العدسة – ربى الطاهر
حققت الحملات التي شنتها الأمم المتحدة ضد زواج القاصرات تقدمًا فى تراجع تلك الأعداد؛ حيث أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” أن زواج القاصرات قد تراجع على مستوى العالم بنسبة لا تقل عن 15% في العقد الأخير، وعلى الرغم من تراجع عدد حالات هذا الزواج فإن النسبة مازالت مرتفعة إذ مازال هناك 12 مليون قاصرة تتزوج قسرا حول العالم.
وأوضح التقرير الذي أصدرته “اليونيسيف” أنه قد تم التمكن خلال العشر سنوات الماضية من الحيلولة دون زواج 25 مليون فتاة لم تتجاوز الـ18 من عمرها حول العالم، وكان أكبر نسبة انخفاض في جنوب آسيا، حيث إن الهند تحتل المرتبة الأولى في ذلك، وأضافت أن هذه النسبة لم تنخفض وما زالت مرتفعة في منطقة جنوب الصحراء.
وأوضحت من خلال البيان الذى نشرته على موقعها الإلكتروني أن الانخفاض الذي شهدته منطقة جنوب شرق آسيا يعود إلى المضي قدما في نوعية تعليم الفتيات وحملات التوعية والنشاطات التى اتبعتها الحكومة الهندية، خاصة لحماية المراهقة حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى الثلث من احتمالات تعرض تلك الفتيات لذلك الزواج المجحف.
وأشارت إلى أن الاعتقاد السائد هو انخفاض النسبة لتكون فتاة واحدة من بين كل خمس زيجات فتاة قاصرة وكانت في السابق النسبة هى فتاة في مقابل 4 قبل عشر سنوات، إلا أن هذه الظاهرة لم تتأثر بالانخفاض، ومازالت تتفاقم في دول جنوب الصحراء في القارة الإفريقية، وأظهرت أرقام المنظمة خلال العام الماضي أنه تم عقد قران 12 مليون فتاة أقل من 18 عاما، وأضافت كذلك أن هناك 650 مليون امرأة متزوجة حول العالم عُقد قرانها عندما كانت طفلة.
ولكن برغم ما أعلنته المنظمة الأممية المعنية بالطفولة، فإنها قد حذرت من عدم الاطمئنان إلى تراجع هذه النسبة واعتبارها خطوة على طريق المزيد من القضاء على تلك الظاهرة، ونوهت إلى أن الاستمرار في إجبار الفتيات اللاتي لم يبلغن الـ 18 من أعمارهن بهذا المعدل الحالي من شأنه أن يرفع معدل زواج القاصرات مره أخرى ليصل إلى 150 مليون فتاة قاصرة حول العالم بحلول عام 2030.
وكانت أنجو مالهوترا، مستشارة اليونيسيف لشئون النوع الاجتماعي، في البيان التى نشرته المنظمة على موقعها قد قالت: إن إجبار الفتيات اللاتى لم يبلغن الـ18 عاما على الزواج له عواقب على المستوى القريب، وعلى الأمد الطويل كذلك فهو يزيد من المخاطر الصحية فقد يتعرضن للمعاناة، وكذلك المضاعفات أثناء فترات الحمل، وكذلك المخاطر التعليمية، حيث إن فرصهن في إتمام دراستهن تتناقص بشكل كبير، وحتى على مستوى التعامل من قبل أزواجهن قد يتعرضن للاستضعاف وسوء المعاملة، وربما الاعتداء كما تزيد من احتمالات توارث الفقر بين الأجيال المتعاقبة.
وقد نوهت مالهوترا إلى أن أعداد وفيات الفتيات اللاتي تترواح أعمارهن ما بين 15 و19 عاما في جميع أنحاء العالم ترتبط في معظمها بحمى النفاس والحمل والولادة، ولهذا فإن الزواج بهذا السن قد يكون من أم العناصر التي ترفع أعداد الوفيات بين الفتيات.
ولا يقتصر الأمر على النجاة من خطر الوفاة في حالة إذا تخطت الفتاة هذه المرحلة بسلام فقد يمتد الخطر كذلك إلى الأطفال الذين قد يواجهون هم أيضا خطر الوفاة أو أن يتعرضوا للأمراض الخطيرة في حالة إن عاشوا، كما أن هذا الزواج قد يحجب الفتاة القاصرة عن التواصل مع الأهل والأصدقاء، وهو ما يؤثر على مستوى النضج العقلي والنفسي لها وتتأثر سلبا عقليا وبدنيا.
كما أضافت أن هذا التراجع الذي سجله مؤخرا زواج القارات، وإن كان طفيفا فهو مرحب به، وذلك نظرا للعواقب التي تترتب على هذا الزواج، ولكن مازال الطريق طويلا في هذا المجال.
