العدسة – إبراهيم سمعان
رأى الكاتب “جوزيف روجين” في مقال بصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أن الدعم العسكري الأمريكي سينهار بعد زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، المقرر لها 19 من مارس الجاري، إذا لم يأت الأمير السعودي لواشنطن ومعه تفسيرات واضحة، حول كيفية تجنب قتل المدنيين اليمنيين وتخفيف الكارثة الإنسانية هناك.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكونجرس الأمريكي يشهد حالة من الغليان بشأن مشاركة الولايات المتحدة في الحرب اليمنية المستمرة منذ 3 سنوات، ويخطط عدد من النواب لتمرير مشاريع قوانين تقلص المساعدات الأمريكية للرياض فيما يتعلق باليمن.
وإلى نص المقال:
تحسبا لوصول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن أوائل الأسبوع المقبل، يخطط نواب بمجلس الشيوخ إدانة القتل السعودي للمدنيين في اليمن، والضغط على إدارة “ترامب” لتقليص مساعداتها العسكرية في هذا الصدد، ويشهد المجلس حاليا معركة داخلية، حول كيفية إرسال تلك الرسالة، ولكنها أصبحت تتكشف من وراء الكواليس الآن.
هناك إحباط واسع في الكونجرس بسبب الطريقة التي تتعامل بها السعودية مع الحالة اليمنية، والتي حسب “هيومن رايتس ووتش”، فقد شنت المملكة التي تقود التحالف الدولي لدعم الشرعية في اليمن، على الأقل 85 غارة جوية غير قانونية؛ خلفت ما يقرب من 1000 مدني .
وقال مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في سبتمبر: “إن الضربات الجوية للتحالف لا تزال السبب الرئيسي في سقوط إصابات في صفوف المدنيين”، كما فرض السعوديون وحلفائهم حصارا أدى إلى عمليات تجويع جماعي، وتفشي الكوليرا التي انتشرت بين أكثر من مليون شخص .
وفى يوينو، فشل نواب بمجلس الشيوخ، بفارق ضئيل، في تمرير مشروع قانون، طرحه النائبان “راند بول”، و”كريس ميرفي”، كان من شأن مشروع القانون المقترح، منع المبيعات الأمريكية للمملكة، فيما مرر مجلس النواب بأغلبية ساحقة في نوفمبر مشروع قرار يفيد أن توفير الولايات المتحدة لاستهداف المعلومات والتزود بالوقود للطائرات الحربية السعودية هو أمر مصرح به بموجب القانون .
رسالة قوية
ويخطط المشرعون حاليا لمشروعي قانون متنافسين، وكلاهما يهدف إلى إرسال رسالة قوية إلى المملكة وولي العهد، مفادها أن العواقب ستكون وخيمة في حالة إذا لم يتوقف الاعتداء على المدنيين في اليمن، ويمكن لأحدهما أو كليهما الوصول إلى مجلس الشيوخ في نهاية الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل.
ويضغط كل من النواب “ميرفي”، “بيرني ساندرز” و”مايك لي” للتصويت على مشروع قانونهم بموجب صلاحيات الحرب الذي يتطلب انسحاب القوات الأمريكية من الأعمال العدائية في اليمن، بخلاف تلك الأعمال التي تتعلق بالتحديد بمكافحة الإرهاب، وبصفته قرارًا مميزًا، فإنه سيذهب مباشرة ولا يتطلب سوى الحصول على 50 صوتًا لتمريره.
لكن هناك مشكلتان في جهود (ساندرز- ميرفي- لي)، وهو أنه يستحضر قانون صلاحيات الحرب، بطريقة غير مسبوقة، ويضع الجمهوريين في موقف حرج، يعتمد على قانون يعتبره الكثير منهم غير دستوري.
كما يترك أيضا ثغرة لوزراة الدفاع التي تزعم بالفعل أن العمل العسكري الأمريكي في اليمن لا يندرج تحت تعريف الأعمال العدائية، يقول البعض إن مشروع القانون لن يمر، ناهيك عن البقاء على الحياة في مواجهة الفيتو الرئاسي .
