العدسة – منصور عطية

على نطاق واسع بدأت الأنباء تتردد بقوة بشأن الأسماء المرشحة لتشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا، وسط ترجيحات متداولة في الأوساط الليبية لبعض الأسماء.

هذا الاستحقاق الانتخابي المرتقب، يأتي وسط تطورات ميدانية سلبية شهدها الجنوب الليبي في الآونة الأخيرة، حيث تمكن مقاتلو تنظيم الدولة “داعش” من إعادة تجميع أنفسهم، تمهيدا للانطلاق من جديد، مستغلين خلو الساحة وانشغال الأطراف كافة بمعارك جانبية.

3 أسماء مرجحة

وتداولت بعض الأنباء تسريبات لأسماء المرشحين الأبرز لتشكيلة المجلس الرئاسي الليبي الجديد، وهم: رئيس مجلس النواب “عقيلة صالح”، ورئيس المجلس الأعلى للدولة “عبدالرحمن السويحلي”، والسفير الليبي في المغرب “عبدالمجيد سيف النصر”، على أن يكون الأول رئيسا والاثنان الآخران نائبين له.

رئيس لجنة تعديل الاتفاق السياسي بمجلس الدولة الليبي، موسى فرج، قال: إن “الأسماء المرشحة يجب أن تزكى من مجلسي النواب والدولة، على أن يفرز الأعلى للدولة قائمتين منها، ويصوت عليها، ثم تحال إلى مجلس النواب للتصويت عليها”.

وأشار في تصريحات صحفية إلى أن “مجلس الدولة لم يرشح عبدالرحمن السويحلي، لعضوية المجلس الرئاسي الجديد”، مؤكدا أن البرلمان هو الذي طرح قائمة لعضوية المجلس الجديد تضم: السويحلي وصالح وسيف النصر.

وكان لافتا ما نقلته تقارير إعلامية، تحدثت عن حالة من الرفض الشعبي لتلك الأسماء المرشحة، كون أصحابها غير متوافقين سياسيا، ويسعون فقط للبقاء في السلطة.

تزامن مع هذا الجدل تحذيرات شديدة اللهجة، وجهها رئيس التحقيقات بمكتب النائب العام الليبي الصديق الصور، الذي قال إن تنظيم “داعش” استطاع السيطرة على مساحات واسعة من الصحراء الليبية، وتمكن من إعادة الانتشار في بعض المدن والقرى.

وبحسب “الصور”، فإن “جيش الصحراء” كانت التسمية التي أطلقها التنظيم على فرعه بالجنوب الليبي، مشيرا إلى أن هذا الكيان تم تأسيسه بعد تحرير مدينة سرت، ويضم 3 كتائب بقيادة الليبي “المهدي سالم دنقو”، والملقب بـ”أبو البركات”.

وبدأ التنظيم في تعزيز صفوفه بالمقاتلين الأجانب سواء المنخرطون سابقا في التنظيم أو تجنيد عناصر جديدة من دول الجوار خاصة الأفارقة، حيث تعد أكثر المنافذ الحدودية النشطة تلك التي “تربط بين السودان وجنوب ليبيا مرورا بدولة تشاد، لأسباب أمنية تتعلق بضعف الرقابة، وأخرى سياسية بسبب توتر العلاقات بين السودان وليبيا، منذ إغلاق السفارة السودانية بمدينة الكفرة العام الماضي”، وفق تقارير إعلامية.

“عقيلة صالح” سياسي بالصدفة!

ولعل أبرز الأسماء المرشحة لرئاسة المجلس الرئاسي الليبي “عقيلة صالح” المنتخب من قبل برلمان طبرق في غياب كتلة الإسلاميين ونواب كتلة مصراتة بحجة عدم شرعية الجلسة.

“عقيلة صالح عيسى العبيدي” قاضٍ سابق، ينحدر من مدينة القبة بشرق ليبيا، حاصل على الليسانس في القانون العام سنة 1970، عمل في مجال المحاماة قبل أن يتبوأ مناصب عدة بالنيابة العامة في ظل حكم العقيد الراحل معمر القذافي الذي أطاحت به ثورة 17 فبراير 2011.

