العدسة – معتز أشرف

إدانات جديدة تلاحق الديكتاتور محمد بن زايد في ليبيا، بعد تسهيل الإمارات أموالا مجمدة لصالح اللواء المتقاعد خليفة حفتر؛ لتواصل أبو ظبي جرائمها في بلاد عمر المختار التي لم تر من بلاد الأبراج الشاهقة إلا حجب الحياة والقمع وسرقة النفط والتلاعب بسيادتها وعرقلة أي محاولات للمصالحة الوطنية، وهو ما يلقي بظلاله علي المشهد، خاصة مع اقتراب تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا، بالتزامن مع تطورات ميدانية سلبية شهدها الجنوب الليبي في الآونة الأخيرة.

إدانة جديدة!

وفي شهادة جديدة  بالإدانة، وبعد أيام من الكشف عن اختفاء عشرة مليارات يورو من أموال نظام الزعيم الليبي السابق معمّر القذافي المجمدة في بلجيكا، كشف محمد أمعزب النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة بليبيا عن قيام الإمارات باستنزاف الأموال الليبية المجمدة في بنوكها في دعم قوات الجنرال خليفة حفتر المكلف بتنفيذ مشروع أبو ظبي في ليبيا.

وقال أمعزب لقناة “الجزيرة”: إن لديه معلومات شبه مؤكدة تتحدث عن تصرف أبوظبي في الأموال الليبية المجمدة في بنوك الإمارات للإنفاق على العمليات العسكرية لقوات حفتر، مشيرا إلى أن هذه الأموال يتم إنفاقها أيضا في تمويل قاعدة “الخادم” الإماراتية الجوية شرق مدينة بنغازي، فيما طالب أبوظبي بالكشف عن مصادر تمويل العمليات والإمدادات العسكرية لقوات حفتر، مشككا بالنفي الإماراتي المتكرر حول التصرف بالأرصدة الليبية المجمدة لديها.

عبد الحميد الجدي، عضو لجنة ملاحقة الأموال المنهوبة في المؤتمر الوطني سابقا، تحدث في وقت سابق عن 90 مليار دولار تم تهريبها عن طريق 200 شخص من كبار مسؤولي النظام السابق إلى عدة دول في العالم، مشيرا إلى أن أكثر من نصفها (50 مليار دولار) موجودة حاليا في بنوك إماراتية.

دور مدمر !

منذ انتصار ثورة 17 فبراير في ليبيا، وباتت الإمارات بحسب المراقبين ملاذًا لقيادات نظام القذافي وداعمي الثورة المضادة في هذا البلد العربي الذي يعيش على وقع الحرب وانتشار السلاح، تسعى من خلال دعم اللواء خلفية حفتر إلى تدمير ليبيا وتحويلها إلى منطقة صراع دائم وتفكيك نسيجها الاجتماعي، وأصبح دعم حفتر بالنسبة للإماراتيين مصلحة حيوية، إذ لم توفر أي شكل من أشكال الدعم، سياسيا وعسكريا وماديا، إلا وقدمته له. وتعد ليبيا واحدة من أبرز الدول التي تتدخل فيها الإمارات عسكريًا، حيث قامت في أواخر العام 2014، بتوجيه ضربات جوية، انطلاقًا من مصر، ضد الثوار في طرابلس.

وفي مايو الماضي، أوردت مجلة “Time” الأمريكية تقريرا عن قيام الإمارات بنشر طائرات حربية أمريكية الصنع في قاعدة تسيطر عليها قوات خليفة حفتر في شرق ليبيا. وذكرت المجلة الأمريكية أن صورا لأقمار اصطناعية، أظهرت ست طائرات ثابتة الأجنحة على الأقل من صنع أمريكي، وطائرتين صينيتين من دون طيار على أرضية قاعدة “الكاظم” في شرق ليبيا.

وكانت وسائل إعلام ليبية أكدت وجود ضباط وخبراء عسكريين إماراتيين يديرون غرفة عمليات عسكرية في قاعدة الخروبة الجوية التي تقع جنوب بلدة المرج “شرق بنغازي”، ويُشرفون منها على القصف الجوي الذي يستهدف مواقع مقاتلي مجلس شورى ثوار بنغازي منذ أكثر من ثلاثة أعوام، فيما اعترف رئيس النواب المنعقد في مدينة طبرق، شرقي ليبيا، “عقيلة صالح“، بشكل علني بالدعم العسكري الذي قدمته الإمارات إلى قوات  اللواء المتقاعد خليفة  حفتر.

جرائم حرب !

منظمات حقوقية محلية بليبيا أكدت تورط الإمارات في ارتكاب جرائم حرب داخل الأراضي الليبية؛ مما أسفر عن مقتل مئات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، وقالت منظمات مدنية ليبية خلال مؤتمر في جنيف إن الإمارات ارتكبت هذه الجرائم عبر عمليات القصف التي نفذتها في ليبيا، سواء بصفة مباشرة أو عبر دعمها قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وعرضت شهادات على عمليات القتل والتجويع والتشريد التي تعرض لها الشعب الليبي خلال حصار قوات حفتر منطقتي درنة وقنفودة.

وقدمت الإمارات طوال السنوات المنصرمة، وما تزال، مختلف التعزيزات العسكرية للجماعات المسلحة المرتبطة بخليفة حفتر من بينها المروحيات الحربية والأسلحة الثقيلة، في انتهاك صارخ للحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على توريد السلاح إلى ليبيا، وهو ما دفع فريق خبراء الأمم المتحدة في ليبيا، الذي أنشئ بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 (2011)، إلى إصدار تقريره في عام 2016 بإدانة الإمارات، مؤكدا أنها انتهكت حظر السلاح المفروض على ليبيا منذ 2011، عن طريق نقل الأسلحة أو الذخائر أو الطائرات أو المركبات المدرعة إلى أطراف النزاع.

