العدسة – معتز أشرف

جريمة جديدة لقراصنة الديكتاتور الإماراتي ضد دولة قطر، شكلت سابقة خطيرة في سجال الحصار المفتوح على برك من الحقد لا تنتهي يقودها محمد بن زايد ضد الدوحة، ومن عدوان إلى عدوان يسير مخطط الديكتاتور، ولكن قطر فيما يبدو “ليست لقمة سائغة ولا هدفاً سهلاً، والشعوب ليست جاهلة” بحسب ما قال مدير مكتب الاتصال الحكومي في دولة قطر، الشيخ سيف بن أحمد آل ثاني، منذ بدايات الحصار.

سابقة خطيرة!

وصل ملف الاستهداف الممنهج لرباعي الحصار إلى جريمة جديدة قادتها الإمارات ووصفتها قطر بأنها “جريمة خطف متكاملة الأركان، وتشكل سابقة خطيرة وانتهاكا للأعراف الدولية”، وذلك على خلفية احتجاز الإمارات لقارب صيد وإجبار ثمانية أشخاص كانوا على متنه على دخول المياه الإقليمية الإماراتية تحت تهديد السلاح، وفي التفاصيل حكاية قراصنة جديدة للديكتاتور محمد بن زايد، دفع قطر إلى “إبلاغ مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة بقيام منظومة المراقبة البحرية القطرية، يوم الجمعة 19 يناير 2018، برصد زورق إماراتي تم إنزاله من سفينة عسكرية، ودخول المنطقة الاقتصادية الخالصة القطرية، حيث قام باعتراض واختطاف قارب صيد قطري على متنه سبعة صيادين وقبطان، جميعهم يحملون الجنسية الهندية، وإجباره على الخروج من المنطقة الاقتصادية الخالصة القطرية ودخول المنطقة الاقتصادية الخالصة الإماراتية، تحت تهديد السلاح”.

كما أبلغت قطر مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن 3 خروقات لمجالها الجوي، “قامت بها كل من الإمارات والبحرين”، وشددت قطر على رفضها لأي خرق لسيادتها وسلامتها الإقليمية، مؤكدة اتخاذها الإجراءات اللازمة للدفاع عن حدودها ومجالها الجوي والبحري وأمنها القومي، وفقا للقوانين والضوابط الدولية، بحسب وكالة الأنباء القطرية.

وذكرت في رسالة موجهة لمجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش أن “طائرة نقل جوي عسكرية إماراتية اخترقت المجال الجوي لدولة قطر، يوم الأحد 14 يناير الماضي، كما قامت طائرة نقل عسكرية إماراتية من نوع (C-130)، يوم الأحد 25 فبراير الماضي، باختراق المجال الجوي القطري، وفي يوم الأربعاء 28 فبراير الماضي، تم رصد دخول طائرة عسكرية بحرينية، المنطقة الاقتصادية الخالصة لدولة قطر”.

بلطجة واستفزاز!

وسبق للدوحة أن شكت الإمارات مرتين بعد اختراق طائرة عسكرية إماراتية مجالها قطر الجوي أوائل شهر يناير الماضي، ووجهت قطر رسالتين متطابقتين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي وقتها قالت فيهما إن طائرة نقل جوي عسكرية إماراتية قادمة من المجال الجوي لدولة الإمارات العربية المتحدة ومتجهة إلى مملكة البحرين تحمل الرمز التعريفي (DHC-6)، مشيرة إلى أنها حلقت صباح يوم الأربعاء الموافق 3 يناير 2018، فوق المنطقة الاقتصادية الخاصة بدولة قطر، وبدون إذن مسبق من السلطات القطرية المختصة، وقامت باختراق المجال الجوي لدولة قطر وتبين بعد ذلك أن الطائرة الإماراتية كانت تحلق بين الممر الجوي UL)-768) والممر الجوي (UM-600) وهبطت بعد ذلك في مملكة البحرين، وجاء ذلك بعد إبلاغ الحكومة القطرية بلاغين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي، قالت فيهما إن طائرة إماراتية حربية خرقت المجال الجوي القطري في 21 ديسمبر 2017، وحذرت قطر الإمارات من تداعيات استمرار مثل هذه الحوادث، ولكن فيما يبدو أن الديكتاتور محمد بن زايد يريد مواصلة الاستفزاز، حيث اعتبرت قطر أن “تكرار هذه الحادثة النكراء واستمرار دولة الإمارات العربية المتحدة في انتهاك سيادة دولة قطر، وتهديدها لسلامة حدودها وأراضيها، يعتبر دليلا على مضي السلطات الإماراتية في النهج الرامي لخرق أحكام القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق والأعراف الدولية”.

أزمة “بن زايد”!

وعلى خلاف أبعاد الحصار الذي يقودها الرباعي “مصر والسعودية والبحرين والإمارات”، فإن للأخيرة خاصة أزمة مع الدوحة سبقت الحصار الحالي، على خلفية رفض قطر تسليم امرأة للديكتاتور “بن زايد”، وهو ما كشفه محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري، في حوار مع التليفزيون القطري الرسمي، حيث تحدث عن أزمة حدثت بين قطر والإمارات عام 2015، وسبقت الأزمة الخليجية المستمرة حتى الآن، وكانت هذه الأزمة بسبب رفض قطر تسليم آلاء الصديق، زوجة المعارض الإماراتي عبدالرحمن باجبير، وقال وزير الخارجية القطري إن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد أرسل مبعوثا إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لتسليمهم السيدة، لكن الأمير رفض طلبهم؛ لان “المادة 58 من الدستور القطري تمنع تسليم أي لاجئ لأسباب سياسية”، وأن المرأة ليست مطلوبة في جرم جنائي.