التحق بعد تخرجه بالعمل في السلك القضائي، فعين سنة 1971 مساعد نيابة، ثم أصبح رئيس نيابة الجبل الأخضر، ثم محاميا عاما بمحكمة استئناف الجبل الأخضر، وفي سنة 1999 أصبح رئيس فرع إدارة التفتيش القضائي بمحكمة استئناف درنة.

ولم يعرف عنه نشاط سياسي في عهد نظام القذافي، ولم تعرف له مواقف تحدد توجهاته أو رؤاه السياسية، ويعتبر نفسه شخصية مستقلة لا تنتمي إلى طيف من الأطياف السياسية المعروفة بليبيا.

وقاطع النواب الإسلاميون وكتلة مدينة مصراتة (غرب)، حفل افتتاح برلمان طبرق؛ باعتباره غير دستوري، مؤكدين أن الدعوة لهذا الاجتماع من صلاحية رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان المنتهية ولايته) نوري أبو سهمين.

وكان لرئيس مجلس النواب تصريحات – قبل أقل من شهر- أثارت جدلا واسعا في الأوساط الليبية، عندما قال إن “سيف الإسلام” نجل معمر القذافي، يحق له الترشح لانتخابات الرئاسة “إذا لم يكن هناك مانع قضائي يحول دون ذلك”.

وقال في مقابلة، تعليقا على التقارير حول نية سيف الإسلام القذافي الترشح للرئاسة: “لقد أصدرنا قانون العفو العام والعفو السياسي، وأي مواطن ليبي ليس عليه قيود قضائية من حقه أن يترشح، بمن فيهم سيف الإسلام القذافي”.

“السويحلي”.. رصيد معارضة القذافي

“عبد الرحمن السويحلي” رئيس المجلس الأعلى للدولة منذ 2016، والمنتخب عضوا بالمؤتمر الوطني العام، ربما يعد الأبرز سياسيا في قائمة المرشحين لعضوية المجلس الرئاسي الجديد، فهو سياسي ليبي عارض نظام معمر القذافي، وكان من الأسماء البارزة إبان الثورة الليبية، حيث اعتقل هو وثلاثة من أبنائه قبل أن يفرج الثوار عنهم.

ولد “السويحلي” عام 1944 في الإسكندرية بمصر، وهو من سكان مدينة طرابلس، وينحدر من قبيلة “يدّر” ذات الأصول التركية (استقروا بالبلاد إبان الحملة العثمانية)، وجدّه أحمد هو الشقيق الأصغر للمجاهديْن سعدون ورمضان السويحلي، اللذين كانا من قادة المجاهدين الليبيين ضد الاحتلال الإيطالي.

حصل على بكالوريوس هندسة مدنية من جامعة طرابلس عام 1975، كما حصل على ماجستير هندسة مدنية من جامعة ويسكونسن في الولايات المتحدة، ونال درجة الدكتوراه من جامعة ساوثهامبتون ببريطانيا.

التجربة السياسية للسويحلي كانت مثيرة وبدأت مبكرا، حيث ترأس أول حركة طلابية معارضة لنظام العقيد الراحل معمر القذافي بلندن عام 1976، وما لبث أن رجع إلى ليبيا نهاية الثمانينيات واعتزل العمل السياسي.

لكنه ظهر مجددا إبّان ثورة 2011 محرضا ضد نظام القذافي عبر وسائل الإعلام، واعتقل مع ثلاثة من أبنائه لمدة ثلاثة شهور في طرابلس، قبل أن يتم تحريره من قبل الثوار في عملية نوعية بطرابلس.

أسس “السويحلي” حزب الاتحاد من أجل الوطن ببنغازي عام 2012، ثم انتخب عضوا في المؤتمر الوطني العام عن قائمة حزبه في مدينة مصراتة في انتخابات يوليو 2012.

ترأس لجنة الدفاع والأمن القومي بالمؤتمر الوطني العام لفترة، وانتخب مرة ثانية عن مدينة مصراتة عضوا لمجلس النواب في انتخابات 25 يونيو 2014.