المتاجرة بالبشر !

تقارير متواترة كشفت تورط الإمارات في عمليات تهريب البشر، بليبيا، والاستفادة من عائداتها، وبحسب موقع “العربي الجديد”، فإن دلائل تشير إلى تورط الإمارات في دعم وتمويل تجارة البشر التي تشمل المهاجرين الأفارقة المارين في ليبيا، وهو ما دشن فعاليات مناهضة للإمارات في الفترة الأخيرة في عدد من العواصم الغربية، فيما نقل الموقع على لسان مسؤول رفيع المستوى بجهاز الهجرة غير الشرعية في ليبيا، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية المعلومات التي أدلى بها، فإن “الإمارات ليست السلطات الوحيدة المتورطة في هذه التجارة، فهناك دول أخرى، لكن الأهداف تختلف، فمنها الحصول على العمالة الرخيصة عبر تسهيل وصول المهاجرين إلى دول أوروبية، ومنها سياسية كتمويل الإمارات وغيرها لهذه الأنشطة”.

تقويض المصالحة!

وبالتزامن مع جرائم الحرب والمتاجرة بالبشر، يواصل الديكتاتور محمد بن زايد العبث بأي محاولة للمصالحة والاستقرار في ليبيا، وهو ما رصدته سرايا الدفاع عن بنغازي مبكرا حيث قالت: “إن حقيقة الدور الإماراتي في ليبيا هو عرقلة جميع مساعي المصالحة الوطنية، وإذكاء نار الحرب بين أبنائها، وانتهاك سيادتها الوطنية، وأضافت السرايا في بيان لها، ردًا على تصنيف الدول الأربع السعودية والإمارات والبحرين ومصر لها ضمن قائمة الإرهاب، أن الإمارات تسعى لبسط نفوذها على إقليم برقة شرقي ليبيا، لما له من موقع إستراتيجي ومستقبل اقتصادي، فيما وصفت السرايا تصنيفها كمنظمة إرهابية بأنه جائر وهدفُه التضييق السياسي على كل من يُشكّل خطرًا على تحقيق الهيمنة الإماراتية.

وفي السياق ذاته قال المجلس الأعلى للدولة في ليبيا: إن مصر والإمارات لا تزالان مصرّين على تأجيج الصراع وتعميق الخلاف بين الليبيين، واتهم كلا من القاهرة وأبو ظبي بأنهما ضربتا بعرض الحائط كل القرارات الدولية المتعلقة بحظر دخول الأسلحة والمعدات والطائرات الحربية، إضافة لتعاملهما مع الأجسام الموازية للمجلس الرئاسي، وهو ما يتنافى مع التزاماتهما المعلنة بدعم الاتفاق السياسي والاعتراف بالمجلس الرئاسي كجسم تنفيذي شرعي وحيد في ليبيا.

نهب النفط !

الأطماع النفطية والاستثمارية بليبيا تقف وراء تدخل الإمارات أيضا في ليبيا، وبحسب مراقبين، فإن الإماراتيين يحاولون وضع أقدام في ليبيا النفط بعدما أصبحت ليبيا مستباحة، وبحسب مجلة “إنتليجانس أونلاين”، وهي مجلة مهنية تغطي أجهزة الاستخبارات في العالم، أن طائرات هجومية من طراز إير تراكتور أقلعت من قاعدة الخادم في ليبيا، حيث تقل عسكريين يعملون لدى إريك برينس، مؤسس شركة بلاك ووتر، تقوم بتأمين مواقع النفط الليبية التي استولى عليها خليفة حفتر العام الماضي لصالح شركات إماراتية وإسرائيلية،، ولم تستبعد التقارير أن تكون إسرائيل قد حصلت على حصة ثابتة من النفط الليبي تُنقل إليها عبر الحدود المصرية، بجانب أن الموانئ الأربع النفطية وهي: الزويتينة، والبريقة، ورأس لانوف، والسدرة بين مدينتي “بنغازي وسرت” كانت في صدارة اهتمام الإمارات وحفتر، حيث يُشكل الإنتاج النفطي لهذه الموانئ، نحو 60% من صادرات ليبيا إلى الخارج.

خيارات الديكتاتور !

الديكتاتور محمد بن زايد حدد خياراته مبكرا وفق تقارير متواترة حين أكد أن دور اللواء المتقاعد خليفة حفتر لن يتعدى القضاء على تيارات الإسلام السياسي في ليبيا، فيما يلعب علي تصدير نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية علي القطراني، والتواصل معه باعتباره الواجهة السياسية بجانب دعم رئيس حزب تحالف القوى الوطنية محمود جبريل، وسفير ليبيا بالإمارات عارف النايض كبدائل سياسية وليست عسكرية، وشغل مناصب عليا في مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني، أو تولي رئاستها، وهو ما يتسق مع ما قاله وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد عن أن حكومة بلاده لن تدعم مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، طالما أن به ممثلين لتيار الإسلام السياسي، والذي تصنفه أبو ظبي كمجموعات إرهابية يأتي هذا بالتزامن مع ظهور اسم “عقيلة صالح” الموالي للإمارات ضمن الأسماء المرشحة لرئاسة المجلس الرئاسي، وهو ما يلقي بظلاله علي المشهد في الفترة المقبلة، وفق مراقبين.