في ظل العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، كشف موقف الأردن، بقيادة الملك عبد الله الثاني، عن انسحاق واضح أمام الضغوط الصهيونية والأمريكية، وصمت مخزٍ تجاه معاناة الفلسطينيين. الزيارة الأخيرة للملك إلى واشنطن ولقاؤه مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حملت إشارات صادمة حول غياب موقف حازم من عمّان إزاء محاولات تهجير الفلسطينيين، مع الاكتفاء بتصريحات دبلوماسية باهتة لا تتجاوز حدود “انتظار الحل العربي”.
ترامب لم يتوانَ خلال اللقاء عن التصريح بأن “هناك أراضٍ في الأردن ومصر يمكن نقل الفلسطينيين إليها”، في إشارة واضحة إلى نوايا تصفية القضية الفلسطينية بمشاركة ضمنية من بعض الأنظمة العربية، وعلى رأسها الأردن. أما الملك عبد الله، فقد تهرب من الرد على هذه التصريحات، واكتفى بتأكيد موقف عام ضد التهجير، في محاولة لتجنب الغضب الشعبي الذي يدرك تمامًا حجم التواطؤ مع المشاريع الصهيونية.
أثناء حرب غزة، اتسم الموقف الأردني بالصمت والجمود، دون أي تحرك حقيقي لدعم المقاومة أو التصدي للجرائم الإسرائيلية. وعلى الرغم من الضغوط الشعبية المتزايدة، أصر النظام على لعب دور “الوسيط الهادئ”، مع استمرار التنسيق الأمني وتقديم التسهيلات التي تضمن عدم تصاعد التوتر في المنطقة، بينما كانت غزة تُباد يوميًا تحت القصف.
مواقف الأردن، التي لطالما انحازت إلى حسابات السياسة على حساب المبدأ، تعكس انسياقًا مخزيًا وراء المطالب الصهيونية، وإهمالًا تامًا للحقوق الفلسطينية. فمنذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، تحول النظام الأردني إلى لاعب هامشي في المعادلة الفلسطينية، مكتفيًا بإدانات شكلية وخطابات جوفاء تُخفي وراءها خضوعًا كاملًا للمخططات الأمريكية والإسرائيلية.
وفي ظل تصريحات ترامب وتصاعد العدوان على غزة، يبقى السؤال: هل ستظل عمّان رهينة مصالحها الضيقة وخوفها من إغضاب الصهاينة؟ أم أن الشعب الأردني سيجبر نظامه يومًا ما على الوقوف بكرامة إلى جانب القضية الفلسطينية؟ الإجابة، للأسف، قد تكون واضحة، فالمواقف المخزية لا تزال هي العنوان الأبرز للسياسة الأردنية تجاه فلسطين.
اضف تعليقا