رفض “عبدالرحمن السويحلي” دخول المجلس على خلفية جدل دستوري، وعدّ نفسه منسحبا منه بعد قرار المحكمة الدستورية العليا بحل المجلس، ورجع إلى ممارسة عمله بالمؤتمر الوطني العام.

اختير ضمن الفريق الممثل للمؤتمر الوطني العام في الصخيرات بالمغرب برئاسة النائب الأول لرئيس المؤتمر عوض عبد الصادق، وفي أبريل 2016 انتخب رئيسا للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا.

رفض كثيرا ربطه بجماعة الإخوان المسلمين، وأكد في أحد لقاءاته المتلفزة أنه لم ينتم يوما للجماعة، بل يعارضهم ويتهمهم باحتكار صفتين لازمتين للجميع، قائلا: “فكلنا إخوان وكلنا مسلمون”، مشيرا إلى أنه كان يتبنى الفكر العروبي الناصري في فترة شبابه بحكم التجربة الناصرية حينها.

“سيف النصر” جاسوس سيف القذافي

ربما جلبت له علاقاته الواسعة والمتشعبة والوثيقة بأركان نظام القذافي اتهامات تتردد بين الحين والآخر بأنه يعمل جاسوسا لصالح “سيف الإسلام القذافي”، لكن سليل عائلة “سيف النصر” العريقة في الجنوب الليبي وسبها تحديدا يبدو أنه يعتز بماضي أجداده المرتبطين بالحركة السنوسية وبمقاومة الاستعمار الإيطالي.

“عبدالمجيد غيث عبدالمجيد سيف النصر” السفير الليبي في المغرب، وعضو المجلس الانتقالي، ورئيس اللجنة الأمنية العليا، ولد في سبها عام 1957، واتهم والده في ما يعرف بمحاولة سبها للانقلاب على القذافي وفر خارج البلاد.

يعد الرجل من أبرز المرشحين لعضوية المجلس الرئاسي المزمع تشكيله، حيث نقلت تقارير إعلامية عن مصر دبلوماسي رفيع المستوى، تقديراته بأن يشغل “سيف النصر” منصب نائب رئيس المجلس عن المنطقة الجنوبية، خلفا للمستقيل “موسى الكوني”.

استهل عمله ضمن المنظومة الأمنية في عهد القذافي عام 1990، بجهاز هيئة أمن الجماهيرية (وهو ما يشبه مباحث أمن الدولة سابقا في مصر)، حيث كانت وظيفته الأولى مواجهة المعارضين السياسيين للقذافي.

يواجه اتهامات بالتجسس على “جبهة إنقاذ ليبيا” أبرز الجبهات المعارضة للقذافي بالخارج، وجمع المعلومات عن أعضائها مستغلا وجود والده كأحد قياداتها، واستمر بالترقي داخل هيئة الأمن واقترب أكثر من سيف الإسلام القذافي إلى حد يُتهم فيه بالتجسس لصالحه.

عند قيام ثورة 17 فبراير، تورط “سيف النصر” وفق نشطاء في حشد وتسليح “البلطجية” والميليشيات التابعة له لمواجهة الثوار في البريقة ومصراتة تحديدا، لكنه هرب متخفيا إلى بنغازي عندما شعر بقرب غرق مركب القذافي.

يصرح دوما بأنه مع كل الليبيين مع اختلاف توجهاتهم الفكرية وانتماءاتهم السياسية، لكنه يرفض استبعاد قيادات نظام القذافي من العملية السياسية.

وقال نصًّا في تصريح صحفي يرجع إلى أكتوبر الماضي: “الكثير يستغرب من توجهاتي السياسية، إنني مع الملكي الوطني ومع السبتمبري الوطني ومع الفبرايري الوطني، إنني مع الوطن الذي يجمعنا مع مختلف الاتجاهات والأطياف والمكونات، ومع مشاركة الجميع في العملية السياسية، وبينهم رجالات النظام السابق، يجب أن يكون لهم دور في خدمة وطنهم ليبيا”