العدسة – معتز أشرف

في واشنطن تجري الاستعدادات السعودية على قدم وساق لزيارة سلمان الابن في 20 مارس الحالي، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مع استمرار توالي إخفاقات اللوبي السعودي في واشنطن بقيادة الكاتب سلمان الأنصاري، الذي يرى مراقبون أنه أضر بالسعودية وديكتاتورها الشاب بقدر يفوق ما يذكر عن إنجازاتهم في سياق السخرية، وهو الأمر المستمر قبيل الزيارة السلمانية للبيت الأبيض في لقاء جديد مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد يجد فيه الأمير الطائش نفسه مضطرا للإطاحة برأس اللوبي السعودي الفاشل، أو هكذا يقول البعض.

مدفوعة الثمن!

إنها زيارة مدفوعة الثمن، بحسب موقعذا أمريكان كونسرفاتيفالأمريكي البحثي الذي كشف عن أن اللوبي السعودي في أمريكا بدأ تكثيف نشاطه من أجل تمهيد الطريق أمام زيارة ولي العهد محمد بن سلمان المرتقبة إلى واشنطن، لاستقباله من قبل بعض وسائل الإعلام بطريقة احتفائية.

وسخر الموقع من الطريقة التي يتوقع أن تستقبل بها المؤسسات الأمريكية ابن سلمان”، وقال: “سيسير بقدميه على السجادة الحمراء التي طرحها البيت الأبيض والكونجرس ومؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن”، متسائلا: ولمَ لا؟”، ويجيب “لقد دفع ابن سلمان ثمن تلك السجادة بالفعل”، وذلك في إشارة إلى الصفقات التي عقدتها الإدارة الأمريكية مع السعودية في مايو الماضي خلال زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى المملكة التي بلغت قيمتها ما يقارب 400 مليار دولار، مضيفا أنه “لا يوجد زعيم في العالم على قيد الحياة أنفق مليارات الدولارات في واشنطن على شركات وجماعات الضغط، ومراكز الأبحاث، مثلما فعل ابن سلمان “.

فيما لفت الموقع الأمريكي الانتباه إلى أنه “رغم كل الجرائم تجد اللوبي السعودي يتحدث عن افتتاح صالات رياضية جديدة للنساء، وحضور النساء مباريات كرة القدم للتشجيع في المدرجات”، وغيرها، ويهملون في الوقت نفسه القمع الداخلي والحرب على اليمن، وهو الأمر الذي يستحق السخرية!.

اللوبي الفاشل !

وكان تمرير قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» والمعروف اختصارا باسم «جاستا» ضربة قاصمة موجهة إلى اللوبي السعودي، حيث طرح بحسب مراقبين تساؤلات مهمة منها: كيف جرى ذلك؟ هل للسعودية لوبي فى واشنطن؟ لماذا فوجئت السعودية الرسمية وغير الرسمية بهذا القرار الخطير؟ ففي ظل قيام عدة شركات أمريكية محترفة تقوم بمهام اللوبي التقليدية ومهام العلاقات العامة والاستشارات القانونية والسياسية والإعلامية لصالح السعودية ومنها شركات «سكوير باتون بوجز»، و«بوديستا جروب» وكثيرون غيرهم كما تشير بيانات وحدة قانون تسجيل العملاء الأجانب بوزارة العدل الأمريكية، إضافة لذلك هناك عدد كبير من الدبلوماسيين والرسميين الأمريكيين السابقين من كبار السن ممن يعتادون الظهور فى حفلات استقبال السفارات الخليجية بواشنطن، تستعين الرياض بخدمات الكثيرين منهم بطرق مباشرة أو غير مباشرة..

كذلك تمول السعودية عدة برامج بحثية فى عدد من مراكز الأبحاث فى العاصمة واشنطن، إضافة إلى لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية (سابراك)، يمكن القول بحسب المراقبين إن السعودية ليس لديها لوبي حقيقى فى واشنطن إذا نظرنا بحيادية للعائد من وراء هذه التعاقدات مع شركات اللوبي، ومن العلاقات الخاصة التي تجمع الرياض ببعض دوائر واشنطن، خاصة أن عائد اللوبي يقاس فى واشنطن ليس بالأهداف سهلة التحقيق، بل بمعيار تعظيم الفائدة (كما يحدث مع اللوبي الإسرائيلى)، أو بمعيار منع المخاطر أو منع اتخاذ مواقف معينة وفي ضوء المقارنة يكون اللوبي السعودى قد فشل بجدارة.

نقطة الضعف!

لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية (سابراك) يتولها حاليا سلمان الأنصاري، وهو أهم نقطة ضعف في اللوبي السعودي في واشنطن، وتلاحقه اتهامات الفشل والتصهين، فالحديث متواصل عن شكوك في وجود تعاون بين اللوبي السعودي واللوبي الصهيوني في واشنطن، وهو ما ظهر في تحركات اللوبي لتعزيز الحصار علي دولة قطر التي لم تحقق أي نتائج تذكر، وبحسب تقارير متواترة فإن ممول حملة تشويه قطر هو رئيس اللوبي السعودي ومؤسسه في أمريكا سلمان الأنصاري، وأخذ بنفس إجراءات اللوبي الإسرائيلي في واشنطن”، ونقل تقرير لقناة “الجزيرة” على موقعها الإلكتروني أن اللوبي السعودي في الولايات المتحدة أطلق حملة إعلانية تلفزيونية مدفوعة ضد قطر، تكلفت مبلغ 138 ألف دولار مقابل 7 مقاطع إعلانية مدتها ثلاثون ثانية في القنوات.