ولجميع هذه الأسباب يدفع كل من السيناتور “تود سي يونج”، و”جان شاهين”، نحو مشروع قرار يتطلب من وزير الخارجية التصديق مرارًا وتكرارًا على أن المملكة تعمل بشكل عاجل وفعال وحسن النية، للتفاوض على إنهاء الحرب واتخاذ التدابير المناسبة؛ للتخفيف من الأزمة الإنسانية هناك .
وقال “شاهين”: “هناك شعور بالحاجة الملحة لإصدار تشريع للمساعدة في إنهاء الحرب الأهلية في اليمن.. ما يهمني هو تمرير تشريع يمكن أن يصمد أمام التدقيق القانوني، ويبقى مؤثرًا على العمليات العسكرية السعودية لإنقاذ الأرواح البريئة “.
واحتجت مجموعة “كود بينك”، المناهضة للحرب خارج مكتب “شاهين” بعد أن زعمت مادة صحفية نشرتها صحيفة “هاف بوست”، أن مشروع (يونج- شاهين)، يعطي الضوء الأخضر لاستمرار عمليات الإمارات والسعودية لعدة أشهر”، ولكن أنصار هذا الداعمين لقرار (شاهين- يونج) يزعمون أنه من المرجح أن يمر بسهولة، وبالتالي أكثر احتمالا لتحقيق النتيجة المرجوة، أي الضغط على السعودية.
ولطالما دفع “يونج” إدارة “ترامب” لاستخدام نفوذها مع المملكة لتحسين الوضع الإنساني في اليمن، كما نجح في وقف ترشيح المسشار القانوني، لوزارة الخارجية الأمريكية “جنيفر نيوستيد” إلى أن قامت الإدارة بتأمين تسليم الرافعات إلى أكبر ميناء في اليمن، والتي كانت في حاجة شديدة إلى هذا الأمر لتفريغ الطعام والدواء للسكان الجائعين والمرضي.
وقال “يونج لي”، إن الحل الدائم الوحيد للأزمة الإنسانية هو إنهاء الحرب الأهلية، مع الإقرار الكامل بأنشطة إيران الطائشة وغير المقبولة في اليمن، ويجب أن نواصل الضغط على السعوديين للقيام بكل ما في وسعهم لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن”.
واجتمعت مجموعة صغيرة من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ أواخر الأسبوع الماضي لمناقشة الطريق الذي يمكن أن يسلكوه، كما ينظم زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ “ميتش ماكونيل” إحاطة سرية لجميع أعضاء مجلس الشيوخ بعد ظهر اليوم الأربعاء بشأن اليمن، وقد تعقد لجنة العلاقات الخارجية اجتماع عمل الأربعاء، حيث يمكن لمشروع قانون “شاهين – يونج” التأشير عليه.
ويصل ولي العهد إلى واشنطن في 19 مارس، وفي اجتماعاته بالكابيتول هيل، من المؤكد أن يسمع عن اليمن، فضلا عن الانتقادات الموجهة إلى عمليات القمع التي ارتكبها بحق كبار المسؤولين السعوديين ورجال الأعمال.
ويطلق ولي العهد بصفة عامة على عملية القمع تلك “حملة مكافحة الفساد”، لكن النقاد يطلقون عليها حملة مكافحة الفساد والاستيلاء على ملايين الدولارت خارج نطاق القانون .
ويوم الأحد الماضي، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن العديد من المسؤولين السعوديين ورجال الأعمال الذين كانوا معتقلين في فندق الريتز كارلتون، على خلفية حملة مكافحة الفساد، تعرضوا للإكراه والإيذاء الجسدي، وتم نقل 17 شخصا منهم إلى المستشفى، فيما توفي اللواء علي القحطاني متأثرا بإصابته بكسر في الرقبة نتيجة التعذيب فيما نفت الحكومة السعودية هذه الاتهامات .
وبغض النظر عما سيحدث من تشريعات، سيكون من الحكمة لولي العهد أن يأتي إلى واشنطن بتفسيرات واضحة حول كيفية اعتزام المملكة تجنب قتل المدنيين اليمنيين، وتخفيف الكارثة الإنسانية هناك، وإذا لم يفعل، فإن دعم الولايات المتحدة لحملاته العسكرية سينهار .
اضف تعليقا