وبحسب تقارير رسمية إماراتية، فإن أزمة “بن زايد” مع قطر تكمن في مساندة الدوحة للربيع العربي ورفض أبوظبي له، ودعم الأخيرة للأنظمة القمعية، ومحاولتها استعادة تواجدهم في المنطقة بشكل أو بآخر، وهو ما قالته دراسة شبه رسمية في الإمارات، حيث أكدت أن الاختلاف القطري الإماراتي يكمن في “الاختلاف البنيوي بين السياستين الإماراتية والقطرية، الذي أفرز أزمة العلاقات البينية بين البلدين سنة 2014، ثم في سنة 2017، إضافة إلى الاختلاف بين الرؤية القطرية في التعاطي مع الثورات العربية، والثوابت الإماراتية في التعاطي مع مفهوم الأمن القومي العربي، قبل أن يزداد الشرخ في علاقات البلدين”، فيما زعمت الدراسة أن السلوك السياسي القطري، منذ ذلك التوقيت، اعتبرته الإمارات العربية المتحدة تهديداً حاصلاً لأمن الخليج العربي، أو بالأدق بسبب القفز القطري فوق فكرة الأمن القومي العربي والخليجي، ليتعداه إلى التنسيق مع الأدوار الإقليمية، في إطار لعبة من التشبيك العابر للإقليم ككل”.

قرصان فاشل!

ولم يكن ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد يعلم أن مخططات القراصنة قد تتعرض للكشف سريعا، فقد كشفت صحيفةواشنطن بوستالأمريكية، نقلا عن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية، عن أن الإمارات كانت وراء اختراق مواقع وسائل الإعلام الحكومية القطرية، ونشر بيان مزور منسوب لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وتفجرت على إثره أزمة الحصار المدبر ضد قطر، وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن المسؤولين في الاستخبارات الأمريكية علموا الأسبوع الماضي بعد تحليل معلومات جديدة، بأن كبار المسؤولين الإماراتيين ناقشوا يوم 23 أيار/مايو هذه الخطة وتنفيذها، وفي تأكيد لانفراد الصحافة، اتهم النائب العام القطري ضمنا، الإمارات بالمسؤولية عن اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية (قنا)، وقال النائب العام: إن “اختراق موقع وكالة الأنباء (قنا) نفذته دول مجاورة، مشاركة في الحصار على قطر، والأدلة التي بحوزتنا كافية لتوجيه الاتهام لدول الحصار”.

​وبحسب وثائق “ويكيليكس”، فإن لدى “محمد بن زايد” عقدة نفسية فيما يبدو من وسائل إعلام قطر، فرغم فشله في قرصنة الوكالة الرسمية، كان إغلاق قناة الجزيرة أحد بنود قائمة المطالب الـ13، التي قدّمها ضمن دول الحصار إلى قطر، وكشفت الوثائق المسرّبة أنّ هذا المطلب لم يكن وليد الظرف الراهن، وأنه بالأحرى كان حسابًا قديمًا بالنسبة لمحمد بن زايد، بل بلغت خصومة “بن زايد” مع الجزيرة إلى ما هو أبعد من المطالبة بغلقها، وبلغت حدّ التحريض على قصفها إبّان غزو العراق.

انتصار قطري!

ورغم المخططات إلا أن المراقبين يرون أن قطر انتصرت على الحصار بفضل تحرك مدروس لم يتأثر بالاستفزازات المتتالية، وبحسب “مجلة Forbes الأمريكية”، فإن قطر تحرز تقدماً يرشحها للفوز بالحرب الدبلوماسية مع دول الحصار، مستشهدة بعدد من الأحداث والتطورات التي شهدتها الأزمة خلال الفترة الماضية، كما  قال دومينيك دودلي، الصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، إن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها قطر للالتفاف على الحصار الاقتصادي والسياسي الذي فرضه عددٌ من حلفاء البلاد السابقين في المنطقة فعَّالة، وذلك في ظل تأكيد الولايات المتحدة الآن على دعمها للدوحة، فيما تواصل دعوتها كافة الأطراف للتوصُّل إلى تسوية.

وفي السياق ذاته أظهرت دراسة أعدتها جامعة المعرفة العالمية، أن 81 % من المتابعين لقناة الجزيرة يعتقدون أن خلاف قطر مع السعودية والإمارات قد سمح لها بالتحرر من سنوات قيدت نفسها بتحاشي الشأن المتعلق بدول الخليج العربي، لاسيما في السعودية والإمارات، مضيفة أن نسبة مشاهدة قناة الجزيرة ارتفعت، لأن الخلاف مع دول كان ممنوعًا انتقادها سابقا، مثل السعودية والإمارات، سمح بإعادة اهتمام شريحة من المشاهدين لمتابعتها.