ترجمة – إبراهيم سمعان

رأى الكاتب بمعهد بروكينجز “بروس ريدل”، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يأتي إلى واشنطن متوقعا دعما كاملا من إدارة الرئيس دونالد ترامب لسياساته الخارجية المتشددة، لكن ما لا يتم الإعلان عنه، هي المخاوف السعودية بشأن الفضائح والفوضى التي تحيط بالإدارة الأمريكية الحالية وعواقبها المحتملة .

وأشار الكاتب في مقال له بموقع “المونيتور” إلى أن المعارضة لدعم الولايات المتحدة للحرب في اليمن تزداد قوة في مجلس الشيوخ، وحتى البيت الأبيض حذر الرياض بأن تخفف الحصار على اليمن.

وإلى نص المقال:

عندما يأتي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن سيكون مدعوما بزيارتين ناجحتين؛ الأولى في القاهرة، والثانية في لندن .

وتتوقع الرياض التي لا تزال ملتزمة بسياستها الخارجية المتشددة، الدعم الكامل من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكن الأمر الذي لم يتم الإعلان عنه، هو أن السعودية تشعر بمخاوف بشأن الفضائح والفوضى التي تحيط بالإدارة الأمريكية الحالية وعواقبها المحتملة.

ويسعى ولي العهد السعودي، بحرص لتأمين الدعم الدولي لخططه المتشددة تجاه ايران وقطر، وحربه المستمرة منذ 3 سنوات في اليمن .

ومنذ تولي ولي العهد مقاليد الأمور، قطع السعوديون العلاقات مع كل من طهران والدوحة، وألمح ولي العهد إلى أن السعوديين يريدون تغيير النظام في كلا البلدين .

لكن الأمير محمد، أقال مؤخرا كبار قادة الجيش السعودي، وفصل رؤساء الأركان المشتركة، هذا الشهر دون سابق إنذار، حيث كان ولي العهد الذي يعد العقل المدبر للحرب اليمنية، محبطا من أنه بالرغم من ميزانية الدفاع الهائلة، فإن أداء القوات المسلحة السعودية في اليمن كان غير مؤثر في أحسن الأحوال .

ورغم النجاحات المحلية في بعض الأحيان، فإن الحرب في اليمن أصبحت مستنقعا مكلفا لا نهاية له، والجيش السعودي بالكاد عبر الحدود، فيما لا يزال إطلاق الصواريخ مستمرًّا من قبل المتمردين الحوثيين على أهداف سعودية رغم الضربات الجوية المكثفة .

ويبدو أن السعوديين عازمون على الاستمرار في محاولة التوصل إلى حل عسكري، ويقول محمد بن سلمان أن جنرلاته الجدد أكثر إيمانا وكفاءة على ما يبدو.

وفي القاهرة، حظيت أجندة ولي العهد الإقليمية بدعم كامل من النظام المصري، ووضعوا اللمسات الأخيرة على الإجراءات القانونية لوضع جزيرتين في مضيق تيران تحت السيطرة السعودية.

ورغم أن نقل الأراضي لا يحظى بشعبية كبيرة في مصر، لكن هذا كان مقابل الدعم السعودي المالي، كما يدعم المصريون الحرب على اليمن لكنهم استبعدوا إرسال قوات للقتال هناك .

ويعرف المصيرون من تجربة مريرة حماقة محاولة التغلب على القبائل الزيدية في اليمن .

وفي لندن حظيت الحرب في اليمن والتي تدعمها بريطانية، باحتجاجات شديدة من قبل المعارضة العمالية وقطاعات كبيرة من الرأي العام .

وقد اتهم محمد بن سلمان بتعمد تجويع الشعب اليمني، والتورط في جرائم حرب، ولكن سلطت الزيارة الضوء على الإعلان عن اتفاقية تمهيدية لشراء 48 مقاتلة من طراز تايفون للقوات الجوية الملكية السعودية.

وإذا اكتملت الصفقة، فستكون تلك صفقة أسلحة هي الأكبر منذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، فيما روج الإعلام السعودي الذي تسيطر عليه الحكومة، للأمير باعتباره المنتصر في معركة لندن على ناقديه البريطانيين .

بالرجوع للعلاقات السعودية مع فريق “ترامب”، نجدها هي الأقرب من أي رئيس سابق، منذ ولاية جورج بوش الابن، وفترة تحرير الكويت، فقد أشادت واشنطن بصعود ولي العهد، وأيدت خطة 2030 الرامية لتحديث المملكة، وقرار السماح بالقيادة يحظى بدعم كبير.

سياسات أخرى كانت أكثر إثارة للجدل، وهي حملته لمكافحة الفساد في نوفمبر الماضي، والتي حظيت بتأييد من الرئيس الأمريكي، لكن وسائل الإعلام الغربية انتقدتها واعتبرتها عملية خرقاء ذات شرعية ضئيلة .

ومن المحتمل أن تؤدي القضية برمتها إلى المزيد من البوح أو الإفشاء، فقد لاحظ نشطاء حقوق الإنسان أن عمليات الإعدام، قد تضاعفت في المملكة منذ أن أصبح محمد بن سلمان وليًّا للعهد .

ويعد طرح أرامكو للاستثمار الأجنبي الذي هو محور رؤية 2030، وقد تم تأجيله حتى عام 2019 .

مجلس الشيوخ

وقد أفادت “المونيتور” أن معارضة الدعم الأمريكي للحرب في اليمن تقوي في مجلس الشيوخ، وأن الديمقراطيين الذين كانوا مترددين في انتقاد الموقف الأمريكي، عندما كان أوباما في المنصب، أصبحوا الآن أقل تقييدا، وأكثر انتباها وملاحظة للكوارث الإنسانية التي خلفتها الحرب في اليمن .

ونجحت السعودية في منع التغطية الإعلامية للحرب في اليمن، لكن حتى البيت الأبيض حذر الرياض بضرورة تخفيف الحصار .

مستقبل “ترامب”

وراء كواليس الاجتماعات واللقاء والبيانات الرسمية، سيحاول السعوديون تقييم مستقبل فريق “ترامب”، لاسيما وأن تخفيض مستوى التصريح الأمني لجاريد كوشنر، مستشار الرئيس دونالد ترامب، ومنعه من الوصول للمعلومات المصنفة سرية والأكثر حساسية، والخطر القانوني المتزايد الذي يحيط بمستقبله، أصبح يهدد المتحدث (كوشنر) الأكثر قيمة للأمير .

لقد بنيت الإستراتيجية السعودية تجاه أمريكا بشكل أساسي، على العلاقة مع عائلة “ترامب” وأفراد جماعات الضغط باهظة التكاليف، وضرب إيران، ولدى الأمير محمد خبرة قليلة بتعقيدات السياسة الأمريكية، التي هي أكثر تعقيدا الآن من أي وقت مضى، لتقييم الأوضاع الحالية .