وفي السياق ذاته برز الأنصاري كبوق للتطبيع السعودي الصهيوني في محاولة لإرضاء اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، حيث كتب عدة مقالات داعمة لإسرائيل بموقع CNN، منها مقال بعنوان “إسرائيل لم تتعرض لأمن السعودية على مدار 70 عاما”، ذكر فيه أن هناك المئات من اليهود الذين يعملون في المملكة بقطاعات الاستثمار والطاقة، وأن إسرائيل جزء أساسي من رؤية المملكة 2030، وأمنها من أمن السعودية، كما دعا بحسب موقع “تايمز أوف إسرائيل” إلى “تحالف تعاوني” بين الرياض وتل أبيب، بالاستناد إلى “مصالح إقليمية واقتصادية مشتركة، زاعما أنه بإمكان إسرائيل والسعودية أن يشكلا “العمودين التوأمين الجديدين للاستقرار في المنطقة”!.

عقدة إيران، أحد نقاط الهاجس المسيطر علي الأنصاري في أمريكا، فبينما يتحدث العالم عن السقوط المدوي للوبي السعودي في أمريكا مع صدور قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب” المعروف باسم “جاستا”، كان يتحدث بحماسة بالغة إلى السعوديين قائلا: “معلومة مهمة جداً بخصوص قانون جاستا وستصدم البعض، أكبر المتضررين على الإطلاق من هذا القانون ليست السعودية بل إيران”!، كما استغل لقاء “ترامب بابن سلمان” الأول في 2017 للحديث عن اتفاقات تقليم أظفار إيران وهو ما لم يحدث.

الكذب عملة الأنصاري الرابحة، ويعرف عند المراقبين بالكذب في كثير من القضايا، ومنها ما نشره عن قتل مواطن قطري في قطر بسبب الغضب من وجود قوات تركية في الدوحة إلا أن صورة الرجل المقتول هي لمواطن سوداني ويعود تاريخ نشر الخبر والصورة قبل سنوات من الآن، وبسبب الإخفاق المتواصل راجت أنباء عن الإطاحة به في وقت سابق من منصبه لفشله ونقله إلى إسبانيا.

شهادة رسوب!

موقع وكالةبلومبيرج قدم في أواخر العام الماضي شهادة رسوب اللوبي السعودي في الولايات المتحدة الامريكية، مؤكدا أن العلاقات الأمريكية— السعودية سائرة إلى أجواء من التوتر واتخاذ واشنطن مواقف أكثر تشددا تجاه الرياض؛ على خلفية رفض واشنطن للسياسات التى تتبعها الرياض فى ملفات استراتيجية بالمنطقة وعلى رأسها أزمة الخليج التى تشارك بسببها السعودية في حصار قطر؛ وتداعيات الحرب على اليمن التي يشنها التحالف الذي تقوده السعودية، فضلا عن الأزمة مع لبنان والتدخلات السعودية.

وكشف الموقع عن سلسلة التوبيخات التي وجهتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية الأسبوع الماضي تعكس أن واشنطن بدأت تتخذ موقفا أقوى ضد الرياض عقب إرسالها رسائل متناقضة في الشهور المنصرمة، موضحة أن هناك خلف نغمة واشنطن الجديدة شعورا متزايدا بالحذر داخل خارجيتها من القيادة السعودية الشابة التي يراها تيلرسون والكثير من الدبلوماسيين الأمريكيين تفتقر للخبرة المطلوبة، فيما أضافت بلومبيرج أن تحذيرات تيلرسون مما تقوم به الرياض تزايدت بعد أن بدأ يشك في أن ولي العهد ومستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر يتكتمان على تفاصيل تتعلق بخطة سلام للشرق الأوسط تعتقد الخارجية الأمريكية أن لها عواقب كارثية.

وبحسب شبكةسي إن بي سيالأمريكية فإن الفترة الماضية لم ينجح فيها اللوبي السعودي في تمرير حملة سلمان الابن لإخضاع الأمراء، وقالت: “إن التحدي الأكبر الذي يواجهه الأمير السعودي، خلال زيارته إلى الولايات المتحدة يتمثل في مساعي المملكة الحثيثة لتخفيف مخاوف المستثمرين، إثر حملة مكافحة الفساد الأخيرة، وشرح طبيعة وأسباب احتجاز العشرات من الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال، وهي الحملة التي كانت غير متوقعة من قبل المستثمرين بعد أيام قليلة من قيام صندوق الثروة السيادية السعودي، باستضافة قمة استثمارية كبرى في الرياض”.