتنياهو بإفشال الصفقة يعني أننا سنعيش 18 شهراً آخر في المعاناة، ولكن هذه المرة في ظروف أكثر سوءًا”.
التقارير الإعلامية الإسرائيلية، خاصة تلك الصادرة عن القناة 13، أكدت أن نتنياهو يواجه ضغوطًا متزايدة من الرأي العام ومن بعض القوى السياسية، للانخراط في المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى. إلا أن المحلل رفيف دروكر أشار إلى أن نتنياهو يحاول التلاعب بالمفاوضات عبر إرسال وفد لا يملك سلطة اتخاذ قرارات حاسمة، مما يعني استمرار المماطلة وعدم التوصل إلى اتفاق حقيقي.
حسابات سياسية تعرقل التقدم في الصفقة
وسط هذه الانتقادات المتزايدة، من المقرر أن يعقد نتنياهو اجتماعاً لتقييم المرحلة الثانية من الصفقة عشية انعقاد المجلس الوزاري المصغر. وبحسب صحيفة معاريف، فإن إسرائيل تدرس خيار إدخال “مرحلة انتقالية” بين المرحلتين الأولى والثانية من الصفقة، بحيث لا تتضمن هذه المرحلة وقفًا لإطلاق النار، لكنها تضمن استمرار عمليات إطلاق سراح الأسرى على دفعات.
ويشير محللون إلى أن هذا التوجه يعكس رغبة نتنياهو في كسب الوقت، وإطالة أمد الحرب، ليس فقط لأسباب أمنية، بل لأسباب سياسية بحتة، إذ يرى أن إنهاء الحرب يعني الاعتراف بانتصار المقاومة الفلسطينية، وهو أمر يحاول تجنبه بأي ثمن. وتذهب بعض التقديرات إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى لاستخدام ملف الأسرى كورقة مساومة سياسية، بدلاً من اعتباره قضية إنسانية وأمنية ملحة.
في ظل هذه المعطيات، تتزايد الضغوط الداخلية لمحاسبة نتنياهو على إدارته لهذا الملف، خاصة مع استمرار التدهور الصحي للأسرى العائدين، والذي يعكس، وفق مراقبين، ليس فقط المعاناة التي تعرضوا لها، بل أيضاً تواطؤ الحكومة الإسرائيلية في استمرار هذا الوضع عبر تعطيل المفاوضات عمداً.
اضف تعليقا