تشهد الضفة الغربية واحدة من أشد موجات النزوح القسري منذ نكبة عام 1948، مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ عمليات اجتياح واسعة لمخيمات اللاجئين في مدن جنين وطولكرم ونابلس وطوباس.
آلاف العائلات الفلسطينية باتت مشردة في العراء بعد أن دُمرت منازلها وجُرفت شوارعها، فيما تحولت المساجد والمدارس والمراكز الصحية إلى مراكز إيواء مؤقتة وسط أوضاع إنسانية كارثية.
لم يقتصر العدوان الإسرائيلي على الهدم والتشريد، بل امتد ليشمل عمليات اغتيال واعتقالات تعسفية طالت العشرات، في حين وثقت منظمات حقوقية تنفيذ الاحتلال إعدامات ميدانية بحق مدنيين حاولوا الفرار من القصف أو البحث عن مأوى آمن.
في الوقت ذاته، قطعت قوات الاحتلال الكهرباء والمياه وخطوط الاتصالات عن المخيمات المستهدفة، مما زاد من معاناة السكان الذين يواجهون الحصار والتجويع القسري.
الاحتلال يواصل التدمير.. والسلطة تتجاهل المعاناة
لم يواجه الفلسطينيون فقط بطش الاحتلال، بل وجدوا أنفسهم أيضاً أمام خذلان من قبل السلطة الفلسطينية، التي اكتفت بدور المتفرج بينما تشتد الانتهاكات في الضفة الغربية.
لم يصدر أي موقف حقيقي من قيادة السلطة تجاه أكبر عمليات التهجير التي تشهدها الضفة منذ عقود، ولم تتخذ أي خطوة عملية لحماية المواطنين من القمع الإسرائيلي المتصاعد.
بدلاً من ذلك، واصلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية دورها كذراع للاحتلال، حيث كثفت من ملاحقة المقاومين واعتقال الناشطين الذين يفضحون جرائم الاحتلال. بينما يعيش الفلسطينيون أفظع صور التهجير والدمار، تنشغل السلطة بالتنسيق الأمني مع الاحتلال وقمع أي تحركات شعبية رافضة لجرائمه.
محمود عباس.. الوجه الآخر للاحتلال
في الوقت الذي يُجبر فيه الفلسطينيون على مغادرة منازلهم قسراً، يواصل رئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن) تقديم الغطاء السياسي للاحتلال عبر تصريحاته المنافقة، حيث خرج ليعلن أن “فلسطين ليست للبيع” ويطالب بتوحيد المواقف العربية لدعم “رؤية السلام العربية” في القمة العربية الطارئة المقبلة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.
لكن على الأرض، تتصرف سلطته كوكيل أمني للاحتلال، فتعتقل المقاومين، وتنسق مع الجيش الإسرائيلي لضرب أي محاولة لردع العدوان.
عباس، الذي يدين تهجير الفلسطينيين في الإعلام، هو نفسه من ينفذ أوامر الاحتلال بملاحقة المقاومة وإحباط أي تحرك يمكن أن يعرقل مشروع التوسع الإسرائيلي في الضفة.
خطابه المزدوج لم يعد ينطلي على الفلسطينيين، الذين يرون في سلطته امتداداً لآلة القمع الإسرائيلية، حيث لم تعد الأجهزة الأمنية تحمي إلا الاحتلال ومستوطنيه، بينما تترك الفلسطينيين وحدهم يواجهون الإبادة والاقتلاع القسري.
مخطط ممنهج لاقتلاع الفلسطينيين وإحكام السيطرة
ما يحدث في الضفة ليس مجرد عمليات اجتياح عسكرية، بل هو جزء من مخطط إسرائيلي ممنهج لإعادة رسم خريطة الضفة الغربية عبر فرض وقائع جديدة على الأرض.
الاحتلال لا يستهدف فقط تدمير المخيمات وتهجير سكانها، بل يسعى إلى تفريغ المناطق الحيوية من أهلها لصالح توسع الاستيطان، وسط غياب أي رد فعل فلسطيني رسمي أو تحرك دولي جاد لوقف هذه الجرائم.
أمام هذا المشهد الكارثي، يبقى الفلسطينيون وحدهم في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، حيث لا يجدون دعماً إلا من الحاضنة الشعبية والمبادرات الفردية التي تحاول إغاثة النازحين رغم شح الموارد.
وبينما تواصل إسرائيل استباحة المدن والمخيمات، تظل السلطة صامتة، بل ومتواطئة، في مشهد يعكس حجم الخيانة التي يتعرض لها الفلسطينيون من ذوي القربى قبل العدو.
اقرأ أيضًا : تحركات رئيس الشاباك تكشف عن غليان في الاحتلال وقوة المقـ ـاومة التي تفرض شروطها
اضف تعليقا