وقد ارجع المسؤولون والمحامون هذا التحسن في معدلات زواج الأطفال إلى زيادة فرص حصول الفتيات على التعليم والاستجابة إلى حملات التوعية بمخاطر زواج الأطفال.
وأفادت المنظمة أن تراجع هذه النسب في الهند تحديدًا إلى ما يصل إلى نصف الأعداد السابقة خلال هذا العقد هو ما أظهر هذا الانخفاض في تلك النسبة حتى على المستوى العالمي، ولكن ما حدث بجنوب آسيا امر مختلف فقد انخفضت هذه النسبة قبل عشر سنوات إلى ما يقارب الـ50% أما الآن فقد ارتفعت مرة أخرى ووصلت إلى 30%.
وأضاف خافيير اغيلار، رئيس حماية الطفل باليونيسيف، فيما يخص هذا الأمر، أن الهند تمثل وحدها أكثر من 20 % من أعداد المراهقين في العالم وهو ما يؤدي بالتبعية لأن تكون البؤرة التي تزداد فيها نسبة زواج الأطفال في منطقة جنوب آسيا، لهذه المساحة التى تتمتع بها وكذلك عدد السكان.
أما ما حدث في جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا يشبه ذلك الذي حدث بجنوب آسيا فقد وصلت درجة الانخفاض قبل 10 سنوات إلى 43% أما الآن فقد ارتفعت مرة أخرى لتصل إلى 38 %.
وقد حددت المنظمة الأممية بالتعاون مع الأمم المتحدة للتنمية المستدامة أهدافا وخططا لإنهاء زواج الأطفال بحلول 2030.
زواج الأطفال
وعن الأضرار التي تنتج عن زواج الفتيات القاصرات جاء تقرير اليونيسيف الذي عرف فيه زواج الأطفال بأنه اقتران رسمي أو غير رسمي يتعرض له الفتيان والفتيات على حد سواء، ولكن أثاره تتضح سلبا على الفتيات بشكل أكبر.
وأكد التقرير أن ثلث نساء العالم النامى واللاتى تتراوح أعمارهن ما بين20 و 24 تم تزويجهن قبل أن يتجاوزن الـ 18 عاما ولعل أكثر المناطق التى يتنشر بها زواج القاصرات هى جنوب آسيا وإفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، ولكن الأمر يختلف في درجة انتشاره بين البلدان التي تحتويها تلك المناطق، وقد جاءت البيانات التى ترصد هذه الظاهرة أن متوسط عمر الزواج في 47 بلدا قد ارتفع بشكل تدريجي، وربما انعكس هذا التغيير من خلال الأسر ذات الدخل الأعلى التى رفضت تزويج فتياتهن بهذا السن، وبرغم هذا فلا تزال عجلة التغيير بطيئة، فقد كانت النسبة لدى النساء اللاتي بلغت أعمارهن ما بين 45 و49 حين تزوجن قبل أن يصلن إلى سن الـ18 عاما 48 % في حين أصبحت الآن بين النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 20 و24 لا تتجاوز الـ35% فقط.
وقد أشارت الإحصائيات إلى أن الزواج المبكر من الفتيات هو المسئول عن وفاة 70000 حالة سنويًا بسبب مشاكل النفاس المرتبطة بالحمل والولادة كما يتعرض 60% من الأطفال الذين تنجبهن أم دون الـ 18 من عمرها لخطر الوفاة عند الولادة كذلك أو خلال عامه الأول وإن لم يتوفَّ في هذه المرحلة فيكون عرضة للإصابة بنقص الوزن عند الولادة وسوء التغذية وتأخر النمو البدني والإدراكي.
وربما يرجع السبب وراء انتشار زواج الفتيات القصر إلى كونه مجرد عادة اجتماعية ترتبط بشكل أكبر بهذا التمييز المتأصل بين الجنسين وقد يرتبط بمشاكل أخرى تتعلق بالزيادة السكانية، حيث إنه يتيح الفرصة لتكرار الحمل خاصة عندما يبدأ في سن مبكرة بالإضافة إلى مشاكل أخرى تتعلق بالتمييز في التعليم للذكور دون الإناث.
كذلك وقد ترتبط تلك العادة بالظروف الاقتصادية وربما تزيد مع تلك الأزمة العالمية، حيث يتم التعامل مع زواج الفتاة مبكرا على أنه حل للتخلص من أعبائها الاقتصادية.
وتهدف منظمة اليونيسيف من خلال التعاون مع المجتمعات المحلية إلى التصدى لتلك الظاهرة والارتفاع بسن الزواج لما هو فوق الـ18 عاما عن طريق وضع خطط لرفع مستوى الوعى وإجراء المناقشات الاجتماعية سواء على المستوى المحلى أو الوطنى كما أنها تحث الحكومات على المساعدة من خلال التشريعات والسياسات والخدمات الوطنية.
اضف تعليقا