ترجمة – إبراهيم سمعان

القادة السعوديون المعتمدون على النفط – حيث تمتلك البلاد 20% من احتياطي النفط العالمي – يلقون بثقلهم على الساحة الدولية، فالمملكة -حليفة الولايات المتحدة الأمريكية- تعمل على نشر عقيدتها، ولديها صراعات على أكثر من جبهة: إيران، قطر، غزة، اليمن، أما نفوذها المتنامي في إفريقيا فمثير للقلق.
تحت هذه الكلمات سلطت صحيفة “جون أفريك” الفرنسية على الدور السلبي الذي تلعبه السعودية في القارة السمراء، مشيرة إلى إن الكتلة الهائلة من الدولارات التي يمتلكها زعماء هذا البلد لها تأثير على العديد من البلدان حول العالم.

وأشارت إلى أنه من الواجب التحذير من الدور الضار الذي يلعبه القادة الحاليون لهذا البلد، الذين يجلسون على أكبر احتياطي هيدروكربوني في العالم.

في البداية، ذكرت الصحيفة بعض الأرقام عن السعودية قائلة: الناتج المحلي الإجمالي للمملكة هو الأكبر في الشرق الأوسط، حيث بلغ نحو 670 مليار دولار عام 2015، وعدد السكان يبلغ 30 مليون نسمة، ثلثهم من الأجانب و75 ٪ منهم تحت سن الثلاثين، هناك عدد قليل من السعوديين النشطين، معظمهم يعملون في المصالح والشركات الحكومية، أو بشكل أدق، يتظاهرون بالعمل.

وأوضحت أنها تملك 20٪ من الاحتياطي العالمي للنفط، وتصدر أكثر من 10 ملايين برميل في اليوم، ما يمثل 90٪ من عائدات التصدير و 8٪ من ميزانية الدولة، هذه الميزانية البالغة 190 مليار دولار، والتي سجلت على مدار سنتين أو ثلاث، عجزا بنسبة 15 ٪، وهي نسبة عالية جدا.

كما أن النفقات العسكرية للسعودية هي الأعلى في العالم كنسبة مئوية من الميزانية حيث تصل للثلث– تكتب جون أفريك- ويقدر عدد “الأمراء” و”الأميرات” بـ 20000، منها 5000 يطلق عليهم “الدم الملكي”، أحفاد الملك سعود الذين لهم مكانتهم داخل العائلة الحاكمة.
واستنادًا إلى عقيدتها اخترعت السعودية ما يسمى “الإسلام السياسي” ونشرته في الدول الإسلامية، وهو غير ديمقراطي، وكاره للنساء، ومتحفظ للغاية، كما قامت بتمويل ومساعدة الإسلاميين الذين ينتمون إلى عقيدتها، وحاربت الآخرين، مثل جماعة الإخوان المسلمين في مصر (التي تأسست عام 1928)، ما أدى إلى إثارة الفتنة داخل الإسلاميين، تقول الصحيفة.

وأضافت: “واليوم، دخلت في صراع مع إيران (الشيعية) وقطر، وجماعة الإخوان المسلمين من تونس إلى غزة،…ألخ، وفي نفس الوقت، قادت ائتلافا يشن حربا عمياء وقاتلت في اليمن منذ ثلاث سنوات، وتحالفا ثانيا بقيادتها أيضا تعهد بتدمير استقلال قطر”.

ولفتت إلى أنه في سوريا، تغذي السعودية “النار الجهادية”، وفي العراق تخطط لدعم الأقلية السنية- يتامى صدام حسين- ضد الأغلبية الشيعية، التي تتولى منذ خمسة عشر عامًا السلطة؛ أما في لبنان، فتناور لزعزعة استقرار البلاد.

وبينت جون أفريك أنه تحت التأثير “السيئ” للولايات المتحدة”، التي تحميه، قَبِل النظام السعودي، بوضوح ولمدة نصف قرن، امتلاك إسرائيل للسلاح النووي، لكنه استيقظ عام 2018 وطالب بالحصول على السلاح نفسه، هل من أجل مواجهة إسرائيل؟ لا، بل في تحالف سري مع الدولة الصهيونية، لمنع إيران من امتلاك هذا السلاح!.

وتابعت بدون تنبؤ أو قصد دفعت السعودية وحليفتها الولايات المتحدة أسامة بن لادن إلى الانشقاق، هاجر من الجزيرة العربية إلى السودان ثم أفغانستان، وأنشأ تنظيم “القاعدة”، في الحادي عشر من سبتمبر 2001، خطط ضد نيويورك وواشنطن أكبر عمل إرهابي في التاريخ.

وأكدت الصحيفة الفرنسية أنه منذ ذلك اليوم، نعاني من الآثار الكارثية “للحرب العالمية على الإرهاب” التي أعلن عنها جورج دبليو بوش الرئيس الأمريكي آنذاك ، في 12 سبتمبر 2001.

وتساءلت “جون أفريك” النظام السعودي لا يتحمل المسؤولية المباشرة عن الإرهاب، لكن من دون المبدأ الذي يستند إليه، ودون تمويله، هل كان سيوجد هذا الإرهاب؟ هل كان سيأخذ هذا البعد الذي هو عليه الآن؟ هل كانت ستظل هذه الكارثة مستمرة بعد مرور سبعة عشر عاماً على 11 سبتمبر 2001؟

ورأت أن السعودية اليوم هي التهديد الرئيسي للسلام في الشرق الأوسط والعالم، فمنذ ثلاث سنوات، أصبح الملك سلمان حاكما بالاسم فقط، بعد أن فوض سلطاته لابنه محمد بن سلمان، هذا الشاب عديم الخبرة المتهور.

وأوضحت أنه مع جيش مجهّز وقيادة سيئة، واحتياطي بمئات الملايين من الدولارات، ودعم متهور للرئيس الحالي للولايات المتحدة، هذا التركيز للقوة والمال في يد رئيس دولة غير مدرب، أمر مخيف.
ولفتت الصحيفة إلى أنه لم يمتلك أي دكتاتور آخر في الحقبة الأخيرة الكثير من الموارد كهذه بدون أي خبرة، في قلب منطقة تعد برميل بارود حقيقي، وبالتالي، فإن الشرق الأوسط والعالم هما تحت رحمة قرار جديد أحمق من قبل ديكتاتور شاب يتمتع بقوة مفرطة وغير محدودة من خلال الوسائل المالية المتاحة له.

وخلصت “جون أفريك” في نهاية تقريرها إلى أننا نحتاج معجزة لحمايتنا من جنون فيل داخل متجر خزف، إنه محمد بن سلمان.